نشب سجال بين الحزب الجمهوري السوداني، أحد مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير، والحزب الشيوعي السوداني، حول “منشأ” مشروع الدستور الانتقالي المقترح الذي بات محور الجدل في الساحة السياسية السودانية، فيما شدد خبير قانوني ضليع على ضرورة الاهتمام بمحتوى مسودة الدستور المطروحة وتصحيحها، لا الاشتباك حول من صاغها.
وتأسفت الأمين العام للحزب الجمهوري، اسماء محمود محمد طه، على حديث القيادي بالحزب الشيوعي صالح محمود، عن أن الدستور الانتقالي أعدته جهات أجنبية، لجهة أن الحديث العاري من الصحة روجت له فلول النظام البائد.
وظل منسوبو النظام البائد يشيعون بأن وثيقة الدستور الانتقالي التي طرحتها نقابة المحامين السودانيين، ووافقت عليها أطراف الأزمة بأن تكون أساساً للعملية السياسية، صناعة أجنبية وأنها ضد الدين، دون التطرق لمحتواها وتفصيل مخالفتها للدين.
وكان مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي، صالح محمود، قال في تصريح صحقي نشر قبل يومين إن اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين لم تجتهد في صياغة وثيقة المشروع الانتقالي.
وكشف، بحسب صحيفة (الحراك السياسي)، عن تكليف امرأة من دولة جنوب أفريقيا للقيام بصياغة وثيقة نقابة المحامين، وأضاف أن مشروع الوثيقة أجنبي ومستورد بالكامل وأن السفير السعودي أشرف على عملية الوثيقة.
ورداً على صالح محمود، قالت اسماء محمود محمد طه في مداخلة بقروب (واتساب) يضم ثلة من السياسيين والإعلاميين والمثقفين، واطلع عليه محرر (الديمقراطي): “حقيقة عجبتُ وحزنتُ أن يصدر مثل هذا الحديث من الأخ صالح محمود القانوني الشهير ومسؤول العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي، ومصدر عجبي وحزني أن هذه العبارة أطلقها الفلول وشاعت حتى صدقها عامة الناس قليلو الاطلاع والمعرفة.. أما أن يصدر من قانوني ضليع فهذا شئ محير ومثير للقلق وللشفقة”.
وأكدت أسماء محمود محمد طه، أن “من قام بصياغة مشروع الدستور قانونيون سودانيون، وقامت لجنة مكونة من عدد من القانونيين، والأكاديميين وممثلين للأحزاب السياسية والمجتمع المدني وحركات الكفاح المسلح ..الخ، بقراءة ومراجعة ما أعد”.
وأضافت: “لقد حظيتُ وتشرفتُ بأن أكون واحدة منهم.. عكفنا على مدى أيام طويلة على قراءة مواده جميعها، وجرى حوار خصب واختلافات في الرؤى في كثير من مواده، ثم أخذ هذا المجهود إلى لجنة أخرى من خبراء القانون الدستوري حيث قاموا بمراجعته وتم إرجاعه مرة أخرى إلى لجنة الصياغة لمراجعة التعديلات وأجازتها”.
وأشارت إلى أن مشروع الدستور الانتقالي عرض للشعب السوداني لإبداء الرأي حوله، كما عُقدتْ ورش عمل وندوات للحوار العام، ثم كُونت لجنة لجمع التعديلات والآراء التي عرضت في وسائل الإعلام المختلفة لمراجعة المشروع وفقها.
وتابعت: “عموما المشروع سوداني، قام بتقديمه قانونيون أجلاء، والحمد لله أن السودان يزخر بهذه الكفاءات ولا أعتقد أننا نعجز عن وضع مشروع دستور انتقالي، وقد شهد السودان دساتير متعددة منذ العام 1956 قام بصياغتها قانونيون مشهود لهم بالكفاءة، ويبقى السؤال لكل معترض على هذا المشروع ما هو الرأي في محتواه؟”.
وأكدت أن “العمل تم تطوعا من أجل الوطن ومن أجل حياة سعيدة ومستقبل آمن لبناتنا وابنائنا، يؤمّن حقوقهم الدستورية في وطن يقوم على المواطنة ويؤسس لدولة الحقوق المتساوية والواجبات”.
من جانبه دعا الخبير القانوني السوداني الضليع، سيف الدولة حمدنا الله، إلى الاهتمام بمحتوى مسودة الدستور المطروحة وتصحيحها، لا الاشتباك حول من صاغها.
وقال في تدوينة على صفحته في (فيسبوك): “الذين يؤسِّسون إعتراضهم على أن صياغة مسودة الدستور الإنتقالي قد تمت بواسطة جهة أجنبية – وهو إدعاء غير صحيح ولا دليل عليه – فات عليهم أن (معظم) قوانين السودان الحالية وُضِعت بأيدي المستعمر الانجليزي، وجزء يسير منها تلك التي طالها التغيير أو التعديل. فالإهتمام ينبغي أن ينصرف نحو محتوى المسودة وتصحيحها لا الاشتباك حول من صاغها”.
وفي تدوينة أخرى على صفحته تساءل الخبير سيف الدولة عن مصير ملاحظات أدلى بها حول مسودة الدستور الانتقالي.
وقال إنه تقدم بـ (32) ملاحظة على المسودة “منذ 26 سبتمبر الماضي لنقابة التسيير، بعضها يتصل بملاحظات/ أخطاء في الموضوع وأخرى بمثلها في الصياغة”.
وتابع :”خشيتي أن تركب الحرية والتغيير رأسها بتجاهل الملاحظات التي يقدمها أمثالي من الجمهور، ثم نعود ونلطم من أخطاء الوثيقة كما حدث بشأن الوثيقة الدستورية السابقة”.
وتشير (الديمقراطي) إلى أن مشروع دستور السودان الانتقالي، نص على الاستمرار في تصفية وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، وإلغاء الوثيقة الدستورية لسنة 2019، على أن تظل كل القوانين الصادرة بموجبها سارية المفعول ما لم تعدل أو تلغى.
كما نص على إلغاء كل القرارات التي صدرت بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، بما في ذلك الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي أبرمت بعد الانقلاب وحتى بدء سريان الدستور.
المصدر: الديمقراطي