لاجئو السودان في تشاد يواجهون ترحيلاً إلى معسكرات بلا خدمات
تظل المعاناة تلاحق اللاجئين السودانيين حتى بعد هروبهم من النزاع الدامي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مدينة أدري التشادية. وبعد مرور عام على نزوحهم من ولايات دارفور، يعيش هؤلاء اللاجئون في ظروف قاسية داخل معسكرات تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة.
في خطوة جديدة، بدأت السلطات التشادية في نقل اللاجئين إلى معسكر آخر على بعد 150 كيلومتراً من مدينة أدري. لكن هذا المعسكر الجديد يفتقر هو الآخر إلى الخدمات الأساسية، مما أثار مخاوف كبيرة بين اللاجئين. يقول أحد النشطاء من داخل المعسكر لراديو دبنقا: “حتى الآن، لا نعلم ما إذا كانت الخدمات ستتوفر أم لا. نحن وأسرنا ننتظر الترحيل في أي لحظة.”
حاليًا، يقدر عدد اللاجئين في معسكرات أدري بنحو 100 ألف شخص، موزعين على ثلاثة معسكرات مؤقتة تفتقر جميعها إلى الخدمات الضرورية. وأوضح أحد النشطاء في المعسكر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن السلطات قد جهزت نحو ألفي منزل في المخيم الجديد “الدوقي”، لكنها غير كافية لاستيعاب الجميع. وأضاف: “لا نفهم ما هي نية الحكومة بعد عام كامل من الإقامة في معسكرات بدون خدمات، فما الذي سيتغير إذا تم نقلنا إلى مكان آخر بدون خدمات أيضًا؟”
الترحيل بين الضغوط الأمنية والمعيشية
يشعر اللاجئون بقلق متزايد من عملية الترحيل، حيث أن المعسكرات الجديدة غالباً ما تفتقر إلى الموارد الأساسية، مما يتركهم يصارعون من أجل تأمين الماء والأمن. وصرح مسؤول حكومي للاجئين بنبرة حادة، قائلاً: “نحن قادرون على ترحيلكم لأي مكان. مهمتنا كحكومة هي توفير الأمن، وعلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين توفير الخدمات.”
وفي ظل هذه الظروف، عبر اللاجئون عن عدم فهمهم لدور المفوضية السامية والحكومة التشادية في تحسين أوضاعهم، مشيرين إلى أنهم لا يزالون يسألون عن مصيرهم دون إجابات واضحة.
أسباب الترحيل والضغوط المجتمعية
وفقًا لأحد اللاجئين في معسكر أدري، يمكن أن يكون الترحيل إلى المخيم الجديد نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية وظهور جرائم جديدة في المعسكرات القريبة من مدينة أدري. وذكر اللاجئ أن هناك “خور” بالقرب من المعسكر يستخدمه البعض لشرب الخمر، مما أدى إلى حوادث أمنية. في إحدى هذه الحوادث، أطلق جندي تشادي النار، ما أدى إلى وفاة شابة في الثانية والعشرين من عمرها.
كما حدثت احتكاكات بين اللاجئين والدوريات الحكومية، خاصة في أماكن تجمع الشباب. وفي ظل هذه الأوضاع، عقدت السلطات عدة اجتماعات مع ممثلي اللاجئين والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لمناقشة قرار الترحيل.
تحديات الترحيل وضغوط الزراعة
تواجه السلطات تحديات كبيرة في تنفيذ قرار الترحيل بسبب الأعداد الكبيرة من اللاجئين، حيث تشير التقديرات إلى أن المعسكر الجديد لا يمكنه استيعاب أكثر من 5000 أسرة. ومن جهة أخرى، تواجه الحكومة ضغوطاً من المزارعين المحليين الذين يطالبون بإخلاء أراضيهم الزراعية من اللاجئين لتمكينهم من الزراعة في الموسم الحالي.
انتهاكات حظر التجوال
كشف أحد اللاجئين أن السلطات الأمنية تفرض حظر تجوال ليلي من الساعة التاسعة مساءً، وتقوم بمراقبته عبر دوريات عسكرية. في حال العثور على شباب يتحركون في المعسكر خلال ساعات الحظر، يتم القبض عليهم أو يضطرون للهرب إلى المنازل القريبة، حيث يتبعهم الجنود ويضربون الأسر. كما يتم القبض على الشباب داخل منازلهم دون علمهم بما يجري، ويتم تغريمهم.
خلاصة
يواجه اللاجئون السودانيون في معسكرات أدري التشادية تحديات هائلة في حياتهم اليومية، مع تزايد المخاوف من ترحيلهم إلى معسكرات جديدة تفتقر إلى الخدمات الأساسية. وبينما تظل السلطات تعمل على إدارة هذه الأزمة، يبقى السؤال الأكبر: هل سيجد هؤلاء اللاجئون أخيرًا مكانًا يوفر لهم الكرامة والأمان؟