حذر دميتري مدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، من أن الحرب النووية تعني نهاية البشرية ولا يمكن السماح بحدوثها، مشددا على أنه لا يسعى لإخافة أحد.
وقال مدفيديف في مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية: “بطبيعة الحال لا أحد يريد حربا نووية. هذا طريق مسدود وهذه نهاية البشرية، وعلينا جميعا أن نفعل كل شيء حتى لا يحدث انهيار نووي على الأرض أبدا”.
وردا على سؤال وصفه بالصعب للغاية عما إذا كانت هناك مخاوف اليوم من بدء حرب عالمية ثالثة، قال: “عندما تجيب، بعد ذلك تظهر التعليقات أن الروس يخيفون الجميع. لذلك لا أريد أن أخيف أحدا”، مذكرا بأنه شغل في 2008-2012 منصب رئيس روسيا، وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان مسؤولا عن الحقيبة النووية.
وأضاف: “عندما يقولون إن هذا مستحيل، لأنه غير ممكن أبدا، فهم مخطئون دائما. علاوة على ذلك، فقد تم استخدام الأسلحة النووية بالفعل في تاريخ البشرية. ولم يفعل ذلك سوى الأمريكيون”، مضيفا أن “الأهم هو أن القرارات التي تتخذها الدول يجب أن تتخذ ببرود أعصاب مع مراعاة كل الحقائق”.
وأشار إلى النقاط الرئيسية في أساسيات سياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي، موضحا أن “روسيا ترد على ضربة نووية في حالة تعرضها لهجوم نووي، أو في حال تعرضها لهجوم على ما يسمى بالبنية التحتية الحيوية، أو إذا تعرضت روسيا لهجوم تقليدي لكن هذه الضربة تهدد وجود الدولة نفسها”.
كما اعترف مدفيديف بأنه: “لعل القشة التي قصمت ظهر البعير التي أثرت في القرارات النهائية، كانت إعلان أوكرانيا عن رغبتها في استعادة أسلحتها النووية”. واضاف “في مثل هذه الظروف كان على بلادنا ان توفر لنفسها مستوى الامن الضروري”.
ووفقا له، قبل بدء العملية الخاصة، كان العامل الذي “لا يمكن إلا أن يساعد في إثارة قلق روسيا هو توسع الناتو، وهو ما كررته موسكو مرارا على جميع المستويات”. وأشار السياسي إلى أنه في نهاية العام الماضي، أرسل الجانب الروسي مسودة معاهدة بشأن الضمانات الأمنية إلى واشنطن وحلف شمال الأطلسي لنقل حججها، مشيرا إلى انهم “لم يسمعوا. استمروا إلى ما لا نهاية في الحديث عن نفس الشيء: من يريد، ينضم إلى [الناتو]، وسوف نتوسع بقدر ما نريد”.
وأضاف “لكننا وأنتم نتفهم أن هذا تهديد مباشر وواضح لنا. إن وجود قواعد أجنبية وقواعد الناتو على الحدود مع روسيا، حيث سيتم نشر أنظمة الصواريخ الهجومية، هو مجرد ثورة كاملة في القضايا الأمنية. هذا من شأنه أن يخلق نوع تهديدات غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لنا. لقد تحدثنا أيضا عن هذا أكثر من مرة”.
ووفقا له، فإن تحقيق روسيا لأهداف العملية الخاصة في أوكرانيا يجب أن يؤدي إلى إنشاء نظام جديد للأمن الدولي، غير متمحور حول أمريكا.
وقال: “في نهاية المطاف، كل هذا يجب أن يؤدي حقا إلى تشكيل هيكل أمني دولي جديد. غير متمحور حول أمريكا، حيث تكون واشنطن على رأس نظام الأمن الدولي بأكمله، والفرحة في فترة معينة باختفاء الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارسو والمعتادة على حقيقة أن جميع الخطوط العريضة يتم اتخاذها في الخارج أي في واشنطن، بل بالتحديد نظام متوازن ونظام يقوم على مراعاة مصالح جميع الدول”.
وفي حديثه عما إذا كانت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ستغير ميزان القوى على المسرح العالمي، أكد مدفيديف أن “كل شيء قد تغير بالفعل، لقد تغير العالم بالفعل وتغير الهيكل الأمني. الكل يدرك ذلك”.
في الوقت نفسه، أشار مدفيديف إلى أن الهدف الرئيسي الذي حددته روسيا هو حماية مواطني دونباس، للتأكد من أنهم لم يعودوا عرضة للتدمير. وقال “لكن هناك بالطبع أهداف أخرى تم الإعلان عنها أيضا.. هي نزع السلاح ونزع النازية”.
ووفقا له، يجري بالفعل تشكيل نظام أمني جديد في العالم، وهذا يحدث ضد رغبات الأمريكيين. “لنقل بصراحة، في الحقيقة الناتو فشل في تحقيق مصالحه في كييف، وفي النهاية تحول كل ذلك إلى عملية عسكرية خاصة، هذا يعني خفض قيمة قدراتهم، ويعني أنهم أثبتوا أن الناتو ليس منظمة تعمل بكامل طاقتها ولا يمكن أن تحمي شركائها المحتملين حتى النهاية. وهذا يخلق واقعا مختلفا تماما، واقعا مختلفا في العمارة الدولية”.
ودعا مدفيديف إلى إلقاء نظرة على العمليات الجارية في الاتحاد الأوروبي. وبحسبه، فإن “مجلس أوروبا، في الحقيقة، اختفى بعد خروج روسيا من هناك، لا داعي له، لا يهم أحدا، لأن الأوروبيين لديهم مؤسسات أخرى. لقد كانت هناك حاجة إليه على وجه التحديد عندما كان هناك حوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي”. وقال إن “الأدوات الأخرى إما لا تعمل بكامل طاقتها أو تكاد لا تعمل. وهذا ينطبق أيضا على المنظمات التي تتعامل مع الأمن في أوروبا (منظمة الأمن والتعاون في أوروبا)، وهذا ينطبق أيضا جزئيا حتى على الأمم المتحدة”.
لذلك، فإن مدفيديف مقتنع بأن مثل هذا النظام الجديد للأمن الدولي يتم تشكيله بالفعل في الوقت الحاضر، وملامحه مرئية بالفعل. “وأؤكد أن هذا يجب أن يكون نظاما له العديد من الأقطاب، نظام متعدد الأقطاب، وليس نظاما يركز على دولة واحدة. الجميع يحتاج إلى مثل هذا النظام، وبلدنا بحاجة إليه، والصين بحاجة إليه، وعدد كبير من البلدان التي لا تنتمي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بما في ذلك الشرق العربي وإفريقيا وأمريكا اللاتينية”، معربا عن ثقته في أن مثل هذا النظام سيكون أكثر عدلا”.
المصدر: قناة الجزيرة