هل نحتاج إلى منافقة السعودية؟
تقوم العلاقات بين الدول على الاحترام المتبادل ، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية ، ويزيد عليها حسن الجوار بين الجيران بالطبع ، وهذه ابجديات العلاقة بين الدول ، ولايمكن ان تجد أحدا يقول بغير ذلك ، لكن عند الاختبار يتبين صدق المواقف من الادعاء.
ونحن فى السودان – وكذا عند الآخرين – لا مشكلة لنا مع الشعوب الأخرى بعيدة ام قريبة ، وإنما فقط تقع الخلافات بين الانظمة، وتنعكس هذه التوترات سلبا على الشعوب.
اذا أخذنا المملكة العربية السعودية كمثال فلابد من الإشارة اولا إلى حقائق ثابتة لا تقبل الخلاف حولها ، وأهمها ان السعودية دولة مهمة ومحورية لايمكن تجاوزها ، وأنها بمثابة الاخت الكبرى لنا ، والجميع يتمنى لها الخير والاستقرار .
وفى السعودية يعمل عدد كبير جدا من السودانيين ، وقد اسهموا بقدر معتبر فى رفد الإقتصاد السودانى ، بما يجنوه من عملهم فى هذا البلد ، والسودانيون محل ترحاب من
إخوانهم السعوديين ، وقد نالوا احترام المجتمع هناك.
ونتساءل هل تعاملت السعودية معنا باحترام ؟ ام مكنها ضعف الحكام عندنا فى التعامل معنا بما لا يليق؟
عبر الراسمالى السعودى عدنان خاشقجى المقرب حينها من الأمير فهد بن عبد العزيز (الملك لاحقا ) اقيمت علاقات مع نظام نميرى خارج الاطر الرسمية واسفرت عن تورط السودان فى ترحيل اليهود الفلاش فى خطوة تعتبر وصمة عار فى جبين كل من له علاقة بهذا الملف الأسود ، فهل كانت القيادة السعودية بهذا العمل تحترم السودانيين؟
وجاءت الخطوة الخرقاء لصدام حسين باحتلال الكويت وموقف الحكومة السودانية الذى كان بين الخطأ ، لكن الحكومة السعودية اتخذت من الاجراءات القاسية على السودان ما كان عقابا للشعب ، وكأنه هو الذى ايد دخول الطاغية صدام إلى الكويت فى عمل اقل مايوصف به انه عقاب جماعى نجا منه النظام ووقع سوطه على الشعب.
وجاءت كارثة الحرب على اليمن وما لحقنا فيها من عار ما زالت اثاره تخيم علينا ، وستبقى نقطة سوداء فى جبين الحكام فى البلدين ، وسيسجل التاريخ ان النظامين السعودى والسوداني قتلا اشقاءهم اليمنيين فهل يمكن أن تمر هذه بدون توقف؟ حتما لا.
و اندلعت الثورة الشعبية العارمة ضد البشير ونظامه الفاسد ، ووقفت السعودية مع الطاغية ، حتى إذا تبين لها انه خاسر حتما أعلنت تاييدها للثورة ، لكنها كانت فى الحقيقة معيقة للتحول الديموقراطى ، ولعبت هى والإمارات دورا كبيرا فى ذلك ، وتكفى شهادة وزير المالية حينها الدكتور إبراهيم البدوى الذى لايتهمه احد بمعاداة الرياض وابو ظبى ، بل هو أحد حلفائهما ، او بالأحرى جميعهم ابناء أمريكا ومؤيدى مشاريعها.
بعد هذا الذى سردناه – وهو نذر يسير مما يمكن أن يقال – كيف يتاتى لعضو مجلس السيادة الاستاذ الطاهر حجر ان يتحدث عن مواقف مشهودة للسعودية فى دعم الشعب السودانى؟ وكان حجر يتحدث فى احتفال السفارة السعودية في احتفال ذكرى يوم التاسيس ونقول للسيد حجر اما زلنا نحتاج إلى منافقة السعودية؟ أليس هذا الذى تقوله هو الباطل بعينه؟
سليمان منصور