القيادي البارز بتجمع المهنيين السودانيين، في حوار الراهن السياسي لـ”التيار”
د. محمد ناجي الأصم:
التدهور الإقتصادي حلقة شيطانية ظلت مستمرة في السودان منذ إنفصال الجنوب
أحمل الحكومة الانتقالية مسئولية تدهور الأوضاع الإقتصادية بالبلاد
السياسة الإقتصادية للحكومة غير وأضحة وغير محددة
هناك تردد رهيب من الحكومة في اتخاذ الإجراءات الإقتصادية
لن تحقق الثورة أهدافها إلا بتحقيق تحول ديموقراطي حقيقي في السودان
الحكومة لديها سياسة إقتصادية ولكنها لسيت قادرة على تنفيذها
السند الجماهيري الذي وجدته هذه الحكومة لم تجده أية حكومة أخرى السلطة الإنتقالية بكل مكوناتها مسئولة من هذه الأوضاع
نتحمل جزءاً من مسؤولية سقف توقعات الناس الكبيرة بعد سقوط النظام
الأزمة الحقيقية للحكومة هي عدم الوضوح والشفافية في تمليك المعلومة للجماهير
السودان دولة فاشلة منذ الإستقلال بكل معايير الفشل
الدعوات لإسقاط الحكومة الإنتقالية مبررة لأنها فشلت في توفير احتياجات الناس الأساسية
حمل القيادي البارز في تجمع المهنيين السودانيين، د.محمد ناجي الأصم، مسؤولية التدهور الإقتصادي الذي يحدث الآن للسلطة الإنتقالية واصفاً هذا الحال بالحلقة الشيطانية التي لم تبدأ مع الثورة وإنما ظلت مستمرة في السودان منذ إنفصال الجنوب، وأكد أن الآداء الحكومي لم يكن بحجم الطموحات و التوقعات وأن العيب الأساسي في أداء الحكومة يتمثل في الضعف الإقتصادي، وقال أن السياسة الإقتصادية للحكومة غير وأضحة و هناك تردد رهيب في إتخاذ الإجراءات الاقتصادية، وأفصح الأصم في حوار أجرته معه “التيار” عن العديد من الرؤى لمستقبل العملية السياسية في السودان فماذا قال..
حوار : ماريا النمر
ما رأيك في أداء الحكومة في الملف الإقتصادي وفي ما يحدث الآن من ترد مريع للأوضاع المعيشية ؟
فعلاً الوضع الإقتصادى سيء جداً وهناك معاناة كبيرة وهذا واضح من شكل الإحتجاج الموجود في الشارع الآن، والأداء الحكومي لم يكن قدر الطموحات ولا بحجم التوقعات وهناك ضعف وأضح فى شكل الأداء الحكومي من ناحيتين أساسيتين الأولى هي السياسة الإقتصادية لقد مر عام وثلاثة أشهر من عمر الحكومة وسياستها غير وأضحة وغير محددة وغير مملكة للجماهير، وثانياً هناك تردد رهيب من الحكومة في أن تتخذ الإجراءات الإقتصادية التي ترى إنها يمكن أن تصلح الإقتصاد أو على الأقل تحقق الإستقرار الإقتصادي، لأننا الآن في حالة تدهور مستمرة، ولكن في نفس الوقت من المهم أن نشير إلى أن التدهور الإقتصادي لم يبدأ مع الثورة، ولا مع الحكومة الحالية التدهور الاقتصادي حلقة شيطانية ظلت مستمرة في السودان منذ تاريخ إنفصال الجنوب في العام 2011 وحتى الآن. ولقد ظللنا في حالة تدهور إقتصادي مستمر وتضخم بدأ منذ ذلك الوقت بأرقام كبيرة جداً، وبالتأكيد نحن في ظل التشوه الإقتصادي الذي خلقه النظام البائد إذاً الحكومة لن تستطيع أن تزيد وتيرة العمل لكي تعالج التشوه وتحقق الإستقرار الإقتصادي، لن نستطيع أن نتخطى هذه المرحلة ولن نقول الحكومة فشلت لأن هناك جوانب كثيرة نجحت فيها الحكومة للأمانة و للموضوعية نفسها من ناحية إنفتاح السودان والعلاقات الخارجية ومن ناحية رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهذه تعتبر جوانب مهمة لتصليح الإقتصاد السوداني، لأن العزلة التي كانت مفروضة على السودان هي سبب أساسي في التدهور الاقتصادي الحاصل ومن الناحية الإيجابية الأخرى التي أدت فيها الحكومة اداءً جيد هي توقيع اتفاقية السلام التي كانت عقبة مهمة جداً في تحقيق أهداف الثورة ونقول أن العيب الاساسي في أداء الحكومه هو الجانب الإقتصادي أي الضعف الإقتصادي وهذا أكثر ما يمس المواطنين الوضع المعيشي.
الآن هناك دعوات تطالب بإسقاط الحكومة الإنتقالية كيف تنظر لهذه الدعوات وهل تعتقد بأن هذه الدعوات متطرفة في ظل التباينات السياسية الموجودة الآن؟
أعتقد أن هذه الدعوات مبررة لأن الحكومة فشلت في توفير إحتياجات الناس الأساسية وأدت أداء ضعيفاً جداً وفيه عيوب ومشاكل كثيرة والإحتجاج والتظاهر حق مكفول وهو حق انتزعته الثورة نفسها في التعبير عن الرأي والمطالب ولا أعتقد إنها متطرفه طالما التزمت بالسلمية، الحاصل الآن مرده لقضايا إقتصادية أساسية في المقام الأول و قضايا متعلقة بالعدالة وتأخرها، ولكن هذا لا يعني إننا.(رمينا طوبة الثوره ومطالبها )في النهاية الهدف المشترك الذي يجمعنا جميعاً والذي يجب أن يعمل عليه الناس هو التحول الديموقراطي والوصول إليه، صحيح أن هناك قضايا مهمة ولكن في النهاية عصب هذه القضايا هو التحول الديموقراطي وكيف يمكن أن يتحقق لكي نحقق ديموقراطية في السودان وفي رأيي الحكومة إذا فشلت في تحقيق مطالب الناس فلتذهب وتأتِ حكومة لديها القدرة على تحقيق مطالب الناس وزوال الحكومة لا يعني فشل الثورة والوعي الجماهيري أكبر.
بعد أن عينت في مجلس الشركاء فجأة قدمت إعتذاراً رسمياً عن عضويتك في المجلس ماهي الدواعي والأسباب التي جعلت إعتذارك ممكناً؟
في الحقيقة لم أقدم إعتذاراً عن مجلس الشركاء لأن التعيين الذي تم نفسه أنا لم أكن جزءاً منه وتم بواسطة الحرية والتغيير وأنا إعتذرت مسبقاً و إعتذرت مباشرة بعد الإعلان عنه ولم أكن حضوراً في الإجتماعات
والسبب ببساطة هو ( انا ما شايف انو ممكن اقدم آداء ايجابي) ولكن ليس لدي موقف سلبي تجاه مجلس الشركاء بل بالعكس أنا أعتقد بأن مجلس الشركاء عمل على القضايا بصورة جيدة قد يحدث تغيير بصورة كبيرة لأنه تشكيل سببه الأساسي هو أن يناقش الخلافات التي تحدث بين مكونات الفترة الانتقالية والفترة الانتقالية نفسها توجد بها مكونات كثيرة ومراكز قوى كتيرة وقضايا تختلف عن بعضها البعض ومن الممكن أن تختلف هذه المكونات مع بعضها البعض ولكن أن يظهر خلافها للإعلام هو شيء غير مقبول.
إلى أي مدى أضر الخلاف بين الشيوعيين والاتحاديين في النهوض بالقطاع الصحي بالسودان؟
لا أفتكر أن هناك خلافاً بين الشيوعيين والاتحاديين كمنظومتين هو أقرب لصراع أفراد أكتر من كونه صراع مؤسسات حزبية وأنا لست قريباً من هذه المسائل ولكن من متابعتي لم تكن هناك صراعات حزبية قد يكون أقرب لصراع أفراد داخل هذه الموسسات الحزبية.
ماهي رؤيتكم لنقابة الأطباء في ظل الدعوة لجمعية عمومية؟
ظللنا لإكثر من 30 سنة لم يكن لدينا جسم موحد يعبر عن نقابة الأطباء والآن يوجد لدينا مكتب الأطباء الموحد الذي توجد به كل الأجسام الطبية، وهو شكل لجان كتيرة للمسأله النقابية و حصر الأطباء بالولايات وقام بعمل نوعين من الحصر، الحصر الأول إلكتروني لأجسام سجلت إلكترونياً، وقام بعمل حصر قاعدي لكل الأطباء بالمستشفيات على أن يكونوا موجودين في السجلات. وفي قادم الأيام القريبة سوف تكون هناك إنتخابات قاعدية للفرعيات، مثلاً ولاية البحر الأحمر يكون لديها هيئة نقابية للولاية تنتخب ممثليها وكل الولايات تنتخب بهذه الصورة وأن تكون هناك جمعية عمومية مركزية يكون بها ممثلون لكل الولايات ينتخبوا اللجنة التمهيدية التي سوف تكون لجنة نقابية منتخبة لديها دوران أساسيان الدور الأول الذي تلعبه هو إعداد نظام النقابة الأساسي وتكملة عملية الحصر وضبطه بصورة نهائية وفي فترة محددة وأن تكون هناك انتخابات جديدة لنقابة الأطباء بصورة كاملة وحقيقية.
مارأيك في الآداء الحكومي الحالي في الملف الامني؟
هناك علل وعيوب في الأداء من النواحي الأمنية والإقتصادية بلا شك ولكن واحدة من الأسباب المتسببة في التخبط والفوضى إننا نمر بفترة انتقالية. ودائماً في هذه الفترة تكون الأشياء غير واضحة والحدود غير واضحة وهناك مجموعات تبدأ تتحرك بصورة يمكن أن تكون عنيفة وهناك أشياء تحدث مختلفة عن الفترات السابقة لها وهناك مجموعات سياسية لديها خطاب سياسي تريد أن تعبر عنه وهناك تعقيدات كتيرة لكن أيضاً هناك بطء للأداء الحكومي قصاد هذه المسائل والحل أن تتسرع وتيرة الاداء الحكومي وتكون أكثر جدية وكثر وضوحاً لمعالجة هذه المسائل.
الآن نحن بصدد تشكيل حكومة جديدة هل ستكون من ضمن أعضائها؟ وهل تم ترشيحك أو دعوتك للترشيح؟
أبداً لم أكن من ضمن مرشحيها وانا عبرت عن رأيي في هذه المسألة وهي مسألة يمكن أن يكون فيها أخذ ورد وفي النهاية “دا الإلتزام الإلتزمنا بيهو”
لم أكن من ضمن المرشحين أنا الآن شغال طبيب وهذا قرار اتخذناه طواعية وروجنا له بأن لا نكون جزءاً من السلطة وأنا شخصياً ملتزم بهذا القرار والنضال أو الكفاح ليس بالضرورة أن يقابل أن تكون جزءاً من السلطة وهذه معادلة لأبد أن نكون واعين لها وأن لا نرسخ لها في الحراك المجتمعي وفي النهاية نحن نخدم القضية بكل الطرق الممكنة ليس بالضرورة عن طريق السلطة.
ما هي رؤيتك لتعافي الإقتصاد السوداني؟
“ما بحب أتكلم فى حاجات أنا ما خبره فيها” وللإقتصاد أهله ولكن وجهة نظري الشخصية ان تحدد الحكومة سياسة إقتصادية واضحة. وأرى ان الحكومة لديها سياسة إقتصادية ولكن ليست قادرة على تمليكها للناس بالصورة الكافية وفي نفس الوقت غير قادرة على تنفيذها بالصورة الصحيحة المطلوبة والسريعة وهذا خلل وعلة كبيرة وهي محتاجة أن تكون عندها الشجاعة الكافية والقدرة الكافية في أن توضح للجماهير سياستها الإقتصادية بصورة متكاملة وأن تنفذها بالسرعة المطلوبة
وافتكر أن هذه الحكومة السند الجماهيري الذي وجدته لم تجده أية حكومة في تاريخ السودان لذلك يفترض أن يكون عندها القدرة لعمل هذه الإجراءات بصورة سريعة وحقيقية.
في رأيك أين يكمن الخلل الأساسي لتعقيد فترة الإنتقال؟
الخلل منذ البداية نحن وضعنا في السودان معقد والناس ما تفتكر أن الموضوع دا ساهل أو بسيط أبداً. وكانت هناك مشكلة كبيرة ونحن نتحمل
جزءاً من المسؤولية فيها وهي إن سقف توقعات الناس كان كبيراً وسقف الطموحات كان عالياً وكأن من المرجو تحقيقها بسرعة لحظة زوال النظام وأن تخضر البلد. لكن السودان دولة فاشلة منذ الإستقلال بكل معايير الفشل لدى الدول و نحن دولة لم تقف الحروب الأهلية فيها وظللنا نتحارب حروباً أهلية مستمرة ، واقتصادنا منذ الإستقلال وحتى الآن لم يجد العافية ظللنا نتدين ونقترض من المؤسسات الدولية لم نستطع أن تكون لدينا عجلة إنتاج تضعنا في أن نعيش رفاهية اقتصادية وظللنا لأكثر من 50 سنة تحت حكم عسكري وهذا هو الفشل بعينه ولن يتغير الوضع بين يوم وليلة ولا حتى عام. وزمن هذه الحكومة سنة وثلاثة أشهر وأي نظام ديمقراطي يجي سيخنق ويحكم عليه بالفشل ولن يستمر، الفترة الانتقالية هدفها أن تمهد لنظام ديمقراطي قادر أن يعيش و يتنفس و يستمر ،الفترة الانتقالية فترة معاناة وتعقيدات والأزمة الأساسية في كل المعادلة الموجودة الحالية هي عدم الوضوح وعدم الشفافية وعدم تمليك المعلومات للجماهير.
ما الهدف من آلية دعم ومتابعة الأداء الحكومي؟
هدفها مراقبة الأداء الحكومي بجوانبه المختلفة على أن تشكل قطاعات في كل تخصص معين وهي واحدة من الأفكار الموجودة من زمان ولكن ظلت مؤجلة لأسباب الخلافات الكثيرة التي حدثت داخل تجمع المهنيين والآن شكلنا عدداً من القطاعات ويمكن أول قطاع أنتج عمله هو قطاع الاتصالات الذي قدم مؤتمراً صحفياً حول دعم ومتابعة الأداء الحكومي وشكل هذه الآليه من الناس العاملين أنفسهم أو الأجسام المهنية الموجودة والخبراء الموجودين في المجال والتي حللت المشاكل الموجودة في كل قطاع وحددت الحلول وأنتجت أوراقاً ونحن قابلنا رئيس الوزراء وجلسنا معه لحل المشاكل ، هذه الآلية تشكل ضغطاً على الأداء الحكومي والعاملين في السلطة وثانياً توفر معلومات أو داتا للجماهير وتضعهم في الصورة لمعرفة ما يحدث في القطاعات الحكومية.
كيف تنظر لأحداث الجنينة؟
أحداث الجنينة مؤسفة جداً والحصل في الجنينة ليس له علاقه بتوقيع السلام بجوبا وحتى السلام إذا إتوقع مع عبد العزيز الحلو أو عبد الواحد محمد نور الشكل دا من الأحداث لن يتوقف إذا لم يوجد عمل تجاهه وما حدث في الجنينة هو نفس الذي حدث العام الماضي وهو نتيجه لانقسام اجتماعي وهو مشكلة اجتماعية في المقام الول بين المكونات الموجودة، مشكلة لديها جوانبها التاريخية المتراكمة ولديها جوانبها الحديثة التي أزمها النظام البائد بصورة كبيرة وهذا يحتاج إلى إجراءات كثيرة جزء منها حكومي والجزء الأكبر اجتماعي يقوم به المجتمع المدني والربط بينها وبين السلام ، المشكلة ليست في دارفور وحسب أيضاً هناك مشكله شبيهة حدثت بشرق السودان وموجودة هذه المشاكل في جنوب كردفان وفي مناطق كثيرة من السودان محتاجة لعمل حكومي صحيح و عمل أكبر اجتماعي تقوم به قوة المجتمع المدني لتعمل على استراتيجية طويلة المدى بهدف ربط النسيج الاجتماعي ومحاربة خطاب الكراهية والعنصرية والتعصب القبلي ورفع
الوعي للناس جميعاً ويمكن أن يكون هناك حل حكومي بتجريد السلاح من المواطنين ومن المليشيات القبلية وبسط الأمن ووجود الدولة نفسها يمكن أن يحقق الأمن والاستقرار وما حدث مؤسف.
النظام البائد يحاول العودة مرة أخرى، ما تعليقك؟
النظام القديم يمكن أن يكون مؤملاً في الرجعة أو على الأقل أن تتوقف مطاردته القانونية وتفكيك تمكينه ولكن افتكر الشعب واعٍ وقادر أن يميز و النظام البائد أكيد لديه كوادر موجودة تحرك الناس للشارع ويتحركوا في اتجاه إسقاط الفترة الانتقالية.
هل يوجد في الأفق حل قريب لإنهاء الصراعات داخل تجمع المهنيين؟
الحقيقة تجمع المهنيين جسمان الآن كان هناك خلاف تنظيمي وأصبح خلافاً سياسياً وأصبح جسمين مختلفين في وجهاتهم وفي طريقة تعاملهم مع الواقع السياسي ونحن كتجمع مهنيين موقفنا أن يكون هناك انتقال سياسي يحقق ديموقراطية وهذه الفكرة يجب أن تدعم وتعالج بأخطائها وعيوبها وعثراتها ونطور حتى نصل بعدها لديموقراطية حقيقية في السودان وهذا المسار نراه الأفضل ويمكن أن يحقق أهداف الثورة.
جريدة التيار