يعتبر البعض أن الحديث عن تقييم اتفاقية جوبا للسلام وتقويمه ومراجعته قبل تنفيذه، عبارات تستبطن إلغاء اتفاق السلام, ربما ذلك كان مثار تخوُّف من الورشة التي سوف تنطلق لتقييم اتفاقية جوبا للسلام بعد أسبوع، بمشاركة جميع أطراف عملية السلام، خاصة في ظل إعلان دول كبرى عن تقديم الدعم الكامل وصولاً لتنفيذ البنود لتحقيق السلام والاستقرار.إذاً هل ستكون ورشة تقييم اتفاق سلام جوبا بمثابة بوابة لإلغاء الاتفاق؟
ورش التقييم
رئيس لجنة السلام بالمركزي عبد الجليل الباشا، أكد لـ(اليوم التالي) أمس، أنه بعد توقيع الاتفاق الإطاري للعملية السياسية انطلقت اللجنة في مجهودات ضخمة للتجهيز لانطلاق ورش التقييم الأسبوع المقبل، ونوَّه الباشا إلى أن الملف يعتبر من أهم القضايا الخمس ووصفه بالمحوري لمجمل العملية، وأوضح أن التقويم أو التقييم ينطلق من مبدأ أهم ما حققته الاتفاقية وهو وقف الحرب ويمتد إلى المضمون والممارسة.
خط أحمر
وحول تصريحات بعض أطراف إعلان جوبا بأن المساس بالاتفاقية خط أحمر، قال الباشا: إن مثل هذه التصريحات تنطلق من المواقف السياسية، وأردف: لكل موقفه، مؤكداً أن الورش تحقق مصالح الحركات الموقعة وتحافظ على ما تم إنجازه لمصلحة قضية السلام ومجمل قضايا السودان. وأكد الباشا أن التمويل لم يعد عقبة أمام السلام بعد إعلان كل المجتمع الدولي وقوفه وراء تحقيق بنود الاتفاقية ودعمها الكامل لها من خلال الآليات الثلاثية والرباعية، مشيراً إلى أن تقدَّم العملية السياسية يتم بتحقيق المزيد من التوافق بتسريع تنفيذ الملف بالكامل. ولكن الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير المجلس المركزى جعفر حسن، يقول: إن اتفاق جوبا لسلام السودان بشكله الحال يؤدي للحرب، وإلغاؤه يؤدي إلى حرب ولابد من مراجعته.
محاولة تعديل
ويبدو أن الحركات الموقعة على الاتفاق والرافضة لأي محاولة لإحداث تغيير أرادت أن تستبق الورشة بشئ من إطلاق التحذيرات للمشاركين في الورشة مفادها أن أي محاولة لتعديل أو تغيير الاتفاق سوف تجد الرفض. وأشار جبريل إلى أن الاتفاق السياسي الإطاري تناول سلام جوبا لسلام السودان بشئ من السطحية، لكن نقول لهم: ” اللعب بالنار ليس له لزوم ” والذين ينتظرون أننا نوقيع على الاتفاق الإطاري فهم واهمون.
تقييم وتقويم
ويقول المحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر، إن أول مرة أثيرت فيه مسألة مراجعة وتقييم اتفاقية جوبا للسلام في ورشة بيوغندا كانت في أغسطس الماضي، حيث شاركت فيه مجموعات من المجتمع المدني وبعض رموز المجتمع المدني والحركات وشتات المهجريين.
وأكد لـ(الصيحة) أن الورشة مبادرة للمركز الإقليمي للتدريب لتقديم المجتمع المدني بدعم من منظمة البيئة العالمية. وقال: الورشة بعد نقاشات مطوَّلة أوصت بأن اتفاق جوبا يمثل أرضية جيِّدة لسلام السودان لأنه يؤسس للفدرالية واعتماد الأقاليم والولايات على نفسها بأن يتعدد مراكز اتخاذ القرار في السودان. بالتالي مسألة التنمية تحسم في الإطار الفيدرالي وفي إطار الديموقراطية وفي إطار حقوق الإنسان ومراجعتها في كل المجالات.
عوائق كثيرة
وأكد خاطر أن النقاشات أشارت إلى وجود عوائق كثيرة جداً لم تمكن الاتفاق أن يصل إلى نهاياته السليمة. ولم تتحرَّك بسبب نقص التمويل التي أدت إلى بطء الترتيبات الأمنية, وغيرها من القضايا المختلفة. ولذلك النصيحة كانت في مرحلة من المراحل الورشة أن المجتمع الدولي يدعو كل الأطراف لمراجعة وتقويم وتقييم اتفاق جوبا باعتباره المدخل المناسب لأي شعور بالغبن الجديد الذي يؤدي إلى حرب. وفي نفس الوقت تأكيد للعوامل الإدارية والمهنية والعملية التي تجعل بنود الاتفاق لصالح العملية السلمية نفسها لكل السودان. بالتالي في هذه الحالة لأول مرة أسمع بهذه الورشة, وعلى تلك الخلفية أرحِّب ترحيب كامل بها خاصة في هذا الظرف الدقيق من مرحلة الانتقال الديموقراطي بالبلاد.
ضد السلام
وتتمسَّك حركة وجيش تحرير السودان، هي الأخرى، بذات الموقف الرافض لمراجعة اتفاق جوبا للسلام، وظل رئيس الحركة”مني أركو مناوي” يردِّد تصريحات تعبِّر عن ذلك الاعتراض، ويذهب أكثر بالتلويح بالعودة للحرب متى تم المساس بالاتفاق. وذهب مناوي في تصريح على حسابه الشخصي في تويتر مغرِّداً بالقول: “بعض أطراف سلام جوبا يرتمون في أحضان من يقفون ضد السلام ويصرون على إلغاء الاتفاق تحت غطاء المراجعة”. وقال: الذين يرفضون اتفاق جوبا لسلام السودان بأنهم مرافيد من أحزابهم، ولا يمثلون إلا أنفسهم وأن قولهم مردود لهم وله تداعيات خطيرة على أمن واستقرار السودان .
بمثابة نافذة
ولكن المتحدث باسم الجبهة الثورية يقول: إنّ أي قصور في اتفاق جوبا يمكن تداركه من خلال الملاحق، التي هي بمثابة نافذة لاستيعاب أي مستجدات أو قادمات على الاتفاق، أما نقض العهود والاتفاقات فهذه تركة المؤتمر الوطني المحلول وهي ثقافة يجب ألا نتشبث بها إذ أنها لا تؤدي إلا لإطالة أمد الحرب
نص الاتفاق
ويؤكد القيادي بحركة العدل والمساواة، المتحدِّث الرسمي باسم الجبهة الثورية،محمد زكريا، رفض حركته القاطع لأي تعديل يمكن أن يُجري على اتفاق سلام جوبا. وقال لـ”سودان تربيون”: “لن نقبل بتعديل فاصلة في نص الاتفاق”. وأشار زكريا إلى أن الاتفاق يمثل ثمرة لنقاشات طويلة امتدت نحو عام كامل بين حركات الكفاح المسلح والحكومة المدنية الانتقالية التي تشكلت في العام 2019 قبل التوصل للاتفاق الذي وصفه بالتاريخي، ويشير زكريا إلى أن واجهات سياسية قابلت الاتفاق بالرفض منذ البداية وهي القوى التي قال إنها ترغب بالأساس في احتكار إجراءات الانتقال.
المصدر: الصيحة