أخبار السودان : الوطن -تترى الأخبار مازالت لترتفع حواجب الدهشه لدينا. قررت الشرطه أخذ عينات من الدماء والبول لثوار معتقلين. يعتقدون أنّ مجابهة آلةَ قهرِهِم تلك لا يمكن أن تحدُث من بشرٍ في كاملِ وعيِّهِم. إعادة سلطات جهاز الأمن في القبض والإعتقال والتعذيب والأخفاء والإغتصاب. حمدوك سيستقيل اليوم .. غداً .. لم يحضر لمكتبه .. اجتمع مع ..
عندما تُصِر السُلطه على إخراج الفعل عن مسارِه ومدلولِهِ السليمَين تبخيساً له ولما يعنيه. عندما يتربّى أحفاد الإنقاذ في كَنَفِها لثلاثينَ عاماً ويُترَكوا كقيادات بعد الثوره لسنواتٍ ثلاث فذلك ليس بغَريبٍ عنهم. يؤلِمُني الإنجِرار الأعمى لكلّ مَن يتم تعيينهُ في منصب أمني خلف اولياء نعمَتِهِ ليرضوا عنهُ ضارِباً بالوطن ومصلحتِهِ عرض الحائط. ويؤلِمُني شكل الراحه الذي ظهر على القوات الأمنيه إثر قرار رئيس مجلس السياده تفعيل قانون الأمن وإخلاء تلك القوات من أي مسؤوليه تمكينًا لها من القتل والسحل والإغتصاب .. لا يعلمون أنّ الشباب يُقاتلون من أجل تلك القوات ومستقبلها ومستقبل الوطن.
وعندما صدَرَ أمر إطلاق النار في ( دِروة ) وادي الحُمار بعطبره لإعدام الرقيب رضوان عليه رحمة الله التابع للمظلات في إنقلاب حسن حسين صاحَ في مُنَفّذي إعدامِه ( عَلّي التنشين ) أي إرفع التنشين وذلك حينما وَقَعَت المجموعه الأولى من الذخيره التي أُطلِقَت عليهِ أسفَلَ بَطنِهِ.
و تتناسَل البطوله والرجولَه بعد حضورِ والدِهِ الشيخ و ( تَفَحّصَ ) ملابس إبنَهُ وقالَ قولَتَهُ المشهوره ( عفيت منك دنيا وأُخرى ). إهتممتُ بالتوثيق لهذا الرّجُل لأنّهُ كان أحد مُعلمينا في كلية الشرطه اتانا منتدبًا من سلاح المظلات كمُعلّمٍ للرياضه وكمال الأجسام.
حدّثنا التاريخ عن بطولاتنا فتعرّض لوَد أب كريق وثباتِهِ عندما أعدمهُ المستعمر وللاستاذ محمود محمد طه الذي زلزلت إبتسامَتَهُ قلوب مُعدِميه وبطولة فحول المدنيين والجيش السوداني في إعدامات الشجره ومجموعات ( سِدّو الفَرَقَه ) أمام جيوش كتشنر.
السلطه الأنقلابيه ومُشايعيها وقادة شرطتِها ومليشياتِها وجهاز أمنِها لم يُدرِكوا يوماً أنّ هُنالكَ قِيَماً ومواقف في سبيل غاياتٍ أسمَى تختلِفُ إختلافاً جذرِيّاً عن ما تَرَبّوا وفُطِروا عليه من سَلبٍ ونَهبٍ وقَتلٍ وتعذيبٍ وإغتصاب. لم يُدرِكوا أنّ هذه الغايات والأخلاق النبيله يتمُّ توارُثَها آباءاً عن أجداد وهي ميزةٌ تؤطّرُ لهذا الشعب العظيم. لم يعلم هؤلاء أنّ الشباب الذي فتَح صدورَهُ لرُصاصِهِم وأقبَلَ على حاملي سلاحهم حتّى ارتعبوا كان في كامِلِ عَقلِهِ ووعيهِ ، فقط كان مُدرِكاً لخطورةِ تركِ الوطن لنهبهِم وعمالتِهِم ففضّلَ أن يموت ليحيا أهلَهُ أحرارًا تحت أيدي مؤتَمَنَه ليس من بينِها فاغنر الروسيه وليس من بينِها أسيادهُم من أمراء الخليج واسيادهم من مُخابرات النظام المصري الحاكم. هؤلاء الشباب ليسَ بهم مَسٌّ وليسوا تحت تأثير أيّةِ مواد كما خُيّلَ لعقولِهِم المريضه فقط هُم لا يتصَوّرون أن مَن يطلُب الموت لن يكون في كاملِ عَقلِه ونحنُ نقول أنّ أبناءنا يطلبون الموت ليُسَطّروا حياةً جديده عامره بعيدةً عن كيدِهِم ونهبِهِم وتسليم الوطن لأمراء الحروب وأمراء الخليج لا فرق ومخابرات السلطه المصريه.
إن الإنسان السّوي هو من لا يعمل مع مثل هذه السلطة الغاشمه واقول هنا لأفرادِ جهاز الأمن أنّ مَن رأى منكم ما حدث لزملائكم في المحاكم والخزي الذي كانوا فيه وما رشحَ من أفعالِكُم مع المُعتَقَلين مما يندى لهُ الجبين كان يفترض أن يكون خير رادعٍ لكُم ولعقولِكُم المريضه. لن تُخيفُنا الأسماء التي رَشَحَت من المُعادين في الرُتَب القياديه وتفخيم بطشهِم وسلوكِهِم العدواني الجائر تجاه معتقليهِم وماضيهِم المُثقَل بالجُبن والشرور فاعتَبِرونا مادّةً لسلوككم المُقبِل ونحنُ في كامل قوانا العقليةِ والوطنيه والأخلاقيه. نقولُ لكم إذا سارت أمور هذه الثوره كما أُريدَ لها ولم تتدخّل الدغمسه في إختيار رئيس القضاء والنائب العام لَنُصِبَت المشانق في الميادين للذينَ تمت محاكمتهم في جرائم الخزي تلك وإن سارت الثوره بدون ( الفرمله ) التي قصد إليها البعض لتمّ حسم الأمر بالشرعيه الثوريه وشفا اللهُ صدورَ قومٍ مؤمنين فما ارتكبتم من فظائع لا علاج لهُ سوى القصاص ويمكن أن يكون القصاص عادلًا على طريقة القذافي ولكن لا يوجد مَن يعتبر.
إننا نبكي يا سادتي. والله إننا نبكي دموع الدم. ووالله لقد حالَ رئيس الوزراء ومركزية قحت التي حكمت معه دون بلوغ الثورة لغاياتِها. ثلاث سنوات .. ثلاث سنوات ويبقى جهاز الأمن والجيش والشرطه كما تركهم البشير ليلة رحيلِهِ. ثلاث سنوات بالله عليكم هل تصدقون ذلك؟ ووالله لم نترك حديثًا يصُبُّ في المعنى إلّا وقلناهُ. إنّ ما يحدث الان هو شيئٌ طبيعي لسلوك الحكومه المدنيه وشُلَلِها ومزارِعِها. أقولُ لهُم دعونا وشأننا وابعدوا عن مواكبنا ومحاولات قيادتها وأقول ان كل الدماء والجراح وطعم اليُتم وفقد الابناء والبنات ( مُعَلّقٌ ) على رقابكم فاذهبوا الى محاصصاتكم واقتسموا الغنائم في مكانٍ آخر.
ولِمَن يدعونَ الى لمّ الشمل والوحده الان ( كيفَما ) اتّفق للخروج من المأزَق أقول أنّ لا خروجَ مِن مأزَقٍ إلّا بمحاسَبةٍ صارِمَه. نعم نحنُ الآنَ أمامَ وطَنٍ يضيع ودماءٍ سُفِكَت وعروضٍ إنتُهِكَت وتمكينٍ لقادمينَ جُدُد فاقوا الإنقاذَ سوءاً فمن تسبب في ذلك هل يُمكِن إصطحابهُ لمزيدٍ من التشظّي؟
دَرَجَ الطغاه على ألّا يعتبروا من التاريخ. ويُقَرّبهُ لهم الله تعالى وايضا لا يعتبرون. يعتقدون أنّ السلاح هو ما يحميهم ويحمي وجودهم وينسون أنّ الرّهان على غير الشعب لن يكون له مكان. فلنتحد جميعاً من اجل هذا الوطن المنكوب.
المصدر: سودانایل