واجب ومسؤولية القيادات الدينية
تعتبر القيادات الدينية القدوة التي يسير الناس في المجتمع على خطاها وهي التي تمضي بهم إلى الفلاح والنجاح حال التزامها القيم النبيلة وابتعادها عن كل ما يعكر الصفو ويثير الفرقة والشتات.
وحتى تنهض مجتمعاتنا وتمضي في طريق النجاح يجب على القيادات الدينية ان تبتعد تماما عن ما يسبب النزاع والشقاق وذلك باستيعاب
الخلافات الفكرية وتحويل التنوع إلى نقطة قوة و تربية المجتمع على التسامح وندريبه على القبول بالاخر وعدم الوقوع في المشاكل التي تؤدي إلى التفتت والتباعد عن بعض.
ويجب على القيادات الدينية في مجتمعاتنا ان تعمل على تعظيم قيمة الرابطة الإيمانية، وتجاوز مسألة الخلافات الجانبية الجزئية.
ومن أخطر أمراض المجتمع التي تقع مسؤولية محاربتها على القيادات الدينية قيام البعض بالتأليب على اناس بمبرر الاختلاف في بعض الآراء والتوجهات، وهذا العمل المذموم مخالف لقيم الدين وتعاليمه التي تحث على التسامح وإيجاد العذر للآخر وفهم الدوافع التى ادت إلى تبنيه رايا مختلفا وعلى القيادات الدينية تشجيع ثقافة الحوار والاستماع للاخر وإعطاءه الحق في تبني الرؤية التى يريد طالما لا تخالف قطعيات الدين وقواعد الشريعة ، وحتى بافتراض وقوع المخالف في الخطأ وتبنيه موقفا غير سليم فان واجب القيادات الدينية توضيح الحقيقة دون تشنج ومنع الناس من الاعتداء عليه لان مثل هذه السلوكيات ضارة بالجميع ولها نتائج واثار سيئة على المجتمع ككل.
وعلى قياداتنا الدينية ان تقول للناس ان الرؤية الدينية للاجتماع الإنساني رؤية واقعية، تنطلق من أن طبيعة البشر تنتج حالة الاختلاف، كما أن طبيعة النص الديني تسمح بتعدد الاجتهادات والقراءات، ضمن الضوابط المنهجية ، وفي كل دين أو مذهب هناك مساحة محدودة للقضايا اليقينية هي أصول الدين والمذهب، أو الضرورية المجمع عليها، وهناك مساحة واسعة للقضايا الظنية والنظرية، التي تكون مسرحًا لتعدد الآراء والاجتهادات، ولا بد من استيعاب هذا التعدد في الآراء بالإقرار بحق الاختلاف، وحرية التعبير عن الرأي، والاحترام المتبادل، واعتماد منطق الدليل والبرهان في المناقشة والحوار، لاكتشاف الأقرب للصواب.
ان بعض القيادات الدينية تضيق صدورهم بوجود رأي مخالف لرأيهم داخل المجتمع الديني، ويتوقعون أن يكون الجميع في مستوى واحد من الإيمان، وعلى رأي واحد في كل التفاصيل العقدية، والممارسات الشعائرية الدينية و انطلاقًا من هذا التوقع والتوجه، يصطدمون مع أي رأي آخر، وينتهكون حرمات المختلفين معهم، باتهامهم في دينهم، والتشكيك في نياتهم، ويفرضون عليهم الحصار والمقاطعة، مما يسبب تمزّق المجتمع وتشويه صورة الدين.
الذي ارسي النهج الاستيعابي للاختلافات الداخلية في الآراء والأفكار في أوساط أتباعه ، ولم يقبل أن يتخذ بعضهم من بعض موقف القطيعة والبراءة، ولا انتهاك الحقوق وتجاوز الحرمات ولاشك ان في هذا سلامة المجتمع وحفظه وعلى القيادات الدينية تقع مسؤولية كبرى وعظيمة وهي الحفاظ على هذا المجتمع واعتبار ان التفاوت في بعض المواقف واختلاف الرؤي حول بعض القضايا مسألة إيجابية لابد من تشجيعها.
سليمان منصور