أخبار السودان : أدخلت استقالة رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، مستقبل السودان “في المجهول” في وقت يتشبث محتجون بمطالبهم بالانتقال المدني، وفق ما خلص إليه تحليل من مجلة “فورين بوليسي”.
وتقول المجلة إن الأمم المتحدة بدأت محادثات مع الجماعات السياسية في البلاد في محاولة “لإنقاذ التحول الديمقراطي” بعد انقلاب 25 أكتوبر، إلا إن الممثل الخاص للأمم المتحدة للسودان، فولكر بيرثيس، حذر من أنه سيكون من الصعب تحديد إطار زمني للمفاوضات.
وتلقى بيرثيس دعما من الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي خلال اجتماع مغلق، الأربعاء.
وقال دبلوماسي طالباً عدم نشر هويته إنّ الجلسة “تخلّلتها أسئلة” من جانب كلّ من روسيا والصين والأعضاء الأفارقة في المجلس وهم كينيا والغابون وغانا، “لكن لم تكن هناك معارضة فعلية”.
وقال دبلوماسي آخر مشترطاً بدوره عدم الكشف عن اسمه إنّه خلال الجلسة “كان هناك دعم واسع للمبعوث بيرثيس وجهوده”.
وأضاف “ومع ذلك، فقد طُرحت أسئلة كثيرة أيضاً حول كيفية جعل العملية شاملة وكيفية ضمان مشاركة جميع الأطراف الرئيسيين”.
وعقد مجلس الأمن اجتماعه بطلب من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والنروج وإيرلندا وألبانيا.
وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة وواشنطن قبلتا اتفاق حمدوك في 21 نوفمبر 2021 مع الجيش السوداني، إلا أن الاتفاق لم يرض معارضي الانقلاب الذين رفضوا المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة.
وكان بيرثيس قال خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم الاثنين إنّه يريد في مرحلة أولى إجراء محادثات مع كلّ طرف على حدة للانتقال بعدها إلى مرحلة ثانية تجري خلالها مفاوضات بين الطرفين، سواء مباشرة أو غير مباشرة.
وتمسكت رابطة المهنيين السودانيين بشعارها “لا مفاوضات، لا حل وسط”. ويخشى العديد من السودانيين من انتخابات مثل انتخابات مصر، التي ساعدت في وصول قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، حسب المجلة.
ويقول أحمد الجيلي، المحامي والمعلق القانوني السوداني، للمجلة إن “الانتخابات التي ينظمها الجيش ستكون مسرحية” في السودان.
ويطالب المحتجون السودانيون بحكومة مدنية لقيادة الانتقال في البلاد، لكن العسكريين يرفضون ذلك ويقولون إنهم لن يسلموا السلطة إلى “حكومة تكنوقراط” إلا بعد انتخابات يتم إجراؤها في يوليو 2023.
ويقول الجيلي للمجلة إن الجيش يمكن أن يتنحى عن طريق التفاوض أو عن طريق انقلاب مضاد داخل الجيش نفسه، لكن ذلك قد يقود إلى حرب أهلية.
وتقول المجلة إن العديد من السودانيين يؤيدون التدابير التي اقترحها السناتور الأميركي، كريس كونز، وآخرون والتي تقترح فرض عقوبات على الأفراد الذين يعرقلون عملية الانتقال الديمقراطي التي يقودها المدنيون في السودان.
ويسيطر القادة العسكريون على 250 شركة في مجالات حيوية من الاقتصاد السوداني، مثل الذهب والمطاط وصادرات اللحوم.
ويرفض قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، نقل ملكية هذه الشركات إلى الحكومة، وتقول المجلة إن واشنطن يمكنها وضع أعمال هذه الشركات على القائمة السوداء، واستخدام قانون ماغنيتسكي العالمي، الذي يحظر على الأفراد الأجانب دخول الولايات المتحدة ويجمد أصولهم المالية.
في المقابل، في حديثه للمجلة، يقترح خولود خير، المحلل السياسي السوداني والشريك الإداري في مؤسسة “إنسايت ستراتيجي بارتنرز”، وهي مؤسسة بحثية مقرها الخرطوم، على المجتمع الدولي ممارسة المزيد من الضغوط لإقناع الجيش بالتنحي.
وبحسب المجلة، تتمتع الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل بنفوذ كبير في السودان من خلال صفقات السلاح والدعم السياسي والتدفقات المالية.
وقبل اجتماع الأمم المتحدة، الأربعاء، حول السودان، قالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتّحدة باربرا وودوارد إنّه بالنظر إلى التطوّرات الأخيرة في السودان فإنّ “الديموقراطية باتت الآن على المحكّ”.
وأضافت أنّ “مطالب الشعب السوداني بالديموقراطية والتي رأيناها بشغف كبير لا يمكن حقّاً أن تُدفن”.
وشدّدت السفيرة البريطانية على أنّ “ما نحتاج إلى القيام به الآن هو تقديم دعمنا الكامل للمحادثات التي تسهّلها الأمم المتحدة لكي تجتمع جميع الأطراف وتساعد السودان على العودة إلى طريق الديموقراطية”.
وأوقف انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر مسار المرحلة الانتقالية التي اتفق عليها بين العسكريين والقوى المدنية في أغسطس 2019 بعد بضعة أشهر من إسقاط عمر البشير في أبريل من العام نفسه بعد احتجاجات شعبية استمرت أربعة أشهر.
وخرج السودانيون، بعشرات الآلاف أحيانا، إلى الشوارع بشكل متكرر منذ الانقلاب مطالبين بإبعاد العسكريين عن السلطة وبحكم مدني خالص.
وأسفر قمع قوات الأمن للتظاهرات الاحتجاجية عن مقتل 63 شخصا، معظمهم بالرصاص الحي، وإصابة المئات، وفق حصيلة جديدة أعلنتها لجنة الأطباء المركزية (نقابى مستقلة) التي أكدت وفاة متظاهر الاثنين متأثرا بجروح أصيب بها الأحد.
المصدر: قناة الحرّة