يوسف السندي
دخلت البلاد في (خرم ابره) نتيجة للانهيار الاقتصادي المتفاقم ، وفي ظل تأثير الحرب الروسية الاوكرانية على الاقتصاد العالمي ، فان وتيرة هذا الانهيار ستزداد يوما بعد يوم ، وفي ظل هيمنة جنرالات الجيش والحركات المسلحة الذين لا يفهمون سوى لغة السلاح والبطش على السلطة ، فان مصير السودان الاسود لم يأتي بعد ، وكل هذا بسبب (العسكرية) التي كان ينادي بها البعض .
في قلب الخرطوم بالأمس تناوب عساكر النظام الانقلابي على اغتصاب فتاة جامعية بعد ان انزلوها من حافلة ركاب ، كما تم نهب وضرب بقية الركاب. هذه هي نتائج العسكرية التي يريدونها .
بالامس اصيب عشرات العزل من المتظاهرين بالرصاص المطلق عليهم من سلاح (خرطوش) لعساكر الانقلاب ، وهو سلاح يطلق (رايش) متعدد وفي اتجاهات متعددة داخل الجسد ، عكس الأسلحة التي تطلق رصاصة واحدة وتصيب مكانا واحدا.
ارتفعت اسعار الخدمات الصحية بصورة غير مسبوقة ، كمثال ، ارتفعت كلفة التأمين الطبي لدى شركات التأمين لتتضاعف تكلفة التأمين للفرد الواحد بنسبة تفوق ال ١٠٠% عن ما كان عليه في العام السابق وأكثر من ٣٠٠% عن ما كان عليه قبل عامين ، وهو وضع يصعب على غالبية الشعب السوداني ان يجد فيه جرعة دواء ، ولكنها العسكرية التي يريدونها.
الزراعة في مشروع الجزيرة تواجه صعوبات جعلت بعض المزارعين الذين قاموا بزراعة (البامبي) بتركه في الحقول لترعاه البهائم ، فسعر الحصاد والترحيل يفوق سعر المحصول في السوق.
التدخل الدولي في الشأن السوداني أصبح واضحا وفاضحا ، فالعسكر كما باعوا ذهب السودان ، باعوا سيادته وسمعته واصبحنا (مرمطة) للغاشي والماشي ، ولكنها العسكرية التي ينادي بها البعض .
الواقع الراهن في ظل حكم جنرالات الجيش والدعم السريع لا يهدد المدنيين فقط ، وانما يهدد العسكريين ايضا ، تلك الفتاة التي اغتصبت ربما هي شقيقة او بنت عسكري، وشهداء ومصابي المظاهرات لا يخلو ان يكون بينهم ابن او اخ او قريب لعسكري ، وارتفاع تكلفة العلاج وزيادة الأسعار يدفع ثمنها العساكر كما يدفعها المدنيون ، والمزارع الخاسر ربما هو والد عسكري ، ولكن العساكر الذين يدفعون الثمن ليس هم القادة الذين يتربعون على مقاعد السلطة وانما صغار الضباط والجنود .
الشباب الذين هم في الشارع الان لا يدافعون عن انفسهم في وجه هذه السلطة الانقلابية الغاشمة ، وانما يدافعون عن شرف اخواتهم ، وعن صحة آبائهم ، وعن حقوق المزارع ، وعن سيادة السودان . هم يدافعون عن المدنيين وعن العسكريين المطحونين معا ، في مواجهة ثلة بسيطة من العسكر والانتهازيين انقلبوا على سلطة الشعب وحكم القانون وعاثوا في الأرض فسادا.
ان لم نوقف هؤلاء الانقلابيين عند حدهم اليوم ، فلا وطن لنا غدا ، ولا شرف ، ولا سيادة.
short_link:
Copied