أخبار السودان:
ولحق بهم الرئيس التشادي::: أغلب دول أفريقيا خرجتْ من الاستعمار ووقعت تحت حكم قادة طغاة أسوأ من المستعمرين أنفسهم، أوقفوا تقدمها وحرموا شعوبهم من التمتع بالاستقرار سنين طويلة، كل ذلك من أجل إرضاء غرورهم الذي صور لهم أن لا أحد أحق بالسلطة غيرهم ودونهم لن تستقيم دولهم، فتمادوا في التجبر والتكبر ناسين أن النهاية آتية وإن طالت سنين حكمهم. الثلاثة عقود الماضية شهدت عدد من الدول الأفريقية ميلاد حكوماتٍ ديمقراطية بالتي هي أحسن ونجحت في العبور بنفسها وبعضها تعثر، ولكن في العقد المنصرم شهدت ثوراتٍ شعبية لاقتلاع من أبى من الطغاة فقاوموا الثورات حتى آل بهم الأمر إلى سوء الخاتمة، منهم من قتل ومنهم من سجن، الأوفر حظاً وجد دولة تبرعتْ باستضافته، ولكن الكارثة أنهم تركوا دولاً هشة ما زالت تعاني رغم مرور عشر سنوات على سقوط بعضهم .
الرئيس التشادي إدريس دبي شهد كل تلك النهايات إلاَّ أنه لم يتعظْ ويعمل بقول المثل العاقل من اتعظ بغيره، وهو يعلم أنَّ شعبه قد مله وكثر معارضوه واكتملت كل الأسباب التي تجعل نهايته أقرب لزملائه الطغاة، وأنه إذا لم يتصرف فلا محالة لاحقهم، ولكن كعادة الطغاة لا يتعظون بغيرهم لأنهم باختصار غير عقلاء. دبي بدا واضحاً أنه يريد تخليد نفسه في السلطة مدى الحياة، فالرجل أجرى انتخاباتٍ فاز بها بما يقارب النسبة الكاملة، للولاية السادسة وهو ما عجل بنهايته فكان مصيره اللحاق بمن سبقوه من طغاة وكان حظه الخيار الأسوأ. وهو مثلهم حكم ثلاثة عقود وترك خلفه دولة غاية في الهشاشة، وبلا شك مصيرها لن يكون بأفضل من مصير تلك الدول التي سبقتها، بل ربما يكون أسوأ فقد ورث الحكم ابنه، وبلا شك هذا لن يرضي المعارضة، فقد مشروع طاغية جديد يحكم مدة أطول.
ولحق بهم الرئيس التشادي::: بلا شك ما حدث في تشاد سينعكس على أمن السودان خاصة وأنَّ هناك قبائلَ مشتركة بين الدولتين، ومنها قبيلة دبي نفسه والذي سبق وأن فتح أراضيه للحركات المسلحة التي يتشكل أغلبها من أبناء أهله وتربطه علاقة شخصية قوية مع بعض قادتها ودعمهم بسخاء، ولكن لمشاكل كثيرة لسنا بمجالها توقف دبي عن مساعدة الحركات خلال السنوات الأخيرة ودفعها نحو التسوية .
ولحق بهم الرئيس التشادي::: عموماً مقتل دبي ووراثة ابنه للحكم لن تمر مرور الكرام، فقد انفتح الباب واسعاً أمام احتمالات كثيرة يجب أن يكون السودان مستعداً لأكثرها سوءاً، وعليه أن يحمي حدوده ويسرع في تنفيذ اتفاق السلام، والالتزام بعدم التدخل في شؤون تشاد إلا بما يساعد في إصلاح ذات البين وتحقيق الاستقرار.
نأمل صادقين أن يجنب الله تشاد شر الانزلاق في الفوضى وأن لا يتأثر السودان، ونرجو أن يكون الرئيس التشادي آخر الرؤساء الذين يقتعلون بالقوة، ونتمنى أن يتعظ ابنه ولا يسعى إلى الانتقام ويصل مع المعارضة إلى تسوية، إذ لا يحق له أن يرث السلطة فهي من حق الشعب التشادي كله ويجب أن تعود إليه.
صحيفة السوداني