أخبار السودان :
مصر ومعادلة معركة وحدة الساحات
مصر الرسمية تمنع اشتعال الجبهة المصرية باتجاه فلسطين المحتلة ، هذا واضح ولا يحتاج إلى كثير كلام حوله ، وفى نفس الوقت تسعى مصر الرسمية نفسها إلى تقوية دفاعاتها فى سيناء تحسبا لأى طارئ فى يوم من الايام ، كل هذا واضح ومفهوم ، ومفهوم أيضا ما وقع فجر السبت من تطور فاجا مصر الرسمية كما فاجا العدو وان حاولت القاهرة ان تخرج الموضوع بشكل يتماشى مع سياستها ولا يعطى ايحاء بان مصر الشعبية يمكن أن تكون جزء من محور يكبر يوما بعد يوم يرفض الصلف والعنجهية الصهيونية ويمارس ضبط النفس الذى يمكن أن يتطور في اي لحظة إلي جهاد ضد العدو الصهيونى ضمن معادلة يخشاها العدو جدا وهى وحدة الساحات.
جاء الحادث البطولى للجندى المصرى الذى عبر الحدود واخترق تحصينات العدو وأطلق النار باتجاه جنود العدو فى الداخل المحتل وقتل عددا منهم ، جاء هذا الحدث كوقع الصاعقة على العدو ومحور التطبيع والخنوع بما فيهم مصر الرسمية نفسها ، ومثل هذا الفعل خرقا أمنيا خطيرا بالنسبة للعدو الصهيونى الذى تفاجأ بإطلاق عنصر امتى مصرى النار فقتل اثنين من الجنود الصهاينة فى الحال ودخل فلسطين المحتلة وكمن لجنود العدو وفتح النار على القوة التى هاجمته فقتل جنديا ثالثا واصاب ضابطا إسرائيليا في مقتل مما فتح الباب واسعا أمام الكثير من التحليلات وصولا إلي قاعدة واضحة مفادها ان مصر الشعبية تقف بوضوح الي صف المقاومين الفلسطينيين بلا محالة ، وهذه الرؤية جعلت الرواية الرسمية للجيش المصرى علي لسان الناطق الرسمي باسمه جعلها بعيدة جدا عن التصديق والقبول بها ، إذ قال البيان الرسمي المصري ان دورية للجيش كانت تطارد عصابات تهريب وتم تبادل إطلاق النار مع العصابة مما اسفر عن مصرع جنديين اسرلئليين علي الجانب الاخر من الحدود ، وقد قوبلت هذه الرواية الرسمية لمصر بالاستهزاء من قطاعات واسعة فى الشارعين المصري والعربي على السواء ، ومما زاد من رفض الكثيرين فى مصر وخارجها للصيغة المصرية الرسمية ان الحكومة الإسرائيلية هي التي كشفت ماجرى ولم تتطابق الرواية المصرية الصادرة لاحقا مع الرواية الإسرائيلية التي تحدثت عن مقتل جنود صهاينة ، ويرى المحللون ان الرواية المصرية لايمكن تصديقها لان إسرائيل من جانبها حتما لاتريد ان تقول للعالم ان الجبهة المصرية مهياة للاشتعال في اي لحظة مما يقوي فرص نجاح نظرية معركة وحدة الساحات ويزيد من اطمئنان فصائل المقاومة الفلسطينية وعموم جبهات محور المقاومة الي صوابية خيارها وقرارها ، وانها حتما ستكسب كثيرا من انضمام الجانب المصري – ونعني به هنا طبعا الجانب الشعبي لا الرسمي – الي محور المقاومة فى تبنيه نظرية معركة وحدة الساحات التي ترعب العدو جدا وتزيد من قلقه وتجعل من مجرد تحقق هذا الاحتمال كابوسا كبيرا لايمكن احتماله.
ومن المهم جدا هنا الإشارة الي أن التاريخ شهد حوادث مماثلة لجنود مصريين تمردوا على التعليمات والقرار الرسمي ، وفتحوا النار على الجنود الصهاينة إنتصارا لفلسطين ، ورفضا لما ظلت تمارس من تجاوزات وبلطجة بحق الشعب الفلسطيني ، وحدث هذا ثلاث مرات من قبل ، وفى احدى المرات انضم الجنود المصريون إلى إخوانهم في فصائل المقاومة الفلسطينية محاربين في صفوفها ، فما الذي يمنع ان تكون هذه هي المرة الرابعة او الخامسة بحسب الاختلاف فى الاحصاءات.
وما يجب التأكيد عليه هنا وبلا اى خلاف ان الشعب المصري سيظل رافضا لقرارات حكوماته المتعاقبة التي اختارت السلام المزعوم مع دويلة إسرائيل ، وسيبقى نبض الشعب المصري مع فلسطين والمقاومة ، ولامحالة سينتصر هذا الخيار ، وبإذن الله لن يكون ذلك بعيدا مهما كثرت العقبات ، واعترضت طريقه التحديات.
سليمان منصور