واصلت مصر مساعيها لرأب الصدع بين فرقاء السودان، رغم تمسك قوى الحرية والتغيير باتفاق إطاري مع المجلس العسكري ترفضه الكتلة الديمقراطية.
وتوصلت قوى الحرية والتغيير إلى اتفاق سياسي أعاد البلاد إلى ما قبل أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 حينما فض قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الشراكة مع المكون المدني في الحكم، معتبرا الخطوة حينها تصحيحا لمسار الثورة.
والاتفاق الإطاري يضع نهاية لمشاركة الجيش في السلطة، لكن قوى الكتلة الديمقراطية التي لم تشارك في توقيع الاتفاق تعهدت بإسقاطه.
وتضم الكتلة الديمقراطية حركات مسلحة في دارفور والحزب الاتحادي بقيادة جعفر الميرغني وقيادات شرق السودان.
وكانت خطوة مصرية لتقريب وجهات النظر بين فرقاء السودان، قد تعثرت الأسبوع الماضي ما يشير إلى هشاشة المشهد السياسي القائم رغم تفاؤل ساد عقب توقيع اتفاق إطاري أواخر العام الماضي.
وسعت القاهرة الأسبوع قبل الماضي إلى مد خطوة التواصل بين كتلتين رئيسيتين في البلد المجاور، وزار رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس الخرطوم بهدف الدعوة لاجتماع الفرقاء.
لكن قياديا سودانيا في ائتلاف قوى الحرية والتغيير أكد حينها في تصريحات صحفية أن دعوة القاهرة لم تجد ترحيبا من جبهته السياسية.
المبادرة لا تزال على الطاولة
وفي إطار إعلان مكونات الكتلة الديمقراطية عزمها على إسقاط الاتفاق الإطاري، أعادت القاهرة مبادرتها لاستضافة حوار بين فرقاء السودان إلى الطاولة مجددا
وأمس الخميس، استقبل عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، سفير مصر في الخرطوم هاني صلاح.
وفي بيان أعقب اللقاء وقال مجلس السيادة في بيان نقلته صحيفة “سودان تربيون”، إن اللقاء “استعرض تحركات مصر، وما طرحته من أفكار ومبادرات للأطراف السودانية بهدف التوصل إلى توافق سياسي بين مختلف القوى والمكونات”.
وبحسب البيان فإن السفير المصري أوضح أن اللقاء أمن على أهمية استمرار مصر في جهودها من أجل الحفاظ على وحدة واستقرار السودان، وسرعة التوصل إلى رؤية مشتركة بين القوى السياسية حتى تتمكن من تجاوز مرحلة الانتقال.
وكان السفير المصري قد التقى الأربعاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وناقشا المبادرة المصرية، وأوضح الدبلوماسي المصري إنه اتفق مع البرهان على أهمية توضيح عناصر المبادرة بصورة أكبر وأوسع للدوائر الرسمية والشعبية، مشيرًا إلى أنها تهدف لتحقيق تسوية سياسية.
وتضم الكتلتان الرئيسيتان في السودان بحسب الرؤية المصرية ائتلاف الحرية والتغيير الذي قاد الثورة على نظام الرئيس السابق عمر البشير، وشارك في حكم البلاد قبل أن تتدخل المؤسسة العسكرية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وتفض الشراكة قائلة إن خطوتها جاءت لتصحيح مسار الثورة.
أمام الكتلة الثانية فتضم الكتلة الديمقراطية التي تتشكل من حركات مسلحة في دارفور والحزب الاتحادي بقيادة جعفر الميرغني وقيادات شرق السودان.
الأسباب المعلنة للخلاف
ويقول قادة ائتلاف قوى الحرية والتغيير إن السبب الرئيسي لأزمتهم مع الكتلة الديمقراطية جاءت على خلفية تأييدها للخطوات التي أقدم عليها رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، حينما أقال حكومة عبدالله حمدوك وحل مجلس السيادة وفض الشركة مع ما كان يعرف بـ”المكون المدني” في الحكم.
وأوضح بابكر فيصل وهو عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير في تصريحات صحفية أن “الائتلاف أكد للوفد المصري (برئاسة عباس) الذي قدم مقترحاً لاجتماعات بين الكتل المختلفة بأنهم لا يعترفون بأي كتلة سياسية مصنوعة ومزورة”.
وأشار القيادي السوداني إلى أن “الاتفاق الإطاري” الذي وقع في ديسمبر/كانون الأول الماضي في العاصمة الخرطوم وجد قبولا من طيف سياسي واسع من الشعب ودعم دولي وإقليمي لن نتراجع عنه”.
الاتفاق الإطاري
والاتفاق الإطاري هو وثيقة تحتوي على مبادئ عامة ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة وآليات العدالة الانتقالية ووضع حد للإفلات من العقاب، كما يؤكد على مبدأ قامة سلطة مدنية بالكامل دون مشاركة القوات النظامية، مع الحفاظ على العقيدة العسكرية الموحدة للجيش.
وتلتزم القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري بعدة مبادئ أبرزها بـ:
– إطلاق عملية شاملة لصياغة دستور ينظم انتخابات شاملة بنهاية فترة انتقالية مدتها 24 شهرا.
– الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني وقومي واحد يحمي حدود البلاد والحكم المدني الديمقراطي وينأى بالجيش عن السياسة
– إصلاح جميع الأجهزة النظامية وتحديد مهامها.
– إزالة تمكين نظام المعزول وتفكيكه في كافة مؤسسات الدولة واسترداد الأموال والأصول المتحصل عليها بطرق غير مشروعة.
– إصلاح السلطة القضائية وضمان استقلالها.
– إيقاف التدهور الاقتصادي ومعالجة الأزمة المعيشية
– تنفيذ اتفاق سلام جوبا مع تقييمه وتقويمه
الكتلة الديمقرطية
وفي 8 يناير/كانون الثاني الجاري، تعهدت الكتلة الديمقراطية بإسقاط الاتفاق الإطاري عبر الجماهير، معلنة توقف المشاورات غير الرسمية مع الموقعين عليه.
وترفض الكتلة الديمقراطية الاتفاق الإطاري، وأعلنت في وقت سابق على لسان قيادات بها حماسها للمبادرة المصرية والجلوس مع قوى الحرية والتغيير من أجلا لتوصل لتسوية سياسية للقضايا العالقة.
وتتهم الكتلة الائتلاف بالاستقواء بالخارج وتعترض على منحه سلطات وصلاحيات واسعة، في تعيين رئيس الوزراء ورؤساء المفوضيات، وتكوين مجلس للقضاء والنيابة من الأحزاب.
كما تبدي الكتلة تحفظها على دعوة الائتلاف لتكوين جهاز أمني داخلي وتعتبر أنه محاولة لتكشيل “مليشيات” حزبية.
وتقول الكتلة الديمقراطية إنها منفتحة على الحوار من الحرية والتغيير، وقبل يومين قال نائب رئيس الكتلة جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، إن لدى الكتلة استعداد للجلوس مع قوى الحرية والتغيير مؤكدا أنه جرى اتفاق مع قائد الجيش على بدء حوار شامل لكن الائتلاف لم يسم وفده للحوار.
المصدر: العين