كامل إدريس على أعتاب رئاسة الوزراء.. من هو ؟
أفادت صحيفة الكرامة، نقلًا عن مصادر مطلعة، بأن قرارًا مرتقبًا سيصدر بتعيين الدكتور كامل إدريس في منصب رئيس الوزراء في السودان، مع منحه صلاحيات واسعة، في خطوة تعكس توجهًا نحو قيادة مدنية توافقية يمكنها إدارة المرحلة الانتقالية بحكمة ومسؤولية.
يُعرف الدكتور كامل إدريس كشخصية بارزة في الحياة السياسية والدبلوماسية السودانية، ويتمتع بخلفية قانونية وأكاديمية رفيعة المستوى. خبراته المتعددة وقدرته على الوقوف على مسافة واحدة من مختلف الأطراف السياسية والحركات المسلحة، جعلت منه شخصية وسطية تحظى باحترام واسع، وذات كفاءة عالية للتعامل مع الأزمات السودانية المعقدة، وهو ما أثبته من خلال أدواره السابقة في التوسط والحوار.
ينتمي إدريس إلى منطقة الزورات شمال دنقلا، من قبيلة النوبة، وقد خاض تجربة سياسية لافتة حين ترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2010 كمرشح مستقل في مواجهة الرئيس السابق عمر البشير، في موقف يعكس التزامه بمبادئ الإصلاح والتغيير.
بعد الثورة السودانية التي اندلعت في ديسمبر 2018 وأطاحت بالنظام السابق في أبريل 2019، ظهرت مطالب من قيادات في الحراك المدني، أبرزهم الدكتور أحمد السر من تجمع المهنيين السودانيين، بتشكيل حكومة مدنية برئاسة شخصية مستقلة تحظى بقبول واسع، على أن يتولى المجلس العسكري الوزارات الأمنية. في ذلك السياق، برز اسم كامل إدريس كأحد المرشحين الذين يجمعون بين الكفاءة والاستقلالية.
حصل الدكتور إدريس على بكالوريوس في الفلسفة من جامعة القاهرة، وعلى ليسانس في الحقوق من جامعة الخرطوم، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف. كما نال عددًا من الشهادات المتخصصة من معاهد دولية مرموقة في مجالات الشؤون الدولية، العلاقات السياسية، والتمويل الدولي.
مارس العمل الأكاديمي في عدد من الجامعات، حيث عمل أستاذًا للفلسفة في جامعة القاهرة، ودرّس القانون الدولي والقضاء في جامعة أوهايو الأمريكية، كما شغل منصب أستاذ للقانون في جامعة الخرطوم، وتم تعيينه لاحقًا أستاذًا فخريًا في جامعة بكين، في اعتراف دولي بتميزه الأكاديمي.
انضم إدريس إلى السلك الدبلوماسي السوداني مبكرًا وشغل فيه منصب سفير، كما عمل في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي خلال فترتين. انضم إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) عام 1982، وتدرج في مناصبها حتى أصبح مديرًا عامًا لها عام 1997، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2008. وخلال هذه الفترة، أطلق إدريس عددًا من المبادرات الإصلاحية، وأسهم في تطوير قوانين حماية الملكية الفكرية عالميًا، وتوسيع نطاق التعاون بين الدول في هذا المجال.
قدم عددًا كبيرًا من المحاضرات، وأشرف على ندوات وورش عمل متخصصة، وشارك في صياغة وثائق استراتيجية تناولت العلاقة بين الملكية الفكرية والتنمية. كما ألّف العديد من الكتب المتخصصة في القانون والفكر السياسي، مثل “مسؤولية الدولة في القانون الدولي” و”الملكية الفكرية كأداة فعالة في النمو الاقتصادي”، وغيرها من المؤلفات التي تعكس عمق فهمه للقضايا القانونية والتنموية.
نال خلال مسيرته عدة أوسمة وميداليات تكريمية، منها ميدالية الدولة الذهبية من رئيس جمهورية السودان، ووسام الشرف الفرنسي، ووسام الأسد الوطني من السنغال، وميداليات من روسيا والأكاديمية الروسية للعلوم، إضافة إلى عدد من الدكتوراه الفخرية من جامعات ومؤسسات بحثية مرموقة في أوروبا وآسيا وأمريكا.
يتحدث الدكتور إدريس ثلاث لغات بطلاقة: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، وله إلمام جيد باللغة الإسبانية، مما منحه قدرة متميزة على التفاعل في المحافل الدولية، والتفاوض مع ممثلي مختلف الثقافات.
يمثل الدكتور كامل إدريس نموذجًا للقائد المتزن والمثقف، الذي يجمع بين الرؤية القانونية العميقة والخبرة التنفيذية الدولية. وبفضل مسيرته الطويلة والمتنوعة، يُعد من الأسماء القليلة القادرة على قيادة السودان في مرحلة دقيقة تتطلب توافقًا واسعًا وقيادة مسؤولة ذات كفاءة واستقلالية عالية.