أخبار السودان : التناقض السياسي والأخلاقي هو ما ميز تصريحات كلا من محمد الأمين ترك رئيس المجلس الاعلي لنظارات البجا ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ، ولطالما أصبحا (لاعبين) في دومينو السياسة السودانية ودون إحترافية فلابد من الوقوف علي زفراتهما داخل هذا المشهد المرتبك .
كان لتصريحات ترك حول إغلاق الطرق أو تتريسها صدي واسعا فهي تتجاوز الإطار الأخلاقى الذي من المفترض أن يقترن مع الفكرة السياسية، و لا يخرج من أثنتين ، إما انه بلا ذاكرة أو أنه يفترض أن الاخر بلا ذاكرة فقد تحدث قائلا لصحيفة الصيحة (الإغلاق للشوارع والمتاريس لاسقاط الحكومة يعتبر مهددا أمنيا كبيرا للبلاد كما دعا القوى السياسية ولجان المقاومة الى مراجعة هذه الخطوة )
هذه المتاريس والإغلاق تم ويتم سلميا في جغرافية السودان وفي أي بقعة كانت كما أن إغلاق الموانئ السودانية لم يتم في جزر القمر ولكنه تم داخل الأراضي السودانية و تم في ثلاث نقاط على البحر الأحمر في كل من (العقبة-سواكن _وأوسيف علي الطريق القاري مع مصر ) ترك لا يري في ذلك الانقلاب الذى يذهب بالبلاد الى حافة الفوضى مهددا أمنيا والذي لعب فيه دورا رئيسيا بإصراره علي حل الحكومة وفي تناسق تام مع العسكريين الذين صنفوا إغلاق الموانئ كحالة سياسية وكانت زيارات الكباشي له دافعا ومحفزا للمضي قدما في الإغلاق وصولا الي ساعة الصفر الانقلابية في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 ولكنه يري في تتريس الشوارع والمتاريس خطرا داهما على البلاد .
لقد نتج عن إغلاق موانئ الشرق خسائر مادية تجاوزت 65مليون دولار يوميا جراء توقف الصادرات والواردات وفق إعلان غرفة الموردين والمصدرين، كما خلّف آثاراً بالغة على مناخ الاستثمار القومي وأضر بالبلاد في مجال التأمين البحري والمناولة وغيره من الإجراءات الفنية المتعلقة بحركة الموانئ التي تستقبل عادة1250حاوية يومية ،ثم أدي الإغلاق الي رفع معدلات التضخم في البلاد الى 400% ، كما أدي لتوقف تدفق 100 الف برميل يوميا في ميناء بشائر من إنتاج نفط جنوب السودان .
ونقول لترك العائد لتوه من رحلة استشفاء خارج البلاد بإشراف سيادي فإن إغلاق الموانئ أدى لفقدان 33 الف عامل لوظائفهم ( كلات الموانئ ) الذين يدعي انه منافحا عن مظالمهم التاريخية، وفي الحدود الدنيا لذلك العمل فقد أقتصر الدوام الدراسي في مدارس البلاد الي حصص ما قبل ساعة الإفطار حينما هددت أزمة الخبز حياة ألاف الاطفال في السودان جراء إغلاق الموانئ.
محمد الأمين ترك لم تحركه الدماء التي لا زالت تراق على الأسفلت في إحتجاجات الشباب ولكنه لا يري أبعد من سلامة وديمومة وأمن الانقلابين ، وكل ما قام به ويقوم به ليس مهددا لأمن ومستقبل هذا الوطن !
في مخاطبته لرجالات القبائل والإدارات الأهلية أبدي حميدتي قائد الدعم السريع دهشته فيما يجري في البلاد من مقاومة لانقلاب المجلس العسكري والمجلس السيادي ،قائلا في شنو !في منتهي البراءة والدهشة إزاء ما يجري في الوطن ، داعيا الى نبذ العنف والكراهية ورافضا للتدخل الأجنبي في شئون البلاد .
حسنآ دعونا نتساءل من الذي يدفع بالبلاد نحو الهاوية ؟ و من يقود حملات القتل والعنف في مواجهة الاحتجاجات السلمية ،من الذي يقف خلف الاختفاء القسري والسجون السرية، من الذي شارك في عملية فض الاعتصام وقتل وأصاب وألقي بالعشرات مكتوفي الأيدي في جوف النيل ؟، كيف نلجم الكراهية والمليشيات المدججة بالسلاح تقتحم البيوت وتعتقل وتهين المواطنين وتروع الأسر ،كيف نلجم الكراهية وسياسة الإحلال والإبدال جارية في دارفور ولم تزل معسكرات النزوح تستقبل آلاف الفارين من جحيم العنف والتصفية العرقية تجري علي قدم وساق من جبل مون مرورا بالفاشر الي سرف عمرة وتابت والطينةوكريدنج ونرتتي وغيرها من المناطق المنكوبة بالعنف في دارفور ؟
كيف لذاكرتنا أن تسقط هذه المفردات (نحنا كمان عندنا شارع -أنا ما مقطوع من شدرة -ان شاء الله تمطر حصو -الرهيفة تنقد) كيف نقاوم تيار الكراهية والعنصرية المنفلت من شخص ما أنفك باحثا عن موطئ قدم في إرث الإدارات الأهلية والطرق الصوفية ولم ينج منه حتي تلاميذ الخلاوي في ذلك العمل لإحداث ذلك الانشطار الرأسي في مجتمع رفع شعار السلمية والوحدة في سبيل تحقيق احلامه بوطن مستحق .
كيف نفسر الجوع مقابل تهريب موارد البلاد المعدنية والزراعية والحيوانية بلا رقيب من ضمير ؟ كيف نفلت أو تفلت من تيار الكراهية الكاسح ؟
كيف ترفض التدخل الأجنبي والبلاد مرهونة لصراعات المحاور الإقليمية ،كيف نبرر شحنات الرجال للقتال في حروب خارجية ،ثم نفتخر بلا حياء اننا بذلك نضمن عائدات بالعملات الصعبة !
وكما ذكرتم غداة إنطلاق عاصفة الحزم أنكم تدافعون عن (الحرمين الشريفين) …. وفي ذات الوقت لم تزل الوفود الاسرائيلية غير العلنية تأتي وتخرج في ظل ذلك التعاون الأمني كما ذكرت بلا (دسدسة) لدينا ذاكرة مترعة بالتناقضات الجارية ليل نهار ونقدر أنكم قادمون الي السلطة دون خلفية سياسية ولكن أن يكون أيضا دون خلفية أخلاقية فتلك هي الكارثة.
المصدر: سودانایل