لا لشيطنة الشرطة والسعي لتدميرها
من المعروف أن الشرطة فى اى بلد تتبع الجهاز التنفيذى ، وتأتمر بامرته وتعمل تحت إشرافه ، وليس فى هذا اشكال ، وبحكم عملها ومهامها فإنها دوما فى مواجهة مع الشعب حالة خروجه محتجا على سياسات الحكومة إذ يقع عليها عبء ضبط الأوضاع الأمنية ، ومنع التفلتات ، والحيلولة دون الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ، لذا كانت دوما هى محل اتهام البعض باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين ، وخدمة الأنظمة السياسية والوقوف إلى جانبها ضد شعبها ، وهذا الكلام وان كان صحيحا فى بعض الأحيان لكنه حتما ليس صحيحا على إطلاقه ، والشرطة عندنا فى السودان ذات تاريخ ناصع ، وسيرة محمودة ، وكثيرا ماجسدت الشعار المعروف الشرطة فى خدمة الشعب ، وهذا لا يعنى طبعا سلامة كل تصرف يقع من منسوبى الشرطة فلا يقول بهذا أهل الشرطة أنفسهم ناهيك عن غيرهم ، وكما هو الحال فى العديد من المؤسسات والهيئات ، فـ الشرطة فيها من يتجاوزون صلاحياتهم ، وفيها من يخطؤون التقدير ويقومون بأعمال تنعكس سلبا على صورة الشرطة فى أذهان الجماهير ، وفى منسوبيها من يرتكب أخطاء فادحة لايمكن تجاوزها والسكوت عنها ، وهنا يجب التفريق بين هذا الشخص مرتكب الخطأ وبين الشرطة كجهاز ومؤسسة لها إشراقات ويحفظ لها الناس الجميل ويثمنون عاليا تضحياتها التى لا تنكرها العين .
ماقادنا إلى هذا الحديث ما وقع قبل ثلاثة أيام من تصرف مرفوض وسلوك طائش يستوجب المساءلة والمحاكمة الفورية ، وهو اقدام سائق إحدى مركبات الشرطة على دهس متظاهر بوسط الخرطوم والتسبب فى إزهاق روحه فى حادث مأساوى بشع لقى استنكارا وأدانة واسعة من الجميع وفى مقدمتهم الشرطة نفسها ، مما يجعل الجميع مطالبين بالانصاف وهم يقيمون هذا الحدث ويتناولونه بالتحليل والدراسة ، ومايجب التأكيد عليه فى هذه السانحة أن الشرطة مطالبة بحسم هذا الشخص ، وإحالته للقضاء ، وإيقاع أقصى عقوبة عليه ، ردعا لأى مستهتر من التعدى على الآخرين ، ومنعا لحدوث أى وقائع مشابهة فى المستقبل لاسمح الله ، وايضا لابد من القول بأن الشرطة قد أدانت ما حدث ، ووعدت بالتحقيق فيها ، وإحالة الجانى للعدالة وهذه خطوة مهمة ، تجب الاشادة بها ، ولنعمل معا على تكريس مفهوم أن الشرطة جهاز يحوى المفسد والمصلح ، وان الإنصاف يقتضى النظر إلى حسنات الشرطة ، والاشادة بها ، وتحديد السلبيات وانتقادها ، والسعى إلى علاجها ، دون شيطنة الشرطة وتجريمها كجهاز .
وزارة الداخلية وصفت فى بيانها تهور سائق دورية الشرطة وسط المتظاهرين بالـ”سلوك المرفوض جملة وتفصيلاً”، مشيرة إلى أن “ما حدث لا يشبه الشرطة وإرثها الممتد لأكثر من 114 عاما في خدمة الوطن والمواطن.
ونقول لابد من السعي ودعم الشرطة وتقويم الأخطاء والعمل على إصلاح المؤسسة لا استهدافها وتدميرها.
سليمان منصور