تدهور مربع في قطاعي الصناعة والخدمات
كارثة حقيقية يمر بها القطاع الصناعى فى بلادنا ، وينعكس ذلك سلبا على كل الاصعدة وعلى راسها قطاع الخدمات ، مما يعمق مشاكل البلد ، ويزيد معاناة الناس ، ويجعل الحياة اكثر صعوبة على صعوبتها الحالية.
التقارير تتحدث ان الاشهر الماضية شهدت تراجعا كبيرا فى الصناعة ، وتوقفت العديد من المصانع لأسباب عديدة ، اهمها انعدام الكهرباء والوقود وغلاء الأسعار والى غير ذلك من العقبات التى ظلت تحيط بهذا القطاع وتشل حركته وتمنعه من الاستفرار والاسهام فى الاقتصاد الكلى للبلد.
وفى الانباء ان 70 ٪ من المصانع في منطقة صافولا (جنوب الخرطوم) متوقفة تماما عن العمل ، وما يزعج اكثر من 90٪ من المستثمرين الاجانب قاموا بعرض مصانعهم للبيع بأقل من تكاليفها ، وذلك بعد ان ايقنوا بصعوبة استمرارهم ، وبالطبع هناك العديد من الأسباب الواضحة التى ادت لانحسار النشاط الصناعى والخدماتى فى البلد وتتحدث التقارير ان ذلك تم بنسب تراوحت بين 30 و 40 في المئة خلال الأشهر الثلاث الماضية بحسب خبراء وعاملين في القطاع، ومن هذه الاسباب تدهور و ارتفاع تكاليف الإنتاج والزيادة الكبيرة في أسعار الطاقة والرسوم الخدمية.
وقال صاحب مصنع لإنتاج المواد الغذائية في مدينة أم درمان ، إنه والكثير من المستثمرين في القطاع اضطروا إلى تقليص أنشطتهم إلى حد البقاء فقط وتسريح المئات من العاملين ، في حين خرج آخرون من السوق بشكل نهائي بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها خلال الفترة الأخيرة ، بسبب ارتفاع تكاليف استيراد مدخلات الإنتاج والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي والذي يدوم أحيانا لأكثر من 6 ساعات رغم مضاعفة الفاتورة بأكثر من 1000 في المئة.
وأوضح أن رسوم الخدمات والجمارك باتت تشكل عبئا كبيرا على المستثمر ، وتبتلع النسبة الكبيرة من هوامش أرباحه الضئيلة أصلا.
وفي ظل انخفاض قيمة الجنيه السوداني وشح النقد الأجنبي وارتفاع كلفة الاستيراد ، يواجه أصحاب المصانع صعوبة كبيرة في توفير مدخلات الإنتاج من الأسواق الخارجية.
وبسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية وتوحيد أسعار الصرف، ارتفعت قيمة التعرفة الجمركية لمعظم السلع بنسب كبيرة للغاية حيث أصبحت قيمة الدولار الجمركي تقاس بسعر 445 جنيها للدولار الواحد بعد أن كان يحسب على أساس 18 جنيها للدولار.
ومما زاد من أعباء الاستيراد فرض بعض شركات الشحن ضريبة مخاطر تصل إلى ألفي دولار بسبب حالة عدم الاستقرار وإغلاق الميناء الرئيسي في البلاد لفترة طويلة خلال العام الحالي.
وارتفعت خلال الفترة الأخيرة رسوم الموانئ بأكثر من 300 في المئة، كما تضاعفت رسوم أرضيات الموانئ 4 مرات تقريبا ، هذا إضافة إلى ارتفاع رسوم شحن الحاويات بنحو 500 في المئة من بعض الموانئ مثل الموانئ الصينية.
ومن المعروف تأثر القطاعات التجارية بشكل عام بارتفاع تكاليف الخدمات، ولجوئها بالتالي إلى زيادة أسعار السلع من أجل التأقلم مع الواقع الجديد، لكن في المقابل تنخفض القدرة الشرائية لدى المستهلك بشكل كبير.
ويرى خبراء أن الارتفاع الكبير في أسعار الخدمات والرسوم هو انعكاس مباشر لما يعانيه الاقتصاد السوداني في الوقت الحالي ، وفقدان الحكومة لأطر التعاون الدولي بعد تعليق البنك الدولي وصندوق النقد والولايات المتحدة والبلدان الأوروبية تدفقات بأكثر من 4 مليارات دولار في أعقاب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر.
وحول الصعوبات التي تواجه القطاع الصناعي في البلاد، قال محمد شيخون أستاذ الاقتصاد في الجامعة السودانية، إن هناك عوامل أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج وقصور السياسات المالية والتمويل، إضافة إلى حالة الكساد الحالية التي انعكست على جميع القطاعات الاقتصادية.
وأوضح شيخون في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “التدهور المريع في قيمة العملة الوطنية شكل مصدر تهديد للصناعات الوطنية التي تعتمد على الاستيراد لتغطية نحو 60 في المئة من احتياجاتها من مدخلات الإنتاج”.
وحذر شيخون من الانعكاسات الخطيرة لرفع فاتورة الطاقة حيث تضاعفت أسعار الكهرباء والمحروقات بنسب كبيرة خلال الأشهر الماضية ، ما دفع بالكثير من المستثمرين في القطاع الصناعي إما لتقليل أنشطتهم أو الانسحاب تماما من السوق.
ولفت شيخون إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والزيادة في أسعار الخدمات وغياب رؤية استراتيجية واضحة كلها أسباب جعلت العديد من المستثمرين يحجمون عن العمل الصناعي.
سليمان منصور