مازالت العصابة الحاكمة غير قادرة على أن تعي الدرس أو تتعلم. فنرجسيتها تجعلها غارقة في اوهامها و تصور لها أنها قادرة على هزيمة الشعب. فهي لم تجد امام الطوفان الجماهيري سوى استخدام التكتيكات البالية و المستهلكة، التي لن تقود الا إلى الهزيمة.
ففي السادس من ديسمبر ٢٠٢١م ، لم تجد من وسيلة لمواجهة الشوارع الهادرة ، غير ارسال عصابات النيقرز التي تكثر من توظيفها، لمهاجمة الثوار بالأسلحة البيضاء في شارع الستين. و هذا السلوك البائس الذي يذكر بموقعة الجمل و توظيف البلطجية من قبل أجهزة حسني مبارك أيام الثورة المصرية، قابلته الشوارع بمزيد من التماسك و التصميم، حيث واصل الثوار موكبهم بشارع الستين بعد احتواء الحدث الذي كلفهم جرحى، و سارت الشوارع في الخرطوم مؤكدة موقفها الحاسم، و أكدت أم درمان عزمها على التغيير و سيرت موكبها الكبير إلى بحري التي لم تهن أو تتراجع فاعلية جماهيرها عند المؤسسة بحكم الاعتياد و مراس الحراك المنظم. و سجلت مدن الاقاليم الحضور البهي في دفتر الحراك و استبقت المسير مدني، و رسمت المناطق حول سنار لوحة جديدة، حيث سارت جميعها على الأقدام حتى تلتقي في مايرنو. الحراك اليوم أكد المؤكد، و هو عزم الشارع على استكمال ثورته، و تطور تنظيمه لنفسه و امتلاك ادواته. كذلك أكد إفلاس سلطة الانقلاب التي أدخلت تكتيكا جديدا معززا لادوات القمع المفرط، بإضافة النيقرز و العصابات المسلحة بالأسلحة البيضاء، لتنقل المعركة من مواجهة بين الرصاص و الصدور العارية، إلى مستوى الاحتكاك المباشر و الغدر بإستخدام السلاح الأبيض. و هذا بلا شك يوضح بأن العصابة الانقلابية لا تستطيع أن ترى الصورة الكبيرة، و لا أن تقيم لوحة الصراع السياسي بشكل صحيح. و لو انها دققت النظر، لرأت أن الشارع قد طور وعيه بالذات لوعي للذات، و أنه قد قطع شوطاً كبيرا في تنظيم نفسه و تكريب ادوات نضاله، و أنه قد تجاوز مرحلة التأثير على المعادلة المحلية ليفرض إرادته على من يرغبون التدخل السالب فيها من وراء البحار. فهي لو تأملت خطاب تنسيقيات لجان المقاومة إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، لادركت حقيقة أن هذا الشارع قد وصل مرحلة من التنظيم يصعب كسرها، و لعلمت بأنه يتمتع بوضوح الرؤية و قوة الإرادة و العزم اللازم لتحقيق أهدافه. و لتأكدت من أن إسقاطها و بناء دولة مدنية خالصة تؤسس لتحول ديمقراطي، هدف لن يحيد هذا الشارع عنه. و لو انها قرأت بعقل مفتوح بيان تجمع المهنيين ردا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي رددت تهديداتها و طالبت الشعب السوداني بالانكسار و قبول اتفاق شرعنة الانقلاب المهين، لعلمت بأن الشارع لن يتراجع لانه هو صاحب المبادرة و الرقم الصعب في معادلة السياسة السودانية. فالبيان أوضح بدون لبس أن الشعب السوداني هو سيد نفسه، و أن على المجتمع الدولي أن يصحح موقفه و يدعم حراكه الذي يرمي لانتزاع حقوقه و حرياته المتوافقة مع كافة المواثيق الدولية، بما فيها حقه في أن يكون دولة ذات سيادة فاعلة في المجتمع الدولي. هذان المؤشران يؤكدان أن الشارع صاحي، و أنه فاعل و صاحب مبادرة و قدرة و وعي. و مثل هذا الشارع لا يمكن هزيمته بعصابات النيقرز.
على الثوار أن يستمروا في تسيد شوارعهم، و حماية مواكبهم و مسيراتهم مع الحفاظ على سلميتهم، و عليهم أيضا تنويع ادوات نضالهم و توسيع دائرة المشاركة، و أن يكونوا على يقين بأن نصرهم آت لا ريب فيه.
و قوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!
المصدر: سودانیز آنلاين