أخبار السودان:
أسعدتني – جداً- المذكرة التي قدمها مديرو الجامعات السودانية لقيادة الدولة، أولاً: ربما هي المرة الأولى التي يظهر فيها مديرو الجامعات السودانية في شكل قوة منظمة ، وثانياً لأن محتوى المذكرة هو بالضبط ما ظللت أكتبه هنا كثيراً وأطالب به.
المذكرة طالبت أن يتولى المجلس الأعلى للتعليم العالي تعيين الوزير، وبالضرورة طبعاً إقالته ومحاسبته، فالجهة التي تعين هي التي تفصل أيضاً.. و لكني كتبت هنا أكثر من مرة لتوسيع المستوى الإشرافي على العملية التعليمية بصورة عامة، فبدلاً من جسمين منفصلين للتعليم العام ثم التعليم العالي، الأفضل أن يتكون “المجلس الأعلى للتعليم” يكون مسؤولاً عن كامل العملية التعليمية من المهد إلى اللحد، من التعليم قبل المدرسي في رياض الأطفال حتى فوق الجامعي.. بكل مساقاته ومصادره، الحكومي والخاص والأهلي والأجنبي.
وأن يكون هذا المجلس مسؤولاً عن تعيين وزيري التعليم العالي والعام.. فلا بأس من أن تكون الجهة التنفيذية– الوزارة- متخصصة حسب درجة التعليم لكن مع اتحاد الجهة المسؤولة عن التخطيط والسياسات في “المجلس الأعلى للتعليم”.
مطلب مديري الجامعات السودانية يبدو موضوعيا و حتمياً لتطوير القطاع التعليمي والبحث العلمي أيضاً، رغم أن البعض فهم أن المطلب فيه درجة من المؤازرة للسيدة وزير التعليم العالي ومطالبة باستمرارها، وهذا بالطبع يحول المسار في اتجاه يجعل المبادرة والبيان مجرد أداة طارئة.
الجامعات السودانية لا تزال حتى بعد انتصار الثورة دورها محصور في قاعات المحاضرات، إلا من فلتات نادرة لا تصلح للقياس، والمفترض أن تصبح حواضن الحلول لكل مشاكل الدولة السودانية بأنواعها كافة، العلمية والاقتصادية والسياسية والثقافية وحتى الأزمات الطارئة.
و لكن بكل أسف رغم توفر الحريات لا تزال الجامعات تحافظ على النطاق الضيق الذي حرص النظام المخلوع على إغلاقها فيه.. بنفس الهياكل الإدارية ومفاهيم العمل بل وربما يومياته.
وطالما أن مديري الجامعات السودانية تحركوا أخيراً، فالأوجب أن لا يتوقف الحراك عند هذه المبادرة والبيان، فالمطلوب عملية إصلاح شاملة للتعليم تقودها الجامعات السودانية التي تمثل غرة البلاد الساطعة بالضياء.
حان الوقت لتلعب الجامعات السودانية دورها الحتمي في بناء الوطن.. فمديرو الجامعات ليسو مجرد موظفين..
جريدة التيار