أخبار السودان :
هل اقتربت العودة الى الخرطوم؟
ملايين المواطنين من سكان ولاية الخرطوم غادروها مجبرين وتشتتوا ما بين الداخل والخارج اذ ارهقتهم الحرب وانعكست عليهم نتائجها الكارثية تشريدا ونهبا لممتلكاتهم وتدميرا طال البني التحتية والخدمات وحتي منازل الناس وممتلكاتهم الخاصة ، ومع هذه الاوضاع الحرجة التي مرت بالناس ، ومع قسوة النزوح والبعد عن الديار ، مع هذه الاوضاع والظروف المعقدة هاهي دعوات من هنا وهناك تنادي بضرورة العودة إلى الخرطوم ، وان الظروف باتت الان مواتية ، مع حديث عن انحسار الدعم السريع وانتشار للجيش في عدد من المناطق التي لم يظهر فيها من قبل ، لكن هل حقا باتت الظروف الان مواتية للعودة حقا؟
لا اظن منصفا يؤيد دعوة كهذه ، ففي ظل هذه الأوضاع المعقدة لايمكن القول بان الدعوة للعودة امر سليم ، فعلاوة على المهددات الامنية الكبرى لحياة الناس هناك انهيار كامل للقطاع الصحي ، وقد خرجت عشرات المستشفيات من الخدمة ، وعجزت اخريات عن سد حاجة المرضى ، وهناك انهيار كامل للقطاعين الصناعي
والتجاري بحيث يصعب الان الحديث عن استعادة هذه القطاعات الحيوية الهامة لحياتها وتقديمها الخدمة ، ولاندرى كيف يمكن الحديث عن امكانية العودة الان للخرطوم مع الانهيار شبه الكامل للقطاع السكني ، فالتدمير قد طال عددا من البيوت ، والعدد الأكبر منها تم نهبه وليس فيه الان اي شي ، ومع كثرة الجثث وتردي البيئة بشكل فادح يصعب على الناس ممارسة حياتهم بشكل طبيعي في هذه الظروف ، ومن المعروف ان قطاع المواصلات قد تدهور يشكل كبير الى الحد الذي يجعل من الصعب على الناس الاستفادة منه الان.
ومع الصعوبة البالغة في توفر الاساسيات من ماء وكهرباء وعلاج وامن في المقام الأول سيكون من العسير تصور العودة الان ، ويلزم ابتداء توفر وفود مقدمة للبدء في ازالة خراب الحراب و تهيئة المدينة لاستقبال العائدين .
هذا الدمار لا يمكن حصره بالمال و لا يمكن رصد مداه الان و ستحتاج الخرطوم لدعم دولي ضخم وجسور جوية وبحرية من المساعدات من الاصدقاء تهيئة لعمل كبير سيستمر لسنوات لن تقل عن ٤سنوات يهدف لاعادة مظاهر الحياة في الخرطوم لما كانت عليها من سوء قبل ١٥ ابريل ٢٠٢٣ .
هذا من الناحية المادية ، اما من الناحية الانسانية فلنا ان نتصور احوال الاسر العائدة و التي فقدت عزيز لها في الحرب و فقد مصادر رزقها و اعمالهم واستقرار اسرهم و اطفالهم كم من الزمن سيحتاجون الي ان يعودوا منتجين و طبيعيين من جديد.
سليمان منصور