أخبار السودان:
لم يخرج التشكيل الوزارى عن التوقعات وإحتكار قادة المجموعات والأحزاب السياسية المشاركة في قوى الحرية والتغيير والأطراف الموقعة على اتفاقية جوبا (الجبهة الثورية) للمقاعد الوزارية مثل مريم الصادق القيادية بحزب الامة لوزارة الخارجية، وخالد سلك وابراهيم الشيخ القياديين بالمؤتمر السودانى لوزارتى شؤون الوزراء والصناعة، وجبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة لوزارة المالية ..إلخ، وهو أمر له إيجابياته وسلبياته، من إيجابياته أنّ تقلد شخصية سياسية قيادية لمنصب وزارى يعطيه القدر المطلوب من الهيبة والاحترام ويسهِّل لشاغله أداء واجباته، بينما يؤدى فشل القيادى الى حدوث تداعيات سلبية وحالة إحباط على المستوى الشعبى والسياسى والحزبى ..إلخ.
أشار الدكتور (حمدوك) الى انه تم الاتفاق مع شركاء المرحلة الانتقالية على برنامج من خمسة نقاط أساسية، هي الاقتصاد والسلام والعلاقات الخارجية والعدالة الانتقالية ومؤسسات الدولة وستعلن تفاصيل البرنامج خلال الأيام القادمة، وهو الأمر الذى ظللنا نتحدث عن غيابه طيلة الفترة الماضية، فحكومة بلا رؤية او برنامج عمل، لن تنجح مهما كانت الأسماء التي تتكون منها!
يقول الدكتور الامين بلال مختار: ما زالت السلطة الانتقالية تعاني العديد من الأزمات واطل علينا أمس تغيير حكومي جديد نامل أن يكون قد حدث وفق معايير وأسس اختيار قائمة علي خدمة المواطن والوطن، والاهم من ذلك اهمية الاتفاق علي برنامج وطني قومي يكون مشروعا سياسيا متكاملاً يحدد معالم الحلول للقضايا الوطنية!
ولابد من رؤية اقتصادية واضحة تهتم بدعم الانتاج خاصة قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والمعادن، وترشيد الانفاق العام، بالإضافة الى الانفتاح علي العالم وجذب المستثمرين، وهو ما لن يتحقق اذا لم توضع رؤية وتشريعات وقوانين استثمارية جاذبة بصورة غير معقدة، وتأهيل الكوادر وإصلاح الخدمة المدنية وهيكلة جميع مؤسسات الدولة المدنية وفق رؤية استراتيجية وقومية تؤسس لدولة المؤسسات والقانون.
ويجب استكمال هياكل السلطة الانتقالية وعلى رأسها المجلس التشريعي وتكوين المفوضيات القومية والمحكمة الدستورية واكمال عملية السلام الشامل الذى لن ينصلح الواقع السياسي بدونه!
ولا بد من مكافحة الفساد والاستبداد وإنصاف الضحايا ورد المظالم والحقوق الي اهلها (العدالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كلها ضرورية ) وعدم الإفلات من العقاب حتي لا تتكرر الماسي مستقبلا (انتهى)!
ولا بد من بناء جيش قومي موحد واعادة هيكلة كل التنظيمات العسكرية وشبه العسكرية القائمة الآن بما فيها الدعم السريع ومليشيات الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا ووضعها تحت قيادة واحدة تتبع للقوات المسلحة وتخضع لقانون واحد هو قانون القوات المسلحة، وإلغاء قانون قوات الدعم السريع الذى يعطيها الاستقلالية الكاملة عن القوات المسلحة، وما لم يحدث ذلك فلن يكون هنالك استقرار سياسي او امنى أو اقتصادي أو من أي نوع آخر، فوجود هذه القوات وبالسلطة التي تملكها واستقلال قيادتها عن القوات المسلحة ووجودها كقوة او كجيش مواز للقوات المسلحة لا ينذر بخير، خاصة مع الإحساس المتضخم لدى قادتها بأنهم قادة الدولة الحقيقيون، ولا بد من وضع حد لهذا الاحساس بإلغاء قانون قوات الدعم السريع ووضع قيادتها بشكل فورى تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة، واتخاذ قرار بأيلولة مؤسساتها المالية الى وزارة المالية ضمن الخطة الموضوعة لسيطرة وزارة المالية على كل المال العام في الدولة بغض النظر عن الجهة التي تديره !
وبنفس القدر، لا بد من إجراء اصلاحات هيكلية في قوات الشرطة بمشرط الجراح الذى لا يجامل وتصفيتها من العناصر الموالية للنظام البائد وتدريبها بشكل جيد على ان يتضمن المنهج كورسات في حقوق الإنسان والمواثيق الدولية والوطنية الخاصة بحقوق الانسان، حتى تقوم بواجبها الحقيقي في خدمة المجتمع وحمايته، وما يبشر بذلك اختيار الفريق (عزالدين الشيخ) لقيادة وزارة الداخلية في المرحلة المقبلة، وهو رجل يحظى باحترام الجميع ويتميز بصفات مهنية مثالية لرجل الشرطة!
بدون رؤية واضحة وبدون برنامج وبدون خطة وبدون استكمال هياكل الفترة الانتقالية، وبدون جيش موحد وشرطة تفهم أنها في خدمة وحماية المواطن، وأن المدنية لا تعنى العداء للشرطة، وبدون حلول جذرية فورية لندرة السلع والفوضى التي تشهدها الاسواق، فلن ينصلح الحال حتى لو تشكلت حكومة ملائكة، وسنظل نبكى ونذرف الدموع!
الجريدة