أخبار السودان : تجددت الإشتباك في محلية جبل مون في منطقة الصليعة، 60 كيلو شمال مدينة الجنينة بين المكونات المحلية، وأفاد مصدر مطلع “الجريدة” بأن الاشتباكات تجددت صباح الأربعاء الساعة الثامنة صباحاً، وأنها مستمرة حتى وقت متأخر من عصر أمس، بعد تدخل قوات الجيش. وكشف المصدر عن مشاركة أطراف أخرى، مشيراً إلى أن هناك قوات قادمة من خارج حدود الولاية، وأكد بأن المصدر الذي فضل حجب اسمه بأن مجموعات مسلحة قادمة من تشاد شاركت في الاشتباكات، مشيراً إلى أن المنطقة تبعد حوالي 15 كيلو من الحدود السودانية التشادية، وأفاد المصدر بسقوط قتلى بين الطرفين ولم يتمكن من تحديد أرقام بسبب استمرار الاشتباكات.
وندد ناشطون بحالة الانفلات الأمني التي تشهدها دارفور، خاصة بعد سقوط النظام البائد الذي اتهم بأنه أشعل حروب التصفية الإثنية والإبادة الجماعية، وبعد توقيع اتفاق سلام جوبا الذي ضم حركات الكفاح المسلح التي كانت تقاتل النظام البائد في اقليم دارفور، ووقف لإطلاق النار مع الحركات التي لم توقع على اتفاق السلام.
حوادث قتل متكررة
شهدت دارفور خلال الأسابيع الماضية حالات متعددة من الاعتداءات والاشتباكات والتفلتات الأمنية في جبل مون وكرينك بغرب دارفور وكذلك في شمال دارفور، في طريق كلوقي وزمزم وطويلة وفي جنوب دارفور في محلية منواشي، وشهدت إعتداءات متقطعة وأعداد كبيرة من القتلى والجرحى وحرق للقرى، ما اضطر مواطني منواشي لتنفيذ اعتصام وقفل الطريق الرابط بين الفاشر ونيالا.
وبالأمس، كشف حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، على صفحته بالفيس بوك عن اختطاف أشخاص ذوي جنسيات تركية كانوا يعملون في خدمة دارفورمن قِبل مجهولين أمام أعين الاجهزة الامنية في ولاية شمال دارفور الفاشر، وكتب مناوي: ” من المؤسف و المخزي أن يتم اختطاف أشخاص ذوي جنسيات تركية من الذين يعملون في خدمة دارفور، من قِبل مجهولين أمام أعين الاجهزة الامنية في ولاية شمال دارفور الفاشر. أعدكم وأعد أسر المختطفين بأننا سنبذل قصارى جهدنا وسنسهر الليالي بحثاً عنهم، ولن تنام أجفاننا حتى نجدهم، كما أطالب الخاطفين بالإسراع في إرجاعهم وعدم إلحاق أي أذى بهم، رغماً عن كل التحديات التي تواجهنا الا اننا نمضي قدماً إلى الأمام دون الاكتراث لما يثيره البعض من أجل عرقلة عجلة التنمية والسلام، فقد وصل الوفد الإماراتي لمدينة نيالا يوم الثلاثاء السابع من ديسمبر ايفاءً بالوعد الذي قطعته معنا حكومة الإمارات العربية المتحدة بأبو ظبي الأسبوع المنصرم، وقد قام الوفد بإجراء دراسات مبدئية على مطار نيالا وطريق الفاشر نيالا ومستشفى الفاشر والجنينة، وستشهد الايام القليلة القادمة العديد من الانجازات“.
اتهامات لجهات بالضلوع في الأحداث
طالب القيادي في حركة العدل والمساواة الدكتور محمد زكريا بضرورة الالتزام بما ورد في اتفاق سلام جوبا، مؤكدا ان عدم تنفيذ وإكمال الترتيبات الامنية يمثل احد الاسباب التي ادت للتفلتات الأمنية في دارفور، وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق، إلى تحركات تمت من قبل الحركات المسلحة والقوات النظامية لحقن الدماء في جبل مون وكرينك، وكشف عن جهات وأحزاب سياسية قامت بارسال ناشطين لتأجيج الاوضاع في دارفور .
وأشار زكريا في حديثه إلى أن قوى الحرية والتغيير شهدت تشظي وانقسام وقامت بممارسات وضعت وحدة البلاد على المحك بالاضافة لتعثر عملية السلام وانسداد أفق الشراكة وكانت من ابرز الاسباب التي أدت إلى قرارات 25 أكتوبر.
واتهمت التنسيقية العليا للرحل والرعاة بصورة واضحة الحركات المسلحة بالضلوع في زعزعة الاستقرار في دارفور، واتهم محمد صالح كبرو في مؤتمر صحفي عقدته التنسيقية أمس في الخرطوم، دولة مجاورة لم يسمها بأنها تفرخ حركات مسلحة وترسلهم دارفور لخلق حالة من عدم الاستقرار، وكذلك نهب الإبل ومقايضتها بالسلاح، ومن ثم تأسيس حركات للدخول في تفاوض مع الحكومة السودانية، وقال كبرو: “هناك اعتداءات من داخل هذه الدولة المجاورة، وافتعال المشكلات لتكوين حركات مسلحة، عبر قتل أبناء الرحل ونقل سكان المعسكر لداخل المدينة وتحويل المعسكر لثكنة عسكرية، مثلما حدث في كريندنق واحد واثنين، بغرض التعبئة القبلية لأبناء المكون المعين، والعزف على مخاوفهم بأن هناك ما يسمى بالجنجويد سيقتلونهم” وقال كبرو إن بعض الحركات تستخدم التعنيف والضرب لمن أبى الانضمام إليها من أبناء المعسكرات.
يقول كبرو بأن أغلب حركة النزوح ليست بسبب الحرب، بعضها بسبب تغيير النشاط الاقتصادي، بسبب السكن في المدن لممارسة مهن محددة، وأن المعسكرات شاهدة على جرائم حرب، كما يقول، وطالب كبرو بتخطيط معسكرات النازحين، أو تفكيكها وإرجاع النازحين لمناطقهم، وزاد: “المعسكرات بيئة خصبة للاجرام ومن ينشأون داخلها يكونون فاقد تربوي يستقطبون من قبل الحركات المسلحة”.
وفي ما يخص القوات السودانية التشادية المشتركة، يقول كبرو بأن برتكول القوات المشتركة لا يحمي أهلهم ولا أموالهم، ونناشد السلطات بتعديله، ووفقا لكبرو ينص البروتوكول على أن كل أفراد القوات تكون من خارج قبائل التماس، وأوضح أن الحكومة السودانية التزمت، وجاءت بجنود من الوسط ومن مناطق أخرى، لكن الجارة تشاد جاءت بقوات من أبناء التماس ومن أبناء الحركات المسلحة الذين دخلوا في عمليات ترتيبات أمنية في حركات مسلحة داخل تشاد، ويصف كبرو البروتوكول بالمعيب، مؤكدا أنه يخصم من دمائهم وأرواحهم.
تقول تنسيقية الرحل بأنهم أكثر الناس حرصا على السلام، لأنه بدون سلام لا يمكن للرحل ممارسة نشاطهم في الرعي وتربية مواشيهم، لكنهم كذلك يؤكدون على قدرتهم على الرد وحماية أهلهم وأهلهم.
وفي هذا الاطار يتأسف عبدالله عيسى كتر، عضو تنسيقية الرحل على كل قطرة دم سوداني بعد الثورة المجيدة، لأنه يعتقد بعد الثورة بأن هناك وجدان سوداني مشترك تكوّن، أنه لا ينبغي أن يحدث ما حدث لهم، ولكنه يقول: “لم نجد من يهتم بأوجاعنا إلا نحن، وهذا همنا، والبعض يعتقد أن الرحل والرعاة يترحلون شهوة في الترحال، ونحن نرحل لإدارة مورد شحيح، بحثاً عن الماء والكلأ، وفي الخريف نرحل هربا من الحشرات”.
يصف كتر اتفاق جوبا بأنه لن يعالج الأزم، لأنه سلام مناصب ومكاسب وليست سلام اجتماعي، ويقول بأن اتفاق جوبا لم يناقش هذا الأمر، وناشد الحكومة بدمج الجيوش في جيش واحد، وتنفذ الترتيبات الأمنية، على أن يكون الجيش جيش دولة، وأنهم يحتاجون في الرحل إلى أن يكونوا جزء من صنع القرار، وأن تتشكل لهم مفوضية قومية للرحل، حتى يشاركوا في القرارات والقوانين، وكذلك يكون للرحل تمثيل ومشاركة مع المنظمات الدولية التي تقدم خدماتها لأصحاب المصلحة من الرحل، ويستطيع كذلك أصحاب المصلحة من الرحل أ، يختاروا ممثليهم في المجلس التشريعي للمشاركة سن القوانين التي تحفظ مصالحهم.
يقول كتر بأنهم يريدون تسليط الضوء على قضايا الرحل بطريقة عادلة، مع كرار تأسفهم لأي نفس قتلت، ويحمل كتر الحكومة الاتحادية والاقليمية والولايات مسؤولية الأرواح، لأنهم كما يقول لديهم جيوش ضخمة ولم يستطيعوا بسط هيبة الدولة.
واتهم محمد صالح كبرو القيادي في تنسيقية الرحل، الحركات المسلحة بشكل صريح وواضح بأنها ضالعة في النزاعات الأهلية في دارفور، وقال كبرو: “نتهم الحركات صراحة بضلوعها في الاشتباكات والنزاعات، وفي كل حدث وهجوم على بادية، نجد سيارات الحركات المسلحة في مقدمة الهجوم، تاركين بطاقات هوية تتبع لهم، وجمعنا أدلة ولدينا فيديوهات، والآن لدينا صور لبعض الحركات المسلحة التي تم قبضها” وعرض كبرو على البروجكتر لبطاقات تتبع لحركات متعددة، يقول بأنها ضالعة في الهجمات على الرعاة والرحل، منها المجلس الثوري السوداني في الهجوم على منطقة أم دويم في 2020، وحركة جيش التحرير والعدالة المجلس الثوري السوداني، ويقول بأنه هذه بعض المتعلقات وجدت في حادثة حرق حي الجبل وأبوذر، وعرض نعي على وسائل التواصل الاجتماعي لقيادات شابة في حركات الكفاح، يقول بأنهم شاركوا وتوفوا في الأحداث، بزيهم العسكري، كما عرض فيديو لسلاح داخل معسكر كريندينق، وتدريب عسكري لشباب وشابات يقول إنهم داخل معسكرات نازحين”.
يقول كبرو بأنه تم فتح معسكرات تجنيد في بعض المدن، وكذلك في معسكرات نازحين، وأنه تم تجنيد حتى النساء في معسكرات النازحين، ومراكز إيواء داخل الجنينة، وكشف عن قوات جديدة دخلت دارفور، يقول بأنها قوات من جبال النوبة تتبع لعبد العزيز الحلو، جاءت من أجل خلق أرضية جديدة لها في دارفور.
أسابيع الموت: قتلى في العراء وقتلة مجهولون
حملت وسائل التواصل الاجتماعية أسوأ صورة للحرب، حيث لم تكتف الأطراف بالقتل والتنكيل والحرق، بل صوروا الجرائم وتم عرض القتلى الملقون على العراء، والذين يبلغ عددهم العشرات، وكذلك السيارات، والبطقات، فيما يشبه الاحتفاء بالغنائم أو النصر، وقال والي غرب دارفور خميس عبد الله ابكر إن مجموعات مسلحة هاجمت أحياء مدينة كرينك واشتبكت مع القوات الحكومية مما أدى لمقتل أكثر من أربعين شخص.وأضاف أبكر في تصريحات صحفية إن القوات النظامية تمكنت من منع وصول المهاجمين الى سوق المنطقمة الذي يخططون لنهبه، وأشار إلى أن المتفلتين تجمعوا بإعداد كبيرة من مختلف المناطق بما تجاوز تقديرات الأجهزة الامنية، وكشف عن أكثر من 12حي سكني تضررت من الهجوم.
وكشفت لجنة أطباء السودان المركزية بولاية غرب دارفور عن أن الحصيلة الأولية لضحايا الأحداث التي وقعت في كرينك بولاية غرب دارفور ارتفع إلى 48 قتيلاً بالرصاص الحي وعدد كبير من الإصابات بعضها حرجة، واتهمت اللجنة المليشيات المتفلتة بالسعي لإحداث فوضى بالبلاد واستسهال التقتيل الممنهج .وقال مواطنون من كرينك لراديو دبنقا إنهم لم يتمكنوا من نقل الجرحى إلى الجنينة بسبب سيطرة المسلحين على الطرق الرئيسية، كما لم يتمكن المواطنين الذين احرقت منازلهم في أحياء ومعسكرات كرينك إلى الخروج من المدينة .
ورصد مواطنون مقتل قيادات سياسية وأهلية، منهم رئيس حزب الأمة القومي بمحلية كرينك، وأفاد المواطنون بعودة المسلحين إلى مناطق تجمعاتهم مساء الأحد مع استمرار أعمال النهب في عدد من الطرق، وأشاروا إلى نهب خمس عربات، عربتين في طريق الجنينة مورني، وعربتين في طريق الجنينة أزرني، والخامسة في طريق الجنينة زالنجي ونبهوا إلى تعرض القافلة الطبية التي تحركت لإنقاذ جرحى كرينك في محاولة نهب للأدوية قبل أن تواصل سيرها إلى المدينة. وأوضحوا أن عددا من المصابين في الكمين الذي تعرضت له قوة تابعة للتحالف السوداني وصلوا إلى قرى مجاورة بينما وصل بعضهم إلى الجنينة، مشيرين إلى مقتل العشرات في الكمين دون أن يتمكنوا من تحديد العدد على وجه الدقة.
في يوم مساء الاثنين الماضي، قُتل (4) أشخاص من بينهم إمرأتين وأصيب (3) آخرين، في إطلاق نار على عربة تقل ركاباً في طريقها من الفاشر إلى كولقي، شرق جبل مرة في وقت قتل مسلحون آخرون مزارعا في حلة ام زهور شمال شنقل طوباي وهاجم آخرون قرية روفتا بالقرب من طويلة مساء الاثنين، وتم اغتصبوا طفلتين تتراوح أعمارهما بين 13 و14 واصابوا 4 من المواطنين بجروح كما أفاد راديو دبنقا.
وقرر المجلس الأعلى المشترك للترتيبات الأمنية برئاسة البرهان أول أمس الثلاثاء تشكيل قوة مشتركة رادعة ذات مهام خاصة بصلاحيات واسعة في ضبط واحتواء وحسم كل التفلتات وجمع السلاح وتقديم كل المتفلتين والمتهمين في دارفور للمحاكمة.
وفي مؤتمر صحفي عقدته بالخرطوم، أكدت اللجنة القومية لدعم متأثري جبل مون بغرب دارفور إن الصراع في المنطقة يدور حول الهوية والاستيلاء على الأراضي والموارد المعدنية وليس صراعاً تقليدياً بين الرعاة والمزارعين، وكشف محمد فضل الله من مواطني منطقة جبل مون في مؤتمر صحفي نظمته اللجنة القومية لدعم متأثري جبل مون الأربعاء بالخرطوم، عن مشاركة عربات قوات الدعم السريع المزودة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في الهجوم على جبل مون، وأشار إلى هجوم جديد استهدف منطقة حسكنيتة في محلية جبل مون ونهب الممتلكات يوم السبت.
وكشف محمد فضل عن وجود حشود ضخمة بالقرب من محلية جبل مون تهدف إلى إعادة الهجوم إلى المنطقة، ودعا الأمم المتحدة للتدخل لتوفير الحماية، وأضاف بأن المهاجمين فصلوا مناطق شرق جبل مون الغنية بالذهب والمعادن من المحلية في مخطط للسيطرة على الموارد.
وأوضح إن الصراع في جبل مون ليس بين المزارعين والرعاة بل من أجل الاستيلاء على الأراضي والموارد، ومن جهة أخرى قال محمد فضل الله إن الهجوم على جبل مون الذي تم يوم 19 نوفمبر مدبر ومخطط وتم على 14 قرية في وقت واحد بواسطة 600 جندي وعشرات المواتر وعربات الدفع الرباعي، وأوضح إن الهجوم استهدف 14 قرية بعضها بالحرق الكامل والبعض الآخر بالحرق الجزئي، وأشار إلى القصف بالأسلحة الثقلية ونهب الممتلكات، وزاد بأن الهجوم أسفر عن 12 قتيل و27 جريح وفقدان 37 طفل ونزوح ولجوء الآلاف إلى داخل جبل مون وإلى منطقة برك في تشاد، وقال إن المنطقة شهدت خلال الأشهر الماضية (5) هجمات راح ضحيتها قتلى وجرحى ولم يلتزم اهالي الجناة بالاتفاق الذي تم للتعويض.
وقال الدكتور حسن إمام رئيس المجلس الاستشاري لمحلية جبل مون إن الأحداث الأخيرة لها علاقة بالسياسة واستحواذ الأرض والموارد ومن بينها الذهب واليورانيوم ، أسوة بما حدث في جبل عامر وسنقو وغيرها، وأشار في مؤتمر صحفي إلى إصرار مواطني المنطقة على رفض التعدين العشوائي، كاشفا عن أن بداية أحداث جبل مون تزامنت مع إغلاق الشرق مشيراً إلى وجود ارتباط بين القضيتين وما جرى لاحقاً .
قتل أحد المزاعين، ظهر الثلاثاء، في حلة ام زهور شمال شنقل طوباي بمحلية دار السلام بولاية شمال دارفور برصاص مسلحين، وقال مواطنون من المنطقة إن المسلحين هاجموا المزارع أثناء جمع محصول الفول، وأشاروا إلى تحرك القوات لإحضار الجثمان .
وفي ولاية شمال دارفور أيضاً هاجم مسلحون قرية روفتا بالقرب من طويلة بولاية شمال دارفور ، مساء الاثنين، واغتصبوا طفلتين تتراوح أعمارهما بين 13 و14 واصابوا 4 من المواطنين بجروح، وقال مواطنون من المنطقة إن المسلحين اطلقوا الأعيرة النارية في الهواء بكثافة قبل أن يهاجموا المواطنين ويضربوهم بالعصي وأعقاب البنادق، وأوضحوا إن المسلحين اغتصبوا الطفلتين، ونهبوا عدد من المواشي والموبايلات وغيرها من الممتلكات، و أوضحوا أنهم فتحوا بلاغ بالحادث لدى الشرطة في طويلة.
مار وراء الأحداث
قادت الأحداث المتكررة إلى عقد ملتقى للإدارة الأهلية لولايات دارفور بحاضرة ولاية جنوب دارفور نيالا، برعاية حاكم إقليم دارفور، وحضر الملتقى عدد من زعماء الإدارات الأهلية في دارفور بحضور ولاة ولايات شمال وشرق وجنوب وسط دارفور، وتناول اللقاء مشكلة الإضطرابات الأمنية المتصاعدة في الإقليم والتي وصفها مناوي بأنها إمتداد للمشاكل المتراكمة وأنه يأمل أن تكون آليات الحوار والمؤتمرات مدخل للحل، حتى تنعم دارفور بالإستقرار، وعلق مناوي بقوله: “إن الأوضاع السياسية العامة كانت ولا زالت لها إنعكاساتها السلبية على السلام والأمن حيث نعمل على وضع خطوات حاسمة لمنع حشد واستقطاب القبائل في حرق القرى والإحتراب، مع تأكيد أهمية دور الإدارة الأهلية في الإستقرار وبناء السلام عبر الاهتمام بقضاياهم“.
يقول الناشط السياسي والاعلامي مبارك موسى أبو سن لـ”الجريدة” بأن التفلت نتيجة طبيعة لما جرى في دارفور وعموم السودان، وأضاف: “هناك حالة غير طبيعية في حدة الصراع بعد التغييير، والتغيير مضى خطوات عظيمة يجب أن يستمر حتى الخلاص، آن الأوان لنرتقى بقيمنا ونتراجع عن مرارات الماضي المصطنعة التي دمرتنا وفتكت نسيجنا وترابطنا، علينا كسودانيين بناء هذه الزاوية من الساس السليم بأسس مرضية يتساوى فيه كل الناس”.
ويواصل أبوسن في القول بأن كل مجتمع له إدارات أهلية، وأن هذه الإدارة تتصل بشكل مباشر بالمواطن، ولذلك تحسب الادارة الاهلية قناة مهمة في مشاكل المجتمع وحلولها، مشيداً بالخطوة التى قامت بها حكومة الاقليم، وقال : ” نأمل من هذا المؤتمر أن يضع لبنات اساسية في وضع حد نهائي للوضع الامني في دارفور “.
ويصف أبو السن الصراع في دارفور بأنه نتيجة لأزمة متجزرة، مضيفاً أن له أبعاد تاريخية منذ زمن طويل، منها تركيبة المجتمع وأن طبيعة المشكلة تحتاج لتحديد وفحص بصورة دقيقة حتى نتمكن من معالجة جذور المشكلة و وضع حد لها.
ويرى أبوسن أنه على مستوى البنية الاجتماعية هنالك تقاطعات ومفارقات وأن هذا يتطلب معالجة حقيقية حتى يوجد مساحة للعمل المشترك بين المكونات المختلفة، نحو بناء الوطن بصورة مشتركة.
ومن زاوية أخرى، يرى أبو سن، بأن هناك مشكلات قديمة متجزرة وهُناك جهات تريد تصفية حساباتها السياسية بتأجيج صراعات واستغلال بعض المكونات الضعيفة لتمرير أجندتها، وأن هذا يعود لعدم الوعي والجهل وما لم يعى الجميع بأهمية ترك بياناتهم السياسية جنباً والالتفاف نحو مصلحة الاقليم، سيتجه إقليم دارفور لحرب شاملة وسنعيش عهود الظلام مرة أخرى.
يقول القيادي في تحالف ثوار صوت البادية السودانية، إبراهيم الضي بأن جميع الأحداث التي جرت في دارفور مصطنعة، بالاضافة إلى الغبن الاجتماعي الدفين ومحاولة نيل لاالثأرات، وأن هناك بحث دؤوب لقتل مزيد من الارواح حفاظا على الكراسي أو بحثا عنها، وأوضح الضي في تصريح لـ”الجريدة” إن نهب الماشية تم لتمويل انشطة بعض الحركات التي ارادت تثبت وجودها ميدانيا، وكشف عن عمل خبيث لطرد وتهجير وتنزيح بعض المكونات الاجتماعية، ويضيف إبراهيم الضي إن الحل يكمن في فرض هيبة الدولة بقوات مشتركة، وتنفيذ الترتيبات الامنية، وكذلك قيادة حملة رسمية وشعبية للسلام الاجتماعي والتعايش السلمي، بالإضافة إلى فتح المراحيل والمسارات.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي عز الدين دهب بأن هناك انعدام للإرادة السياسية من قبل جميع الأطراف، حتى الضامن والشهود، وأضاف لـ”الجريدة” أنه لم تشهد الفترة الماضية أي إجراءات عملية لتنفيذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، وظل الاتفاق فوقيا على مستوى الخرطوم، رغم النصوص الجيدة التي كتب بها، ويرى دهب بأن الملفات الثمانية التي ناقشها الإتفاق جيدة، لكنها لن ترى النور، وأن هناك سيولة في إدارة الدولة، وأن الدولة لم تشهد استقرار خلال الفترة الماضية حيث كانت هناك ثلاثة حكومات حتى الآن.
يضيف دهب بأن هناك مشاكل قديمة ومتجددة بين مكونات دارفور، وتحولت إلى حرب إثنية بين القبائل، وهي سهلة الاشتعال تحت أي سبب صغير، والأسباب بسبب دهب هي الفراغ الاداري، وأن حكومات دارفور لا يوجد بها حكومات سوى منصب الوالي، وهو الرجل الوحيد في الحكومة، وأن هذه واحدة من الاشكالات، بالاضافة إلى عدم تنفيذ الترتيبات الأمنية، مع دخول حاملي السلاح إلى داخل المدن والقرى في دارفور، وعندما تحدث مشكلة يكون هناك احتكاك يقود إلى مزيد من المشاكل باستخدام السلاح.
يقول دهب بأنه تاريخيا هناك صراع بين الرعاة والمزارعين، وأنه في ظل غياب الحكومة والسيولة الأمنية والادارية ليس هناك ما يحسم الخلافات ولا ما يفتح المسارات والصواني، وأماكن الزراعة، وأن العلاقة المتوترة تحتاج لضبط وتنظيم، وكذلك حالة النزوح واللجوء وتجليات الحرب المختلفة وقضايا العدالة والعدالة الانتقالية، ويؤكد دهب بأن كل الأسباب يمكن اجمالها في الفراغ الإداري وعدم اهتمام المركز بالولايات وغياب الارادة السياسية، وأن هذه الاسباب كفيلة بأن تؤجج الأوضاع، وأن الحرب يمكن أن تمتد وتشتعد بأسوأ مما كانت عليه الحرب في 2003 وأن السودان حينها سيكون في مهب الريح.
حاكم إقليم دارفور.. كيف تعامل مع الأوضاع المشتعلة؟
أصدر حاكم إقليم دارفور خلال الأزمة المشتعلة حاليا في مناطق مختلفة من دارفور عدد من المواقف، وعبر عن قلقه وإدانته للأحداث، واتهم جهات بالوقوف وراء الأحداث، وبتاريخ 7 ديسمبر قال مناوي على حسابه بالفيس بوك: “جميعكم تابعتم الأحداث الدموية المؤسفة التي بدأت في ولاية غرب دارفور، وراح ضحيتها عدد من الأفراد، كما أصيب البعض بجروح متفاوتة. لاشك أن هناك أيادٍ لاتريد لهذا الإقليم أن يستقر وينهض لأن ذلك يتضارب ومصالحهم”.
وقال مناوي إنه بعد ظهر اليوم الموافق٦ ديسمبر، شهدت منطقة غرب معسكر زمزم حوالي١٠ كيلومترات من الفاشر إعتداء آثم وقع على مواطنين عزل أبرياء، إذ تعرضوا لاطلاق وابل من الرصاص أدى إلى وفاة عدد من الضحايا وجرح آخرون.
وأكد مناوي في حديثه: “بصفتي حاكماً لإقليم دارفور، قمت بإجراء عدد من الإتصالات الهاتفية مع عدد من المسئولين من بينهم قيادة الفرقة السادسة مشاة، وقوات الدعم السريع للتدخل والتصدي لأي محاولة هجوم يقع على المواطنين وضرورة ان يكون الرد حاسماً ورادعاً. كما تواصلت مع والي ولاية شمال دارفور والقادة الأمنيين لمنع وقوع أي ردة فعل تجاه المواطنين الأبرياء العزل في معسكر زمزم أو أي منطقة من المناطق داخل الولاية ، وقد وجدت التجاوب الكامل من قبلهم والتحرك الفوري”.
وفي ختام حديثه يقول: “إننا إذ ندين وبشكل كامل لما حدث نطالب المواطنين بضرورة التحلي بالصبر والحكمة وضبط النفس حتى لاتتفاقم القضية ويسقط العشرات موتى أو أمصابين. ويجب علينا أن نفوت الفرصة لأعداء السلام والاستقرار الذين لايعيشون إلا في الأجواء المكفهرة والدامية”.
عاد مناوي مرة أخرى ليكشف مجريات الأمور في دارفور، إذ يقول: فيما يتعلق بأحداث جنوب دارفور الأخيرة التي تم فيها الاعتداء المسلح على المواطنين، تم القبض على بعض الجناة ولا زالت التحقيقات جارية لملاحقة الأخرين، كما أن التباشير أتت برفع الإعتصام وفتح الطريق بين نيالا والفاشر للعبور، هذا ما يساعدنا في تنفيذ المخطط الاستثماري الذي وقعناه مع الإماراتيين ومنه تشييد ذات الطريق، سيصل المستثمرون يوم الخميس ونبحث عن إمكانيات تنفيذ عدد من المشاريع مثل ترميم الطرق والجسور وتأهيل مطارات نيالا والفاشر، بجانب إستثمارات أخرى مع الحكومة ورجال الأعمال”.
وتعليقاً على ذلك قال مناوي بأن شرط الإعمار والبناء هو الأمن، وأن هذه المسألة يجب أن تحسم بشكل نهائي لأن هنالك من يتعمدون تفعيل الفوضى وتدمير الإقليم ومنع الإستثمارات والبناء.
المصدر: الجريدة