حذر سياسيون واقتصاديون من استهتار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر والعالم، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كورونا.
وقال السيسي أثناء افتتاحه مشروع “مستقبل مصر” للإنتاج الزراعي، إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، “حوصر في شعب أبي طالب مع صحابته 3 أعوام، وقطع عنهم الطعام والشراب لدرجة أنهم أكلوا ورق الشجر”.
وأضاف: “محدش من الصحابة قال له والنبي قول للملائكة تجبلنا ناكل ولا المياه تتفجر من تحتنا وربنا قادر يقول كن فيكون، لأن أحنا مش كدة”.
ويواجه اقتصاد مصر تبعات سلبية خطيرة نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت 24 شباط/ فبراير 2022، حيث سحب مستثمرون أجانب نحو 20 مليار دولار من أسواق أدوات الخزانة المصرية، وفق تصريح سابق لرئيس الوزراء المصري.
وتعاني البلاد من تفاقم العجز في الحساب الجاري مع ارتفاع تكاليف الواردات وتضاؤل عائدات السياحة، وتضخم حجم الديون الداخلية والخارجية وفوائدها وأقساطها، وتراجع معظم الأنشطة الاقتصادية، مع ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر.
أزمة اقتصادية طاحنة في الأفق
في هذا السياق، أكد السياسي المصري، خالد الشريف، أن “حديث السيسي يأتي في ظل كارثة اقتصادية وأزمة خانقة يعيشها الشعب المصري بسبب سياسات السيسي الفاشلة في إدارة موارد البلاد الاقتصادية وتبديد ثرواتها ونهب خيراتها.. هو يستبق حالة الغضب الشعبي والفقر المدقع الذي يعيشه المصريون بالحديث عن حصار شعب أبي طالب، في محاولة لخلط الإيمان بالاستبداد، لكن قريشا هي التي حاصرت المسلمين يومها لكن المصريين محاصرون فقراء بسبب السيسي وسياسته القمعية وإدارته الفاشلة وفساده العارم”.
وأوضح لـ”عربي21″ أن “دلالة حديث السيسي واضحة أنه يريد أن يقول للمصريين اصبروا أكثر وأكثر حتى لو أكلتم أوراق الشجر والقمامة ما دمت معكم، يريد منهم التضحية والبذل من أجل استمرار حكمه وطغيانه”.
وأشار الشريف إلى أن “العالم مقبل على أزمات طاحنة اقتصادية ومصر ستكون أكثر عرضة للأزمات الغذائية في ظل تصاعد الحرب في أوكرانيا وهي مرشحة أن تكون عالمية وتطال الصين وأوروبا وأمريكا”.
والسيسي ليس لديه أي خيارات، بحسب السياسي المصري، سوى المزيد من الفشل والقمع والفقر المرشح للتصاعد في مصر بل مصر ودول أخرى معرضة للمجاعة وهو ما يعلمه السيسي وهو يهيء المصريين لهذه المجاعة دون الأخذ بأي أسباب لمواجهة هذه المجاعة.
إجراءات تقشفية منهكة للمواطن
وفي نيسان/ أبريل الماضي، توقع السيسي استمرار أزمة ارتفاع أسعار السلع العالمية، وقال في تصريحات متلفزة أثناء حديثه مع المحافظين عبر الفيديو: “الأزمة دي (هذه) قد تطول شوية وآثارها موجودة معانا ولازم من دلوقتي نكون شايفين ده وبنتعامل معاه، إحنا عايزين يكون في تصور أن السلعة تكون متوفرة لشهور قادمة بأسعار معقولة وذلك لتخفيف العبء على المواطنين ونبذل المزيد من الجهد”.
واضطرت الحكومة المصرية في 21 آذار/مارس 2022، لرفع سعر الفائدة بنسبة 1 بالمئة، وخفض قيمة عملتها المحلية بحوالي 14 بالمئة، والدخول في محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض محتمل ما بين 8 و10 مليارات دولار.
وتضمنت موازنة مصر للعام المالي الجديد 2022/ 2023، التي وصفت بأنها “موازنة استثنائية” أرقاما غير مسبوقة في تاريخ ميزانيات البلاد السابقة، سواء من حيث حجم الإنفاق أو الإيرادات أو الديون، أو الضرائب التي تشكل غالبية الإيرادات.
واستحوذت الإيرادات الضريبية في مشروع الموازنة العامة الجديدة للحكومة المصرية على نصيب الأسد لتبلغ نحو 77% من إجمالي الإيرادات المتوقعة لعام 2022/2023، في ظل سياسة الدولة في زيادة حصيلة الضرائب خلال العقد الأخير.
وللمرة الأولى سوف تتخطى حصيلة الضرائب حاجز التريليون جنيه في مصر؛ ووفق تقديرات وزارة المالية سوف تقفز بنسبة 18.9% خلال العام المالي الجديد لتبلغ 1.17 تريليون جنيه مقابل 983 مليار جنيه في العام المالي الجاري.
تقديرات أسوأ من المتوقع
في تقديره للأزمة الاقتصادية، قال الخبير الاقتصادي والاستراتيجي، علاء السيد، إن “الأزمة أكبر من إمكانيات الدولة، وأسوأ مما توقع كثيرون حول العالم من المؤسسات المالية وخبراء الاقتصاد، مصر لا يوجد بها دولار حقيقي وإنما ودائع مستحقة السداد، وبالتالي فإن مخزونها الاستراتيجي من السلع الأساسية مهدد بالنفاد”.
وتوقع في حديثه لـ”عربي21″: أن “تكون تصريحات السيسي المتكررة بشأن حجم الأزمة الاقتصادية هي من باب الأخذ بالأسباب والاستعداد لمرحلة اقتصادية صعية، أو كما عنوان الرواية الشهيرة لتشارلز ديكنز الإنجليزي “أيام عصيبة”، ستنال كثيرا من مدخرات وقدرات المصريين على مجابهة الحياة اليومية”.
ولم يستبعد الخبير الاستراتيجي أن “يكون أسوأ شكل من أشكال الأعباء الاقتصادية هو انخفاض الجنيه، كما سيفرض صندوق النقد الدولي شروطه، وترك الجنيه المصري لآليات السوق ما يعني المزيد من الانخفاض وهو أمر مضر بالمصريين، ولا توجد خطة واضحة للخروج من الأزمة إلا بالديون والمزيد من الاقتراض وبيع أصول وممتلكات الدولة وذهبها”.
ارحل يا سيسي
وأثارت تصريحات السيسي، جدلا لدى النشطاء المصريين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تذكيرهم بحصار النبي عليه السلام وقومه، وهو (السيسي) جالس في قصوره، ويشيد عاصمته الجديدة بأبراج تعانق السماء، معتبرين أن التراث الذي طالما انتقده السيسي أصبح وسيلته لحث المصريين على الصبر وللدفاع عن أخطائه.
وتصدر وسم “ارحل_يا_سيسي” وورق الشجر منصات التواصل الاجتماعي، وتساءلوا لماذا تبدلت وعود الرجل من العيش الرغيد إلى تحمل الجوع والحصار، وقال بعضهم حوصر النبي وأصحابه ٣ سنوات في شعب أبي طالب حتى أكلوا ورق الشجر.. ولم يطلب الصحابة من النبي شيئا، ذلك لأنه كان معهم، يجوع معهم، ويأكل ورق الشجر معهم.. يقول ما يفعل، ويتحمل تبعاته، قبل غيره، وأكثر من غيره، كان “رجلا”.
المصدر: عربي21