تعيش مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور أوضاعا مأسوية مع تزايد هجمات قوات «الدعم السريع» والميليشيات القبلية الموالية لها على الأهالي، ما أسفر عن وقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى والنازحين.
ووفقا لوسائل إعلام محلية، فقد ارتفع عدد الضحايا المدنيين هناك منذ بدء الهجمات في 23 أبريل/ نيسان الماضي، إلى 1100 قتيل ونحو 2100 جريح.
ووفق «راديو دبنقا» الهجوم على المدينة تجدد في الفترة ما بين يومي الأربعاء والجمعة، لافتا إلى أن الميليشيات المدعومة بواسطة الدعم السريع تحاصر المدينة بمختلف الاتجاهات.
وبين أن «الوضع الإنساني مترد جدا. نفاد في الغذاء وانعدام في الدواء، والعمل الصحي متوقف تماما. بعد حرق المستشفى لا وجود لأي مركز أو مرفق صحي. المرضى والجرح مكدسون وجلهم يموتون يوميا بجانب وفيات الأمهات الحوامل وظهور حالات سوء تغذية وسط الأطفال».
وأضاف «نتج عن الاقتتال حرق جميع مراكز إيواء النازحين في الولاية وتدمير أحياء الثورة والزهور والتضامن والمجلس والنهضة جنوب، بالإضافة إلى نهبها وحرقها».
وأفاد بأن المواطنين خرجوا من البيوت التي تدمرت وتقع جنوب المدينة، واتجهوا إلى الأحياء الشمالية، والبعض منهم لجأ إلى تشاد في رحلة محفوفة بالمخاطر.
«إبادة جماعية»
وأشار إلى أن الحرب الدائر في الجنينة أقل ما توصف بأنها «إبادة جماعية وتطهير عرفي لكافة سكان المنطقة عكس ما يروج له بعض وسائل الإعلام ويصفه بالحرب القبلية بين العرب والمساليت».
والجنينة تقع في أقصى غرب السودان، وتعد من أكبر المدن في البلاد. وقد شهدت طيلة الأربع سنوات الماضية تكرارا لأعمال عنف ذات طابع قبلي بين مجموعات تتبع للقبائل العربية، وأخرى تتبع لقبيلة المساليت، وتسببت تلك الأحداث في سقوط آلاف القتلى ونزوح جزء مقدر من سكان المدينة.
وعادت النزاعات ذات الطابع القبلي بوتيرة أعنف وأكثر دموية في المدينة عقب اندلاع القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منتصف أبريل/ نيسان الماضي، علماً أن الجيش في الجنينة ما زال قابعا في معسكراته في منطقة (أردمتا) ولم ينخرط في القتال بشكل مباشر.
ووفق آدم، الضحايا بالمئات بسبب القتال الدائر الآن في الجنينة وهناك جثث لم تتم مواراتها الثرى، موضحا أن «الميليشيا قامت بعمليات قتل ممنهج وانتقائي للكثير من الرموز والقيادات والناشطين في مجال حقوق الإنسان، مثل الاستاذ المربي عبد الرحمن محمد أحمد جمعة الشهير (بتنك) وأيضا الشيخ عبد الله سوميت الذي اغتيل داخل منزله ومعه ثلاثة من أفراد أسرته، بالإضافة إلى الأمير طارق عبد الرحمن بحر الدين شقيق سلطان المساليت سعد عبد الرحمن بحر الدين والأمير أبو بكر حسن تاج الدين والناشط في مجال العمل الإنساني ومدير منظمة أفكار الاستاذ خضر سليمان عبد المجيد».
وبين أن «كل القوات والميليشيات المهاجمة تأتي من خارج الولاية، وأخرى عابرة للحدود».
وأوضح أن «المواطنين وحدهم من يقاتلون منذ اندلاع المعركة، وحتى الآن لم تقم أي قوات نظامية بحمايتهم، كما لم ترسل أي طاىرة حربية لصد الهجمات المتتالية كما حدث في مدينة زالنجي» مشيرا إلى أن «الجنينة مهمة واستراتيجية للدولة وفيها مطار إذا سقطت ستكون الكارثة أكبر على السودان».
في غضون ذلك، ناشدت غرفة طوارئ ولاية غرب دارفور حكومة الإقليم وعموم حكومة السودان، لتأمين مواطني الولاية وحمايتهم من الاشتباكات المسلحة.
فالتزامن مع اندلاع الأحداث الدامية في الخرطوم يشهد إقليم دارفور وعدد من مدنه الرئيسية فوضى عارمة واشتباكات وأعمال عنف متزايدة.
منطقة كوارث
وأعلن والي شمال دارفور، نمر محمد عبد الرحمن، أن مدينة كتم أصبحت منطقة كوارث إنسانية، وقال إنها في حاجة لمساعدات عاجلة، ولا تزال تشهد نزوح أعداد كبيرة من الفارين الذين يواجهون ظروفا إنسانية بالغة الصعوبة من نقص في الغذاء والدواء ومواد الإيواء.
وشهدت مدينة كتم بولاية شمال دارفور الأيام الماضية، اشتباكات عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع» وتسببت في سقوط قتلى وجرحى وسط المدنيين.
وفي السياق، تسببت اشتباكات بين الطرفين في إغلاق سوق نيالا الكبير في ولاية جنوب دارفور وفرار المواطنين.
كما أفادت مصادر لـ «القدس العربي» في ولاية وسط دارفور، أن مدينة زالنجي حاضرة الولاية ما زالت محاصرة تماما من قبل قوات الدعم السريع التي نصبت عشرات نقاط التفتيش على الطرق المؤدية للمدينة.
وأوضح أن هناك عشرات القتلى والجرحى سقطوا في زالنجي مع توقف كامل لشبكات الاتصالات والمرافق للحيوية.
وفي سياق متصل، قالت قوات الدعم السريع إنها تصدت لهجوم من قبل الجيش في منطقة (أم دافوق) الحدودية التابعة لولاية جنوب دارفور.
ووفقا لبيان لها، تمكنت قوات الدعم السريع في الاستيلاء الكامل على حامية المنطقة وتكبيد الجيش خسائر فادحة والاستيلاء على 24 مركبة لاندكروزر وعدد 4 مدرعات وأسر 6 ضباط بقيادة عقيد ركن و300 من الرتب الأخرى، فيما لم يعلق الجيش على ذلك.
أما في العاصمة الخرطوم، فقد تجدد القتال بين الجيش و«الدعم السريع» وشوهد تحليق مكثفة للطيران الحربي، كما سمع دوي المدافع والأسلحة الثقيلة.
وحسب شهود عيان، تركز القصف على تجمعات قوات الدعم السريع على بعض الشوارع الرئيسية والفرعية داخل الأحياء السكنية في مناطق متفرقة في بحري وشمال وجنوبي مدينة الخرطوم.
وإلى ذلك، أعلنت لجان مقاومة حي اللاماب ناصر عن سقوط 4 قتلى بينهم طفلان وعدد من الإصابات المتراوحة بين الخطرة والطفيفة بسبب القصف العشوائي، الذي أدى كذلك إلى تدمير 4 منازل بالكامل.
كما كشفت هيئة شؤون الأنصار عن تعرض مركزها العام لعملية سطو وتحطيم من قبل مسلحون يرتدون زيا مدنيا وقاموا بتهديد الحارس.
وقالت في بيان لها «شوهدت جثة لشخص مجهول الهوية ظلت بجوار المركز لمدة طويلة حتى قام بعض المحسنين يعتقد أنهم من لجان المقاومة بدفنها في الساحة أمام الدار».
المصدر: دبنقا