الفتنة نائمة
منذ استعار الحرب فى دارفور ، والنبرة التى تحمل فى طياتها بذور الفتنة ، هذه النبرة تعلو وتخبو ، بحسب الظرف ، ونشاط البعض ، وتدخل الحكماء احيانا بهدف وضع حد لمحاولات جر البلاد إلى مأزق بتصوير الصراع وكانه فى الأساس استهداف مكون قبلى واثنى لآخر ، وايقافا للسعى المتواصل للبعض وسباقهم المحموم للاستقطاب الحاد ، الذى يؤدى بدوره إلى انقسام المجتمع على أساس عرقى ، ويصبح الفرد مستهدفا فقط لانتمائه العرقى أو المناطقى ، وهذا بالطبع يعقد الأوضاع ، ويؤدى لتمزيق النسيج الاجتماعى ، ويفكك المجتمع ، نقول إن جهود الحكماء والمخلصين عملت إلى إيقاف هذا الوضع الغير طبيعى حماية للبلد والناس ككل.
وقد سعى كثيرون إلى إقناع الأطراف كافة بأن التعايش السلمى الذى ظلت تنعم به دار فور بمكوناتها الاجتماعية المختلفة ضرورة يجب الحفاظ عليها وحمايتها من أصحاب الأجندة الخاصة ، والمرتبطين بأجهزة مخابرات ، تجتهد أن تؤزم الأوضاع ، وتثير الرعب فى الإقليم ليبقى مضطربا ، لايعرف الاستقرار والعيش المشترك ، وهذا يمكن المتربصين وأصحاب المطامع من الوصول إلى أهدافهم ، ونيل مرادهم ، ولن ينجح هذا المشروع التخريبي الفتنوى الا بانسياق بعض السودانيين كيانات أو أفرادا خلفه وتنفيذهم له ، بحثا عن مصالح ضيقة خاصة لاعلاقة لها بالمصلحة العامة بل هى تتعارض معها ، هؤلاء الذين يعملون مع الأجنبى ، (بغض النظر عن ماهيته) ، اضرارا باهلهم ، وتمزيقا لوطنهم ، إنما يسهمون بشكل أساسى فى اعاقة جهود الطيبين المخلصين ، الساعين إلى إعادة دارفور إلى سيرتها الاولى ، تنعم بالأمن والسلام ، ويعيش أهلها جميعا فى ود ووئام.
مع الاحداث المؤسفة الأخيرة التى شهدتها منطقة كرينك بولاية غرب دارفور كان لابد من عمل الجميع بروح المسؤولية لمحاصرة الفتنة ووأدها فى مهدها ، ونثمن عاليا الدور الوطنى والاخلاقى الكبير الذى ظلت تطلع به الإدارة الأهلية كمؤسسة عريقة راسخة يقع على عاتقها تجنيب البلد الويلات.
فى هذه المساحة نشير إلى البيان الصادر عن مجلس الفرش لحواكير وفروشيات سلطنات دار مساليت ، الذى دعى الى إنهاء الاستهداف الممنهج لأبناء دار مساليت ، وسمى احداثا باسمها اعتبر أن الجامع بينها هو دفع المواطنين إلى الهجرة قسرا من بلدهم ، واحلال آخرين مكانهم ، ضمن خطة تستهدف المساليت كمكون عرقى واثنى ، ومحاولة طرده لصالح المكون العربى ، مسميا الدعم السريع باسمه كمعتد ينجو كل مرة من المساءلة ، مما يزيد من الجريمة المنظمة ، ويشجع الجناة على فعلهم ما داموا آمنين من العقاب.
اننا مع اتفاقنا مع بيان مجلس الفرش لسلطنات وحواكير دار مساليت فى ضرورة محاسبة المعتدين وبسط الأمن بتولى الجيش والشرطة مسؤولياتهم ، ونشر القوات الرسمية فى المنطقة ، وإبعاد المليشيات وكل العناصر المتهمة بأنها طرف فى الصراع ، كل ذلك كلام جيد يستحق التأييد والدعم ، إلا أننا نعيب علي الاخوة فى مجلس الفرش تغليب اللغة الفتنوية ، وتغذية الجو المضطرب ، بما يزيد من المشاكل ، ويعقد الحل ، ويضيق فرص الوصول إليه ، وذلك بتصوير أن الحرب اصلا بين المكون العربى بما هو عربى والمساليت كمساليت ، وقد وردت فى البيان عبارة يمكن أن تغذى الفتنة ، وتؤدى إلى مزيد من المشاكل وهى العبارة التالية :
ظلت مكونات دار مساليت تعيش في إنسجام وإحترام متبادل حتي بداية عهد الإنقاذ الذي حولها إلي مسلسل من القتل الممنهج والتهجير القسري تحت مشروعه العروبي الإسلاموي الذي يتم بدعم اقليمي.
ونقول إن الإنقاذ هى التى اججت الصراع ، ونشرت الفتنة ، وازمت الاوضاع ، لكن لاعلاقة للأمر بمشروع عروبى أو اسلاموى (بحسب تعبير البيان) تدعو له الانقاذ وتسعى لفرضه على أهل المنطقة ككل ، نقول إن الإنقاذ هى اس البلاء. والمتسببة فى تدهور الأوضاع بالاقليم , إلى هذا الحد المؤسف ، لكن لاعلاقة للعروبة والإسلام بالامر من قريب أو بعيد . وانما هو صراع سياسىى ، وتداخل واشتباك مصالح بين قوى محلية وإقليمية ودولية ، أدى بدوره إلى المآسى الحالية ، ولايمكن مطلقا ان نغفل الدور القذر لبعض أبناء البلد ، الذين ساهموا فى تعقيد الأوضاع ، ودفع اهلهم اثمانا باهظة بسبب مواقفهم الغير مسؤولة ولا محترمة.
الفتنة نائمة يا اهلنا فى دار مساليت وعموم البلد فانتبهوا لذلك جيدا يكن خيرا لكم ولغيركم.
بقلم: سليمان منصور