بدأت الهيئة القومية للطرق والجسور في السودان بتطبيق زيادة جديدة على رسوم العبور للشاحنات والسيارات بعد موافقة وزارة المالية والاقتصاد على مقترح الهيئة.
واستنكرت مصادر مطلعة في غرفة النقل الزيادات الأخيرة، قائلة إن وزارة المالية وهيئة الطرق ليست لديهما أي مشروعات إيرادية غير (جيب المواطن).
وقالت إن “الغرفة تطالب بوقف تلك الزيادة، لأنها ثقيلة على المواطنين، وإن وزارة المالية تريد من غرفة النقل تحميل الزيادة على المواطن”.
وكانت قيمة رسوم العبور من بورتسودان إلى الخرطوم في الفترة السابقة 5 آلاف جنيه بطريق (بورتسودان/ كسلا/ الخرطوم)، وبعد الزيادة أصبحت 35 ألف جنيه (الدولار = نحو 578 جنيهاً)، بالإضافة إلى زيادات رسوم طرق أخرى.
ويقول مختص في عمليات تحصيل الرسوم، مفضلاً حجب اسمه، إن هذه الزيادة الكبيرة في رسوم استخدام طرق المرور ستقود إلى إفساد التدابير الخاصة بتحصيلها في بعض محطات التحصيل، مشيراً إلى عدة وسائل يمكن اتخاذها للتهرب، منها السماح لبعض السيارات بالعبور دون تسديد الرسوم المقررة نظير الحصول على مبالغ مالية لمصلحة الموظفين الشخصية.
ويقول سائق شاحنة، عبد الله محمدين، إن الرسوم تمثل عقبة للسائقين، وبالتالي إن الكثير منهم يدفع “رشى” من أجل المرور دون تسديد الرسوم المقررة بمحطات التحصيل.
أما السائق في طريق المرور السريع، إسماعيل محيي الدين، فيقول إنه بعد حسم مصروفات الوقود ودفع رسوم العبور يكون العائد المالي ضعيفاً للغاية، لذلك نجد أن معظم السائقين يدفعون مبالغ رمزية لدى وصولهم إلى محطة التحصيل، في مقابل السماح لهم بالعبور دون تسديد الرسوم المقررة رسمياً والحصول على الوصل.
وسبق أن استعاضت وزارة الطرق والجسور عن موظفي التحصيل التابعين للوزارة بالتعاقد مع شركات لتقوم بعمليات التحصيل في كل الطرق القومية بالبلاد، وذلك بهدف رفع نسبة الإيرادات من المستوى المتدني الذي ظل يلازمها، بالإضافة إلى تفادي شبهات الفساد التي ظلت تحوم حول محصليها.
ومن جانبه، ذكر سائق شاحنة يعمل في خط الخرطوم – نيالا، أن الزيادة التي فُرضَت على رسوم العبور عالية، وبرغم أنهم يسددونها لمرة واحدة، إلّا أن ذلك يؤثر سلباً بالعائد المالي الذي يحصلون عليه.
وأضاف أن الزيادة تمثل عبئاً جديداً يُضاف إلى ارتفاع قيمة الوقود وقطع الغيار والصيانة، ولا سيما أن معظم السائقين لا يملكون السيارات التي يعملون عليها، بل يعملون لدى مالكيها مقابل تلقي نسبة محددة من العائدات.
وفي هذا السياق، يقول الاقتصادي السوداني محمد توم لـ”العربي الجديد” إن هذه الوضعية الإفسادية التي فرضتها الجهات الحكومية برفع قيمة الرسوم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد والركود العام بسبب تدني الإنتاج، تُسهم في مفاقمة معيشة السودانيين.
ويضيف: هذا يؤدي إلى تقويض الهدف الرئيسي من فرض رسوم استعمال الطرق، وهو استحداث موارد إضافية لوزارة الطرق والجسور لاستخدامها في صيانة الطرق القائمة وتطويرها وتشييد طرق جديدة، إذ إنه على الرغم من زيادة هذه الرسوم، فإن حالة الطرق عموماً رديئة بسبب عجز الوزارة المختصة عن صيانتها وتطويرها، نظراً لضعف إيراداتها وتسربها.
وكشفت دراسة أعدتها وزارة الطرق عن وجود 3292 كيلومتراً من طرق المرور السريع تحتاج إلى صيانة عاجلة، وأن الموارد المتاحة تكفي لصيانة 3% منها. كذلك إن الرسوم المتحصلة من استعمال طرق المرور السريع تكفي فقط لصيانة 4% من هذه الطرق. ورأت هيئة الطرق والجسور أن التردي في حالة الطرق وعدم تطويرها يؤدي إلى زيادة حوادث المرور.
الخبير الاقتصادي توفيق بابكر، يقول لـ”العربي الجديد” إن ارتفاع قيمة الرسوم يؤدي إلى استشراء الفساد، ولذا على الوزارة معالجة هذه المشكلة، ودراسة الأمر من جوانبه كافة.
المصدر: العربي الجديد