سكوت أهل الحق جرأ عليهم أهل الباطل
من الغريب أن يجد البعض الجرأة فيكيلون التهم جزافا للآخرين -افرادا وكيانات – ، دون تبصر أو ورع ، وفى المقابل يستحى أهل الحق من الدفاع عن حقهم ، ويجدون حرجا بالغا ، وهم يحاولون بيان الحقائق ، وكشف الزيف الذى يمارسه أهل الباطل فى اتهامهم للمجاهدين كأفراد وكيانات ، مما يؤدى بكل اسف إلى مؤازرة أهل الباطل وخذلان الحق ، وهذا بدوره قد يقود لاسمح الله إلى الإسهام بقصد او دون قصد فى الاضرار بالمؤمنين المجاهدين ، والحالة الأبرز عندنا هى التهجم المستمر دون كلل أو ملل على الحشد الشعبى فى العراق ، تشويها لصورته ، ومحاولة لإبقاء الأجواء متوترة حياله ، عسى أن يفلح ذلك فى الترويج لدعاية الاعداء بوصفه إرهابيا ، والدعوة لحله ، أو على الأقل تجريمه ، وتجريم قادته ، وصنع جدار حاجز بينهم وشعبهم ، قد يسهم فى تخفيف أى احتجاج أن قرر العدو ان يستهدف الحشد ككيان ، أو رموزه وقادته فى اشخاهم .
نقول هذا الكلام ونحن نتابع بكل اسف ما يتم الترويج له بكثافة فى العراق من بسط ثقافة أن يجاهر المطبعون بالتعبير عن آرائهم ، والدفاع عن الاتصال بالعدو ، والتنسيق معه ، وصولا إلى التجاسر بعقد مؤتمر فى اربيل يجس النبض ، ويقرا رد الفعل ، حول نية بعض الساسة الاقدام على المناداة بالتواصل مع العدو الصهيونى ، وعدم وجود مانع عندهم من التطبيع معه ، متناسين ان العراق بلد الجهاد والمقاومة ، وفيه المرجعية الدينية التى عرفت بتاريخها الناصع فى التصدى للهجمة التكفيرية المتمثلة فى داعش ومشروعها الدموى الفتنوى التخريبى ، وجاءت فتوى الجهاد وتأسيس الحشد الشعبى كاحدى الاشراقات فى صفحة الجهاد العراقى المليئة بالإنجازات ، فالمرجعية هى التى دعت إلى مناصرة الشعوب المناهضة للاستعمار فى ليبيا والجزائر وتونس ، ودعمت جهود الشعوب للتحرر من السلطات الباطشة الجاثمة على صدرها ، وفى موضوع فلسطين ومظلوميتها لايمكن قط المزايدة على العراقيين وقيادتهم الدينية والوطنية، فكيف والحال هذا ان نرى آلبعض دون خجل يسعى إلى الترويج لمقولات بالية مفادها أن العراق لاشان له بما يجرى فى فلسطين ، ويحاول أصحاب هذا الرأى جعل هذا النداء هو الطاغى فى الشارع العراقى ، مع أنه ليس من الإنصاف فى شيئ قول أن العراقيين منقسمين حول موضوع التطبيع ، وأن قطاعا منهم موافق على التواصل مع العدو ، مع التجاهل المتعمد للمواقف الحاسمة والواضحة من مناصرة القضية الفلسطينية ، والدعوة إلى مجابهة الاحتلال الصهيونى .
ان الرافضين للتطبيع الداعين إلى محو إسرائيل من الوجود هم الأكثر فى الشارع العراقى ، ولا مقارنة بين الجماعتين ، لا من حيث العدد ولا الامتداد الجماهيرى ولا الإرث الجهادى الوطنى ، لكن حقا أهل الباطل لايستحون ، فى حين أن أهل الحق يتكاسلون عن نصرة موقفهم ، والجهر بباطلهم ، والترويج له ، حتى لتخال أنهم هم الاقوى موقفا ، والأعلى صوتا ، والاكثر تأثيرا ، وكلها أوهام واباطيل ، وصدق من قال إن سكوت أهل الحق جرأ اهل الباطل .
سليمان منصور