هندسة الدولة:: اليوم يفترض أن يبدأ حراك جماهيري يمتد حتى نهاية الشهر دعت له بعض الجهات على رأسها الحزب الشيوعي، والأهداف المعلنة تبدو “صفرية” تعيد بناء الدولة من تاريخ الخميس 11 إبريل 2019..
هندسة الدولة::: هذا الحراك بمثل هذه المطالب يبدو مخاطرة وخيمة العواقب إذا لم يتداركها العقلاء، فالانقسام الكبير في تحالف قوى الحرية والتغيير أفقده القدرة على إدارة الشارع السوداني بصورة متماسكة تجنبه شرور الانفلات والسقوط في براثن الفوضى.. ففي خلال مسيرات الغضب ضد النظام البائد كان الشارع منضبطاً بالدقيقة والثانية حسب ما تطلبه بيانات تجمع المهنيين أحد أهم واجهات الحرية والتغيير، لكن مع تضعضع الحرية والتغيير والأزمات الخانقة التي تمر بها البلاد ضعف التفاعل والثقة مع الشارع ولم يعد متوقعاً أن يحظى حزب أو تحالف بقدرة خارقة على التحكم في نتائج أي حراك جماهيري..
وبهذا الوضع قد تفلت الأوضاع عن منظمي المسيرات وتستغل الوضع جهات أخرى تقود البلاد نحو الفوضى الشاملة.. وعندها لن يكون متاحاً التراجع والعودة إلى ما قبل 3 يونيو 2021، فينطبق على السودان قول الشاعر إبراهيم ناجي:
إذا ما التأم جرح.. جد التذكار جرح.
هندسة الدولة::: الحاجة إلى إعادة هندسة الدولة السودانية أمر مهم وحتمي في ظل الفشل الذي تكابده الحكومة حالياً.. لكن هذه الهندسة تتطلب توافقاً ولو على مستوى مجلس شركاء الحكم.. حتى ينشأ وضع جديد بلا مخاطر..
وفي تقديري؛ الأجدر ترك إعادة هندسة الأوضاع للمجلس التشريعي ، بعبارة أخرى يصبح المطلوب الأول الأهم هو تشكيل المجلس التشريعي ليكون هو الحاضنة الدستورية للحكم ومنه تنطلق عملية هندسة جديدة للدولة تبدأ بمراجعة الوثيقة الدستورية نفسها.. هندسة لا تعتد بالمُسَلمات القائمة بل تبدأ في تخطيط الدولة بالصورة المثلى التي تمنح السودان مستقبلاً أمناً مشرقاً.
لا كبير على المراجعة، حتى مجلس السيادة يجب إعادة النظر في وجوده، فالأفضل تكليف رئيس جمهورية مدني واحد ونائبه.. ومنحه السلطات التنفيذية كاملة “النظام الرئاسي” مع وجود رئيس لمجلس الوزراء بصلاحيات مفوضة من رئيس الجمهورية..
ولحسن الحظ فإن دورة رئاسة المكون العسكري لمجلس السيادة انتهت حسب الوثيقة الدستورية الأولى، ولكنها تمددت لسنة أخرى بموجب اتفاق السلام الموقع في جوب أكتوبر 2020.. و في تقديري من المتاح التفاهم مع المكون العسكري مثلا حتى أكتوبر 2021، يتنازل الشق المكون العسكري ليس عن ما تبقى من أشهر في رئاسته لمجلس السيادة فحسب بل وإنهاء فكرة مجلس السيادة واستبداله برئاسة الجمهورية.
جريدة التيار