بالحسم والحزم نحمي أنفسنا
منذ أمد ليس بالقريب ، والأمور تمضى نحو الاسوأ ، ولا اتحدث هنا عن التدهور الاقتصادى ، ولا عن انهيار الخدمات ، ولا عن الوضع السياسى المضطرب ، وليس كلامى عن إخفاقات سلطة الانقلاب المشؤوم فى 25 اكتوبر ، وعجزها البين عن إدارة البلد ، فكل هذه وغيرها اسباب تستحق الحديث عنها وتناولها بالتفصيل ، ولكننى اتحدث اليوم عن أمر بالغ الأهمية والخطورة ، الا وهو انفراط الأمن ، وعدم ثقة الناس فى الجهات الرسمية ، وهذه احدى نتائج الانقلاب المشؤوم ، لكنها بحق إحدى اخطر تداعياته ونتائجه السلبية ، فانعدام الأمن يعنى بالضرورة انعدام أى امل في الإصلاح .
ظلت العديد من المناطق وبالذات في العاصمة (الخرطوم الكبرى ) تعانى انفراطا أمنيا ونشاطا مكثفا للعصابات المجرمة التى تعيث فى الارض فسادا ، تسرق وتنهب وترتكب الموبقات ، وصولا إلى القتل لأتفه الأسباب ، واحيانا من غير سبب مما دفع العديد من الناس الى التفكير الجدى فى ترتيب أوضاعهم لحماية أنفسهم بالجهد الذاتى ، خاصة فى ظل التراخى الكبير والمؤسف للجهات الأمنية عن أداء دورها الواجب عليها القيام به ، بل إن بعض مراكز الشرطة ليست فقط لاتتحرك استباقا لوقوع الجريمة وحماية للمواطنين ، وانما حتى بعد وقوع الفظائع ، وارتكاب هذه العصابات لعملياتها الإجرامية فان الشرطة (نقول فى بعض الحالات ولانعمم ، وان كان رأى البعض أنها حالات كثيرة أوشكت أن تكون هى الغالب على سلوك الشرطة وردة فعلها ) تتاخر فى ملاحقة المجرمين ، وحتى الذين يتم القبض عليهم يتمكنوا بسهولة من الإفلات والعودة إلى ارتكاب جرائمهم .
تناولت مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة الهجمة القوية التى نفذتها بعض العناصر الإجرامية صباح السبت على أحياء امتداد ناصر والصفا وبرى ، إذ هجمت مجاميع كبيرة من عصابات النيقرز المتفلتة فى وقت واحد على المساكن ومن تصادف مرورهم بالشارع فى هذا الوقت المبكر جدا ، ولولا يقظة أهل هذه الأحياء وتوحد كلمتهم وتلاحمهم الكبير ، لولا ذلك وبفضل الله تعالى ولطفه اولا نجت هذه المناطق من كارثة محققة كانت ستقع ، والحمد لله على فضله ولطفه .
ان ماحدث بامتداد ناصر وبرى وحى الصفا يمكن أن يحدث في أى مكان آخر داخل العاصمة أو خارجها ، ويقتضى ذلك الانتباه الكبير والحذر الشديد والمراقبة التامة وترك الغفلة والتفريط حتى لا يؤخذ الأبرياء على حين غرة كما أراد ذلك من هم خلف هذا العمل الجبان….نحمي انفسنا….
بتنظيم الناس أنفسهم وترتيبهم لامورهم فإنهم يحمون عرضهم وأهلهم وممتلكاتهم ، وفى ظل التردى المريع فى الوضع الأمنى والغياب شبه المنظم للشرطة وتراخيها عن أداء دورها والقيام بواجبها ، وفى ظل انعدام ثقة الناس بالجهات الرسمية لم يبق خيار غير الاستعداد بشكل شخصى والعمل على أن يوفر الناس امنهم بانفسهم ، وهذا بالطبع أمر مؤسف ما كنا نرغب فيه لكن اضطرتنا له ظروف نتمنى أن تزول ، ويعود البلد إلى الوضع الطبيعى ونتمنى أن يكون ذلك قريبا .
سليمان منصور