طلب الخصمان المتحاربان في الصراع، الذي اندلع في السودان يوم 15 إبريل/نيسان، الدعم الأجنبي في السنوات التي سبقت القتال.
ويمكن لهذا الدعم أن يؤثر الآن على مسار الصراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، كما قد يكون له تأثير على الجهود المبذولة لوقف العنف.
وأدّى الصراع إلى حرب مفتوحة في العاصمة الخرطوم، وأثار اضطرابات جديدة في إقليم دارفور، غربي البلاد. ونزح مئات الآلاف داخل السودان، وفر 100 ألف عبر الحدود.
ويلوح تأثير اللاعبين الخارجيين في أفق الأحداث بالسودان منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير خلال انتفاضة شعبية قبل أربع سنوات.
من يدعم البرهان؟
أهم داعم للبرهان مصر التي تشترك في حدود مع السودان، عبرها أكثر من 40 ألف شخص منذ بدء القتال.
وفي كلا البلدين، لعب الجيش دوراً مهيمنا في العقود التي تلت الاستقلال، وتدخل في أعقاب الانتفاضات الشعبية. ففي مصر، قاد قائد الجيش السابق، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، إطاحة الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي قبل عقد من الزمن. وفي السودان، قاد البرهان انقلاباً عسكرياً في عام 2021.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن مصر تشعر بالراحة في التعامل مع البرهان وتعتبره الضامن الأكثر ترجيحاً لمصالحها، بما في ذلك في المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي الذي يجرى بناؤه على منابع النيل الأزرق.
وفي الأشهر الأخيرة، نُظر إلى دعم المجتمع الدولي خطة انتقالية تشمل التحالف المدني الرئيسي، وأنشأت القاهرة مساراً موازياً للمفاوضات تشارك فيه شخصيات أقرب إلى الجيش.
وخلال القتال الحالي، انضمت مصر إلى الدعوات لوقف إطلاق نار فعال، بينما قالت إنها تعتبر النزاع شأناً داخلياً سودانياً. واستقبلت وزارة الخارجية المصرية يوم الثلاثاء مبعوثاً للبرهان.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن القاهرة مهمة لممارسة أي ضغط على المدى القصير على البرهان.
من يدعم حميدتي؟
كانت الإمارات أهم حليف إقليمي لحميدتي قبل الصراع.
وقدم حميدتي نفسه على أنه حصن ضد الفصائل ذات التوجهات والميول الإسلامية التي رسخت جذوراً عميقة في الجيش والمؤسسات الأخرى في عهد البشير. وتسعى الإمارات بقوة إلى دحر نفوذ الإسلاميين في جميع أنحاء المنطقة.
وقال الأستاذ المساعد في كينغز كوليدج بلندن، أندرياس كريج، إن الإمارات وفّرت لحميدتي، الذي نمت ثروته من خلال تجارة الذهب، منصة لنقل وتوجيه موارده المالية، وكذلك الدعم في ما يتعلق بالعلاقات العامة لقوات الدعم السريع.
ومع ذلك، يقول محللون إن الإمارات سعت أيضاً إلى التحوط في رهاناتها، والاحتفاظ بعلاقاتها مع البرهان والجيش والانضمام إلى المجموعة الرباعية، وهي مجموعة تصدرت العمل الدبلوماسي بشأن السودان وتضم أيضا الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا.
وقال كريج: “في حين أنها تدعم علناً نهج السياسة الذي تتبعه المجموعة الرباعية، إلا أنها تستخدم شبكاتها لصنع مركز تأثير بديل مع حميدتي وقوات الدعم السريع”.
وأقام حميدتي أيضاً علاقات مع روسيا. وقال دبلوماسيون غربيون في الخرطوم، في عام 2022 إن مجموعة فاغنر الروسية متورطة في تعدين الذهب بشكل غير مشروع في السودان. وقال حميدتي إنه نصح السودان بقطع العلاقات مع فاغنر بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها. وقالت فاغنر في 19 إبريل إنها لم تعد تعمل في السودان.
ما هي القوى الأخرى التي لها تأثير؟
ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات وثيقة مع البرهان وحميدتي، وكلاهما أرسل قوات إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وقالت كبيرة محللي شؤون الخليج بمجموعة الأزمات الدولية، آنا جاكوبس، إنه مع زيادة طموحاتها الدبلوماسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، عززت الرياض مكانتها في التوسط في السودان، بينما تتطلع أيضا إلى حماية طموحاتها الاقتصادية في منطقة البحر الأحمر.
وأضافت: “تركز السعودية على أمن البحر الأحمر، وهو جزء لا يتجزأ من رؤية 2030 الخاصة بالمملكة والاستثمارات على طول البحر الأحمر مثل (مشروع) نيوم”، في إشارة إلى المدينة المستقبلية التي يدعمها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتقود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الجهود لتأمين وقف إطلاق نار فعال.
كما تتمتع إثيوبيا وكينيا، القوتان البارزتان في شرق أفريقيا، ببعض النفوذ بسبب دورهما البارز في الدبلوماسية الإقليمية والوساطة السابقة في السودان.
واستضاف جنوب السودان محادثات سلام بين الحكومة السودانية وجماعات متمردة في السنوات الأخيرة، وجرى اختياره كإحدى الدول التي يمكن أن تستضيف محادثات بشأن الأزمة الحالية.
كما عرضت إسرائيل، التي كانت تأمل المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع السودان، استضافة المحادثات.
ما هو موقف الغرب؟
دعمت القوى الغربية مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات، إذ تقاسم الجيش السلطة مع المدنيين بعد إطاحة البشير، وقدّمت دعماً مالياً مباشراً جرى تجميده عندما قام البرهان وحميدتي بانقلاب في عام 2021.
وساندت، بقيادة الولايات المتحدة، اتفاقاً انتقالياً جديداً كان من المفترض أن يُنتهى منه في أوائل إبريل، لكن هذا الاتفاق ساهم، بدلاً من ذلك، في اندلاع القتال من خلال خلق مواجهة حول البنية المستقبلية للجيش.
ويقول النقاد إن الولايات المتحدة كانت متساهلة للغاية مع الجنرالات.
وقال الخبير في شؤون السودان والمدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في جامعة تافتس، أليكس دي وال: “كانت استراتيجيتهم هي الاستقرار، وكان مفهومهم الخاطئ الأساسي هو أنهم سيحصلون على الاستقرار من خلال دعم اللاعبين الأقوياء والحاسمين والمتماسكين على ما يبدو، والذين تصادف وجودهم في السلطة”.
المصدر: رويترز