انطلقت مسيرات الاحد 19 ديسمبر الرافضة للحكم العسكري في السودان قبل موعدها بأكثر من 15 ساعة حيث خرج الآلاف في مختلف إحياء الخرطوم لاستقبال ثوار الأقاليم الذين بدأوا في الوصول مساء السبت قاطعين مئات الكيلومترات بالأرجل والدراجات الهوائية للمشاركة في المسيرة.
وشهدت معظم مناطق الخرطوم السبت مسيرات ليليلية حاشدة وسط إجراءات أمنية مشددة وإغلاقات لعدد من الطرق والجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاثة – الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري- لمنع وصول الثوار إلى منطقة القصر الرئاسي في وسط الخرطوم.
وفي ظل جمود سياسي ناجم عن تمسك الشارع بمواقفه المطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي وتعثر جهود رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الرامية لتشكيل حكومة تكنوقراط وفقا للاتفاق الموقع بينه وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الحادي والعشرين من نوفمبر؛ تستجيب قطاعات عريضة من الشارع السوداني لدعوات التظاهر المتواصلة التي يطلقها تجمع المهنيين ولجان المقاومة منددين باتفاق حمدوك والبرهان ومطاليين بمحاسبة من تسببوا في مقتل المئات من الشباب الذين سقطوا برصاص القوات الأمنية منذ الإطاحة بنظام المخلوع البشير في الحادي عشر من أبريل 2019.
يأتي هذا فيما تشدد أطراف دولية على ضرورة إنهاء الإجراءات التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر والتي اعتبرت خطوات هدفت لقطع الطريق أمام عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
وعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة جلسة خاصة عن الأوضاع في السودان؛ رهن خلالها عدد من عدد من مندوبي الدول الاعضاء عودة المساعدات والتعاون مع السودان برؤية إجراءات تؤكد عودة المسار الديمقراطي إلى الطريق الصحيح.
وأكد مندوبو المملكة المتحدة والنرويج وايرلندا أن الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش قوضت الانتقال الديمقراطي في السودان؛ فيما اعتبرها مندوبا السودان وروسيا ضرورية.
وحث فولكر بيرتس رئيس بعثة الامم المتحدة المتكاملة في السودان “يونيتامس” في تقرير من 18 صفحة قدمه للمجلس؛ السلطات السودانية إلى اتخاذ تدابير لبناء الثقة وإحياء الانتقال الديموقراطي، كما دعا المجتمع الدولي إلى استئناف مساعداته الاقتصادية في مجالات معينة مثل الصحة.
وعبر المتداولون في جلسة مجلس الأمن عن قلقهم البالغ حيال استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أعقاب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر مطالبين بالتحقيق في عمليات القتل التي طالت نحو 43 متظاهرا خلال المسيرات الاحتجاجية التي تلت تلك الإجراءات.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي اقرت الخميس مشروع قانون يقضي بفرض عقوبات على المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في البلاد وإدانت بإجماع الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين “الانقلاب” على السلطة المدنية.
وفي حال تمريره في وقت لاحق من قبل مجلس الشيوخ؛ سيصبح القانون الجديد ملزما لإدارة الرئيس جو بايدن وسيشمل عقوبات فردية تطال عدد من القادة العسكريين.
ويؤكد مرافبون وجود 3 عقبات كبيرة تعيق جهود حمدوك لتشكيل حكومة جديدة. وقال الكاتب الصحفي شمس الدين ضو البيت لموقع سكاي نيوز عربية إن غياب الحاضنة السياسية وتمسك بعض الكيانات الموقعة على اتفاق السلام السوداني يحقائبها الوزارية إضافة إلى عدم وضوح الرؤية حول بعض الوزارات كالدفاع والداخلية جميعها عوامل تشكل عائقا كبيرا أمام توجهات حمدوك الرامية لتشكيل حكومة تكنوقراط.
واوضح ضو البيت أن الأوضاع التي سادت عقب الخامس والعشرين من أكتوبر تثير الشكوك حول قانونية أو دستورية اي خطوة قد يتخذها حمدوك او غيره.
وفي إشارة إلى حالة الجمود السياسي التي يعيشها السودان حاليا؛ طالب سفراء الاتحاد الأوربي في الخرطوم خلال اجتماعهم بحمدوك الثلاثاء بالعودة الفورية إلى النظام الدستوري. المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس 2019 بين المدنيين والعسكريين في السودان.
وفي ظل الجدل الدائر حول الوضع الدستوري الحالي في البلاد؛ أشار سفراء الاتحاد الأوربي في بيان إلى أن التدخل العسكري في ٢٥ أكتوبر أدى بشكل فعال إلى إخراج تحالف المدنيين والجيش عن مساره.
وتعبيرا عن حالة الجمود تلك أعلن رئيس الوزراء السوداني تعثر الاتفاق الموقع مع البرهان وجميع المبادرات التي طرحها خلال الفترة الاخيرة بفعل “التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة”.
ومنذ إعلان البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلسي السيادة والوزراء يشهد السودان اضطرابات سياسية وحركة احتجاجات كبيرة أدت إلى مقتل 45 متظاهرا.
وبعد توقيعه على إعلان سياسي مع البرهان في الحادي والعشرين من نوفمبر تعرض حمدوك لضغوط كبيرة من الشارع السوداني.
سكاي نيوز