تستمر الحرب في أوكرانيا لليوم الـ58، وسط توقف لعمليات النزوج والإجلاء عبر الممرات الإنسانية، اليوم الجمعة، بعد تعطلها كذلك الخميس، وفق ما أكدته كييف، في حين أعلنت روسيا هدف “المرحلة الثانية” من عمليتها العسكرية.
في حين أعلنت موسكو كذلك عقوبات جديدة طالت مسؤولين أمريكيين بارزين، بينهم كاميلا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالإضافة إلى مالك شركة “ميتا” ومؤسس “فيسبوك” مارك زوكربيرغ.
هدف “المرحلة الثانية”
نقلت وكالة “إنترفاكس” للأنباء عن نائب قائد قوات المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الروسي روستام مينيكايف، قوله، الجمعة، إن موسكو تخطط للسيطرة الكاملة على دونباس وجنوب أوكرانيا ضمن المرحلة الثانية من العملية العسكرية.
ونسبت له القول إن روسيا تخطط لإقامة ممر بري بين دونباس في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014.
وقال مينيكايف إن السيطرة على جنوب أوكرانيا من شأنها تعزيز وصول روسيا إلى منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا في مولدوفا، والمتاخمة لأوكرانيا والتي تخشى كييف من استخدامها نقطة انطلاق لشن هجمات جديدة ضدها.
ونقلت “تاس” عن مينيكايف قوله، في اجتماع بمنطقة سفيردلوفسك بوسط روسيا: “السيطرة على جنوب أوكرانيا طريق آخر لترانسدنيستريا، حيث توجد أدلة أيضا على أن السكان الناطقين بالروسية يتعرضون لقمع”.
إغلاق الممرات الإنسانية
من جهتها، أعلنت كييف، أنه لن يفتح أي ممر إنساني لإجلاء مدنيين الجمعة.
وأعلنت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك، أنه لم يكن من الممكن الخميس، إنقاذ الأشخاص الذين ينتظرون الإجلاء في مدينة ماريوبول بسبب القصف المكثف للقوات الروسية.
وفي بيان عبر تطبيق “تلغرام”، الخميس، أشارت فيريشوك إلى عدم وجود أي شيء “يدعو للرضى في ماريوبول”، وأن كل شيء يسير بصعوبة.
وقالت؛ إن الروس يتقدمون بطريقة “معقدة وفوضوية وبطيئة ومخادعة”.
وأكّدت أن تمكن المدنيين الخميس من الانتقال مباشرة من ماريوبول إلى زابوروجيا لأول مرة، “أمر يبعث على الأمل”.
وتابعت: “نعتذر لسكان ماريوبول الذين ينتظرون الإجلاء. لقد اضطررنا إلى إغلاق الممر بسبب الهجوم على نقطة التجمع”.
وشدّدت على أن أوكرانيا لن تتوقف عن سعيها لإخراج السكان من المدينة التي أعلن الروس السيطرة عليها بالكامل.
وفي وقت سابق الخميس، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو؛ إن جيش بلاده “سيطر على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة في أوكرانيا، باستثناء مصنع آزوفستال للمعادن”.
المدنيون المحاصرة بماريوبول
في حين قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الخميس؛ إن نحو 120 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، محاصرون في مدينة ماريوبول.
وأضاف في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسي وزراء إسبانيا والدنمارك بالعاصمة كييف، أن العملية المقبلة ستكون صعبة على شرق أوكرانيا.
وبشأن تصريح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو حول فرض الجيش الروسي سيطرته الكاملة على مدينة ماريوبول، قال زيلينسكي: “نعرف جميعا أنهم استولوا على معظم ماريوبول منذ فترة طويلة، لكن هناك أجزاء من المدينة ما تزال تحت سيطرة الجنود الأوكرانيين”.
وقال: “إضافة إلى جنودنا، هناك حوالي 120 ألف مدني محاصرين في المدينة، معظمهم من النساء والأطفال”.
اقتراح تبادل أسرى
وحول وجود نحو 400 جندي أوكراني جريح في مصنع آزوفستال بماريوبول، قال زيلينسكي؛ إن بلاده قدمت عرضا للجانب الروسي لإعادة الجنود المذكورين عن طريق عملية تبادل.
في حين أكدت كييف أن مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية، التي تقول موسكو إنها “انتصرت فيها” ما زالت تقاوم القوات الروسية، مشيرة إلى أن آلاف المقاتلين الأوكرانيين يواصلون القتال بضراوة للدفاع عن مجمع آزوفستال الهائل للصناعات المعدنية.
وقال زيلينسكي في خطاب أمام البرلمان البرتغالي الخميس: “لا يوجد مبنى واحد لم يتضرر في ماريوبول. مدينة محترقة بالفعل”.
وأضاف: “لأكثر من شهر، حاصرت القوات الروسية ماريوبول (…)، كان مئات الآلاف من المدنيين (عالقين) هناك بدون طعام وبدون ماء وبدون دواء تحت عمليات قصف مستمرة”.
وسيشكل السقوط التام لمدينة ماريوبول الصناعية الرئيسية على بحر آزوف التي أصبحت مدينة منكوبة وحقل خراب بعد حوالي شهرين من القصف والحصار الروسي، انتصارا كبيرا لموسكو التي تسعى إلى إنشاء جسر بري يربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 بالمناطق الانفصالية الموالية لروسيا في منطقة دونباس.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس؛ إن القوات الروسية “حررت” ماريوبول، وأمر المقاتلين المتبقين بمحاصرة موقع آزوفستال الصناعي حيث تحصنوا، بدلا من اقتحامه.
ولم يعلن زيلينسكي هزيمته، مؤكدا أن المعركة ما زالت مستمرة. وقال في خطاب بالفيديو: “لا يمكنهم سوى تأخير ما هو حتمي؛ اللحظة التي سيضطر فيها الغزاة لمغادرة أراضينا، خصوصا ماريوبول، المدينة التي ما زالت تقاوم روسيا رغم كل ما يقوله المحتلون”.
وقال زيلينسكي؛ إنه بالإضافة إلى حوالي ألفي جندي أوكراني، لجأ “حوالي ألف مدني بينهم نساء وأطفال” و”مئات الجرحى” إلى المجمع الضخم الذي يضم أنفاقا تحت الأرض على امتداد كيلومترات.
دعوة لإخلاء كامل لماريوبول
وأطلق رئيس بلدية ماريوبول نداء جديدا الجمعة، من أجل “الإخلاء الكامل” للمدينة الواقعة جنوب أوكرانيا التي يقول الرئيس فلاديمير بوتين إن القوات الروسية تسيطر عليها الآن.
وقال رئيس البلدية فاديم بويتشينكو للتلفزيون الوطني: “نحتاج لشيء واحد فقط.. الإجلاء الكامل للسكان. هناك حوالي 100 ألف شخص ما زالوا في ماريوبول”.
ولم يقدم بويتشينكو، الذي لم يعد في ماريوبول، أي تقارير جديدة بشأن وجود قتال في المدينة الواقعة على بحر آزوف أو حولها. لكنه قال دون الخوض في تفاصيل، إن “استهزاء” القوات الروسية بمن تبقى في ماريوبول مستمر.
وقال بويتشينكو لرويترز في مقابلة أمس الخميس إن بوتين فقط هو من يمكنه أن يقرر مصير المدنيين الذين لا يزالون محاصرين في ماريوبول.
“استفتاء وهمي” في خيرسون وزابوروجيا
واتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس، روسيا، بالسعي إلى إجراء استفتاء مزيف على الاستقلال في منطقتَي خيرسون وزابوروجيا الجنوبيّتين اللتين تحتلّهما.
وفي رسالة عبر الفيديو مساء الخميس، دعا زيلينسكي سكّان المناطق التي سيطرت عليها روسيا، إلى الامتناع عن تقديم أيّ بيانات شخصيّة مثل أرقام جوازات السفر، قد تطلبها القوّات الروسيّة.
وحذر مواطنيه من أن “الأمر ليس لإجراء تعداد سكاني فقط (…) ليس من أجل منحكم مساعدات إنسانيّة من أي نوع، إنّه في الواقع لتزوير ما يسمّى بالاستفتاء على أرضكم، في حال جاء من موسكو الأمر بتنظيم هذه الملهاة”.
وكانت أوكرانيا اتّهمت في أوائل آذار/ مارس روسيا، بالسعي إلى إجراء “استفتاء” في خيرسون على غرار ذلك الذي أجري في 2014، وضمّت بموجبه شبه جزيرة القرم، ورفضه الغرب وكييف، واعتبرا أنه غير قانوني.
في شرق أوكرانيا، أعلنت منطقتا دونيتسك ولوغانسك الانفصاليّتان المواليتان لروسيا استقلالهما، باعتبارها “جمهوريّتَين شعبيّتَين”، بعد استفتاءين اعتبرهما المجتمع الدولي “باطلين”.
وقال زيلينسكي مهددا: “لن تكون هناك جمهوريّة خيرسون شعبيّة. إذا كان أحد يريد ضما جديدا، فستُفرَض عقوبات أشد على روسيا”.
وكانت خيرسون أوّل مدينة كبيرة سيطرت عليها القوات الروسية بعد غزوها أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير. وإلى الشمال الشرقي، يسيطر الجيش الروسي أيضا على قطاع واسع حول ميدنة زابوروجيا التي لا تزال تحت سيطرة الأوكرانيين.
عقوبات روسية
ومنعت روسيا الخميس 29 أمريكيا هم مسؤولون سياسيون وشخصيات إعلامية ورجال أعمال، من الدخول إلى أراضيها، ردا على عقوبات فرضتها واشنطن على موسكو إثر غزوها أوكرانيا.
إضافة إلى ذلك، تم من خلال هذا الإجراء استهداف 61 شخصية كندية، معظمهم مسؤولون حكوميون أو عسكريون.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيانين تضمنا أسماء الأشخاص المستهدفين بالإجراء؛ إن هؤلاء المواطنين الأمريكيين والكنديين “ممنوعون من دخول روسيا لأجل غير مسمى”.
في الجانب الأمريكي، شملت العقوبة العديد من المسؤولين الحكوميين، بينهم نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس وزوجها دوغ إمهوف، ونائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس، والمتحدثان باسم البنتاغون جون كيربي والخارجية نيد برايس.
وقالت الخارجية الروسية في بيان؛ إن المشمولين بالعقوبات “سيمنعون من دخول الأراضي الروسية لفترة غير محددة”.
وصرح برايس الخميس: “يجب أن أقول إن إثارة غضب حكومة تكذب على شعبها وتسيء معاملة جيرانها وتسعى إلى خلق عالم يتعرض فيه الاستقلال والحرية للخطر، هي بمنزلة شرف”.
وردا على سؤال عما إذا كان سيضطر إلى إلغاء خطط سفر إلى روسيا، أجاب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: “لحسن الحظ ليس لدي روبل، وحتى لو كان لديّ، فإن (الروبل) بأي حال لم يعد يساوي شيئا الآن”.
كما استهدف الإجراء الروسي الكثير من الشخصيات في أوساط المال مثل رئيس بنك “أوف أمريكا” النافذ، براين موينيهان، وفي صناعة الدفاع مثل مسؤولة شركة “نورثروب غرومان” كاثي واردن.
كذلك، استُهدف عدد من الشخصيات الإعلامية، بينهم جورج ستيفانوبولوس أحد مقدمي برنامج “Good Morning America” الصباحي على قناة “إيه بي سي”، وديفيد إغناتيوس كاتب الافتتاحيات في صحيفة “واشنطن بوست”.
وقالت الخارجية الروسية؛ إنها استهدفت هؤلاء “الصحفيين والخبراء” متهمة إياهم بالدفاع عن “أجندة معادية للروس”.
وفي الجانب الكندي، شمل الإجراء كاميرون أحمد، مسؤول الإعلام في مكتب رئيس الوزراء جاستن ترودو، وقائد القوات الخاصة ستيف بويفين.
في وقت سابق، فرضت روسيا عقوبات على مئات الشخصيات الأمريكية والكندية، بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن وترودو ردا؛ على إجراءات عقابية اتخذها بلداهما ضد موسكو.
سقوط طائرة شحن أوكرانية
وأعلنت الإدارة الإقليمية لمنطقة زابوريجيا الأوكرانية، الجمعة، سقوط طائرة شحن من طراز “أنتونوف أن-26” لأسباب فنية.
وذكرت الإدارة الإقليمية لمنطقة زابوريجيا في بيان، أن الطائرة سقطت خلال تحليقها بالمنطقة.
وأشارت إلى وقوع جرحى في الحادث، دون مزيد من التفاصيل.
يشار إلى أن زابوريجيا تقع على مسافة نحو 200 كلم من مدينة ماريوبول الأوكرانية جنوب شرقي البلاد، التي أعلنت روسيا الخميس سيطرتها عليها.
كييف: نحتاج 7 مليارات دولار شهريا
من جانب آخر، أعلن الرئيس الأوكراني، أنّ بلاده تحتاج سبعة مليارات دولار شهريا للإبقاء على اقتصادها عائما، وسط الخسائر التي تكبّدتها بسبب الغزو الروسي، في وقت أعلنت الولايات المتحدة منح كييف مساعدة مالية جديدة.
وقال زيلينسكي في أثناء مداخلة له خلال لقاء عقِد حول طاولة مستديرة، وخُصّص للبحث في مساعدة أوكرانيا في إطار اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن: “سنحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات من أجل إعادة الإعمار”.
وأضاف بعد اللقاء مع قادة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عبر الفيديو: “الجيش الروسي يهدف إلى تدمير جميع المقومات في أوكرانيا التي يمكن أن تشكل قاعدة اقتصادية للحياة، وهذا يشمل محطات سكك الحديد ومخازن المواد الغذائية والنفط ومصافي النفط”.
من جهته، قال رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميهال، الذي حضر الاجتماع شخصيا: “رغم كل الصعوبات، تواصل بلادنا الوفاء بجميع التزاماتها في ما يتعلق بالمساعدة الاجتماعية ومدفوعات المعاشات التقاعدية ورواتب (الموظفين) (…)، وكل هذا يكلف نحو 7 مليارات دولار أمريكي شهريا”.
المصدر: عربي21