قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان، فولكر تورك- الثلاثاء- إن الحرب الكارثية غير المبررة التي يشهدها السودان، والناجمة عن صراع وحشي على السلطة، قد نتج عنها آلاف القتلى، والتدمير لآلاف المنازل، والمدارس، والمستشفيات، وغيرها من الخدمات الأساسية، و النزوح الجماعي و كذلك العنف الجنسي، والتي تعد أعمالاً قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
وأضاف تورك، لدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أسباباً معقولة للإعتقاد بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قد إقترفت إنتهاكات جسيمة للقانون الدولي خلال النزاع الجاري الذي يدخل شهره الخامس، بما في ذلك إنتهاكات للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الانسان، ويجب ان يخضع الجناة للمحاسبة.
كما أعرب تورك عن قلقه البالغ من أن حالة الفوضي العارمة المقترنة بالإفلات من العقاب، يسهل أستغلالها من قبل مليشيات وجهات مسلحة إنتهازية أخرى، الأمر الذي قد يفاقم الوضع.
وتشمل المناطق الأكثر تضرراً من الصراع الجاري الخرطوم والمناطق المجاورة، ومدينة الأبيض في شمال كردوفان، ومناطق في إقليم دارفور، ولا سيما غرب دارفور، حيث تحمل الإعتداءات على المدنيين طابعاً عرقيا.
وفي الوقت الذي يصعب فيه تحديد عدد القتلى بدقة نتيجة شدة الصراع الدائر، وصعوبة جمع رفات العديد من القتلى وتحديد هوياتهم ودفنهم، تشير الأرقام المبدئية إلى مقتل ما يزيد عن 4000 شخصاً حتى الأن، بينهم المئات من المدنيين، بما في ذلك 28 من العاملين في المجال الإنساني والصحي و 435 طفلاً، ويٌعتقد أن عدد القتلى أكبر من ذلك بكثير.قال تورك “ورد مقتل العديد من المدنيين اثناء مقاومتهم لمحاولات نهب منازلهم، او إغتصاب نسائهم وبناتهم، من قبل قوات الدعم السريع” مضيفاً أن العديد من المدنيين قتلوا أثناء تبادل لإطلاق النار بين طرفي الصراع، أو نتيجة سقوط قذائف على منازلهم.
“وفي غرب دارفور، تعرض أناس للقتل في منازلهم أو أثناء محاولتهم الوصول لمناطق آمنة سواء في مدينة الجنينة أو على الطريق لتشاد”.
وتابع “تلقى مكتبي تقارير موثقة عن 32 حالة عنف جنسي بحق 72 ضحية حتى تاريخ 2 أب (اغسطس)، من بينها 28 حالة إغتصاب، تورط رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع في إرتكاب ما لا يقل عن 19 حالة، ويٌرجح ان عدد الحالات أكبر بكثير من الرقم المذكور.
وقال: لقد قمت بحثّ كبار المسؤولين في السودان- أثناء زيارتي هناك وكررت ذلك مراراً منذ ذلك الحين- على إصدار تعليمات واضحة لجميع من هم تحت إمرتهم بعدم التسامح مطلقا مع العنف الجنسي، ويجب محاسبة الجناة وإدانة هذا العنف بشكل واضح وقاطع.
وذكر المسئول الأممي في تقريره ان المئات من الاشخاص تعرضوا، بما في ذلك نشطاء سياسيين، ومدافعين عن حقوق الانسان، للإعتقال التعسفي والحجز بمعزل عن العالم الخارجي من قبل طرفي الصراع. منبهاً الى أن في الخرطوم وحدها تم تسجيل إختفاء ما يزيد عن 500 شخصاً، بما في ذلك 24 إمراةً حتى نهاية شهر يوليو، حيث تعرض العديد من المعتقلين لسوء المعاملة وفي بعض الحالات للتعذيب.
ومنذ شهر مايو، تضاعفت حالة إنعدام الأمن الغدائي تقريباً، مما أثر على أكثر من 20.3 مليون شخص، بما في 700,000 طفلاً اصبحوا معرضين لخطر سوء التغذية الحاد والموت.
كما أن الإقتصاد في حالة من الإنهيار التام والنظام الصحي في أزمة، حيث صرحت وزارة الصحة السودانية في مطلع أغسطس بأن 100 من أصل 130 مستشفى في الخرطوم قد اصبحت خارج الخدمة.
وكشف عن نزوح أكثر من 4 ملايين شخص إعتبارا من تاريخ 8 اغسطس، وبحسب التقارير فإن غالبيتهم يعيشون في ظروف انسانية مزرية، مما يجعل النساء والفتيات في معسكرات اللجوء ومواقع النزوح اكثر عرضة للإستغلال الجنسي.
وقال تورك ان الشهود الذين أجريت معهم مقابلات من قبل مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان اتهموا طرفي الصراع بحرمان المدنيين من الممرات الآمنة للهروب من القتال، أو اجلاء الجرحى، خاصة في جنوب الخرطوم، وشرق النيل، وأم درمان، وفي مدينة الجنينة، منعت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها إجلاء الجرحى إلى المرافق الصحية.
كما تلقى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان شهادات تتعلق بالقتل غير المشروع، والاحتجاز التعسفي، والإختقاء القسري، وانتهاكات اخرى.
وشدد على أنه يتوجب على طرفي الصراع وقف القتال فوراً، وإستئناف المحادثات السياسية، والإمتثال لإلتزاماتهم القانونية بموجب القانون الدولي الانساني، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب والحيطة اثناء العمليات العسكرية، والسماح بوصول المساعدات الانسانية”.
قال المسؤول الاممي لحقوق الانسان، “يتوجب على طرفي الصراع التحقيق في كافة الإنتهاكات للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان التي وقعت خلال الصراع الجاري، وفقا للمعايير الدولية ذات العلاقة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الإنتهاكات”
وحث تورك المجتمع الدولي على زيادة الضغوط السياسية والإقتصادية على طرفي الصراع لوقف القتال فوراً، وزيادة الدعم المالي للوكالات الإنسانية التي تعمل على معالجة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع، بما في ذلك أزمة اللجوء والنزوح”.
المصدر: الراكوبة