أخبار السودان:
انتشرت في الوسائط وثيقة قيل انها لمشروع قانون جهاز الامن، بغض النظر عن صحة هذه الوثيقة من عدمها الا إن مناقشتها ضرورية لجهة انها تعالج قضية مهمة جدا لم يتم حسمها حتى الآن وهي قانون جهاز الامن الانتقالي. معظم المطلعين على هذه الوثيقة لفت نظرهم وجود سلطة اعتقال لجهاز الامن! حيث يخول مشروع القانون لجهاز الامن إمكانية الاعتقال لمدد مختلفة حسب منطوق القانون بين ٤٨ ساعة و٧٢ ساعة، هذه السلطة أعادت إلى الأذهان ذكريات سلطة الاعتقالات سيئة السمعة لجهاز امن البشير.
مشروع قانون جهاز الامن:: الحكومة الراهنة هي حكومة انتقالية جاءت على دماء السودانيين ومعاناتهم في سجون معتقلات الأمن الانقاذي، عليه فليس من المنطق ان تفكر هذه الحكومة مجرد تفكير في إضافة أي سلطات اعتقال لمهام جهاز الامن، وإنما عليها أن تحرص على أن تكون سلطة الاعتقال سلطة خاصة بجهاز الشرطة فقط، وأن تكون سلطة جهاز الامن هي سلطة خاصة بجمع المعلومات وتحليلها وتزويد السلطات ذات الصلة بها، وهذا الأمر يجب أن لا يخضع للنقاش داخل الحكومة وخاصة في وسط الشق المدني فمعظم القيادات المدنية بالحكومة الراهنة عانت وقاست من أهوال الاعتقال والتعذيب في زنازين جهاز أمن البشير وكانوا الأكثر انتقادا للإنقاذ بأنها سلطة (رباطة وامنجية) وأنها سلطة منتهكة لحقوق الإنسان، فهل يفعلون هذا الأمر حين جاءتهم السلطة؟ وماذا يكون الفرق اذا بينهم وبين الانقاذ!!!!
مشروع قانون جهاز الامن:: قد تجد سلطة الاعتقال المحددة ب ٤٨ ساعة بعض الرضا لدى البرغماتيين الذين يتحدثون عن ضرورة أن يكون للحكومة الانتقالية (أنياب) وان لا تكون حكومة (هينة ولينة) أمام معارضيها، وهؤلاء بالطبع سيقارنونها بسلطة الاعتقال التي حملها قانون جهاز الامن لعام ٢٠١٠ والذي يعطي الجهاز سلطة اعتقال لمدة ٣٠ يوما يتم تمديدها لمدد أخرى عند الحوجة، بيد أن المقارنة هنا باطلة، فحكومة البشير جاءت بالانقلاب غصبا عن إرادة المواطنين، وبالتالي تستخدم القوة والبطش والتنكيل بالمواطنين للمحافظة على سلطتها، بينما الحكومة الانتقالية جاءت بواسطة المواطنين أنفسهم فكيف يستقيم عقلا وموضوعا ان تنكل بهم!!
الدولة المدنية التي نادى بها السودانيون في ثورة ديسمبر وقدموا في سبيلها الدماء والشهداء لا يجب أن يوجد في سلطتها جهاز أمن يعتقل ويعذب ويقتل، ما حدث للشهيد أحمد الخير لا يمكن ان يتكرر في عهد حكومة الثورة، لذلك هذا النص المنتشر لقانون جهاز الامن إن كان صحيحا وتعتزم بعض الجهات تقديمه للاجازة فعليها أن تعلم أن ذلك من المحرمات في عهد الثورة وفي شرع الثوار ودونه خرط القتاد.