تتواصل المعارك في السوادان بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ شهدت بلدة الخوي في ولاية غرب كردفان، مواجهات عنيفة بين الطرفين استخدم فيها الأسلحة الثقيلة والخفيف بالإضافة هجمات جوية من قبل الطيران الحربي التابع للجيش. وكشفت غرفة الطوارئ ومنظمات من المجتمع المدني في سنار وسط السودان عن استباحة عدد من القرى واستمرار أعمال النهب وانتهاكات قوات الدعم السريع في حق المدنيين الأبرياء. وقالت مصادر ميدانية لـ”القدس العربي”، إن قوات الدعم السريع اقتحمت الأحد بلدة الخوي بعدما أوقعت قوة من الجيش والعناصر المتحالفة معه في كمين محكم أدى إلى أسر وقتل عدد من الجنود لتقوم بعدها بأعمال نهب واسعة للسيارات وممتلكات المواطنين في البلدة، كاشفة عن مقتل شخصين وإصابة آخرين من المدنيين الذين اعترضوا على النهب.
وقالت المصادر، إن الجيش والقوات المتحالفة معه، حشدوا مزيدا من الجنود والآليات العسكرية مساء نفس اليوم، ودخلوا في قتال شرسة مع الدعم السريع في منطقة الدودية شرق الخوي أسفرت عن استلام الجيش لـ 3 مركبات قتالية وتدمير 6 مركبات أخرى.
وأشارت المصادر إلى استهداف الطيران الحربي تجمعات لقوات الدعم في الطريق الرابط بين الخوي ومدينة النهود بولاية غرب كردفان ، وتحديداً في كفتيريا الخوي المشهورة، ولفت إلى أن الجيش كثف من نشر قواته حول البلدة في حين انسحبت أعداد كبيرة من عناصر الدعم السريع إلى إدارية “قليصة”.
وتقع بلدة الخوي تحت نفوذ قبيلة الحمر التي يقاتل أبناؤها إلى جانب الجيش تحت لافتة المستنفرين وقوات الاحتياط المقدر عددها بنحو 6 ألاف مقاتل بكامل التسليح، وقبل أيام قليلة أعلنت قوة من الدعم السريع ـ من نفس المكون الاجتماعي ـ في منطقة النهود انضمامها بكامل مركباتها وتسليحها للجيش الذي نقل عبر صفحته الرسمية بـ(فيسبوك) إعلان ناظر عموم قبائل الحمر عبدالقادر منعم منصور عن إنضمامهم للدولة والجيش السوداني.
ومنذ فترة تنشط قوات الدعم السريع في ولاية غرب كردفان بعدما فرضت سيطرتها على مدينة الفولة عاصمة الولاية وأسقطت حامية الميرم التابعة للجيش في الحدود مع دولة جنوب السودان وتمددت في عدد من المناطق الأخرى ،لكن وبالمقابل مازال الجيش يحتفظ بقواعد وقوات عسكرية في مناطق مهمة مثل حقل هجليج النفطي الواقع في أقصى جنوب البلاد وحامية الأضية ومدينة النهود التي يحشد فيها أعدادا ضخمة من الجنود والمستنفرين والآليات العسكرية بالإضافة إلى سيطرته على رئاسة الفرقة العسكرية بالولاية في مدينة بابنوسة.
ميدانياً كذلك، شهدت مدينة أمدرمان غربي العاصمة الخرطوم، قصفا مدفعيا مصدره قاعدة وادي سيدنا التابعة للجيش الذي استهدف نقاط انتشار للدعم السريع غرب وجنوب المدينة وفقاً لما أفاد به سكان محليون.
وبث الجيش على صفحاته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لتدمير قوة تتبع للدعم السريع كانت تحتمي داخل بعض منازل المواطنين في محيط سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم، مبيناً استلامه لأسلحة وعتاد والتزامه بقواعد الاشتباك.
وأكدت مصادر عسكرية لـ”القدس العربي”، وقوع اشتباكات محدودة في منطقة السامراب في الخرطوم بحري شمال العاصمة، أسفرت عن تدمير عربات تابعة للدعم السريع وسقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
وأشارت المصادر أيضا إلى استسلام عناصر من الدعم السريع على متن عربتين مع كامل تسليحهم إلى الفرقة الثالثة مشاة التابعة للجيش في مدينة شندى المتاخمة للخرطوم، لينضموا إلى آخرين سلموا أنفسهم في أوقات سابقة.
أما في محور سنار جنوب شرق البلاد، فمازال الطيران الحربي ينفذ غارات جوية على مراكز لقوات الدعم السريع التي ردت بإطلاق قذائف مدفعية سقط بعضها في أحياء سنار، دون تأكيد وجود خسائر وسط المدنيين.
وقالت منصة نداء الوسط إن الدعم السريع مدعومة بمجموعات من المرتزقة الإثيوبيين قامت الأحد باستباحة قرى “ودبابو، كاجا، نجم الدين، كاكوم” بمحلية الدندر في ولاية سنار حيث نفذت عمليات نهب وسرقة واعتداء على السكان، ولفت أيضا إلى تعرض قريتي “درابة، عبد البنات” لاجتياح من قبل قوات الدعم التي مارست أفعالا إجرامية بحق المواطنين وفقاً للمنصة.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة السوداني المحلية عن وجود خلافات عميقة وسط الدعم السريع في ولاية سنار عقب مقتل قائدها عبد الرحمن البيشي.
وبيّن تقرير نشرته الصحيفة أن قادة ميدانيين ينتمون لأسرة البيشي أطلقوا اتهامات صريحة بأن الجيش السوداني نحج في اختراق صفوفهم من الداخل ، مشيرين إلى أن طريقة مقتل البيشي تؤكد ذلك.
ونقلت “السوداني” عن مصادرها أن الجيش تمكن عبر عملية مشتركة عالية الدقة من تعقب خط سير قائد الدعم السريع البيشي في محور سنار ورصد 5 مركبات يقوم بالتنقل عبرها للتمويه واستهدفها الطيران في آن واحد.
وكشف التقرير عن عودة القمر الصناعي السوداني للخدمة مجدداً بعد نجاح فريق تقني من عسكريين ومدنيين التحكم فيه عبر منصة جديدة في أحد مراكز البحوث السودانية.
في العام 2019 أعلن السودان أن الصين أطلقت قمراً صناعياً سودانيا يرمي لتطوير المعارف العسكرية والاقتصادية والفضائية، وحسب ما قيل حينها فإن القمر سيقوم بعدة أنشطة من بينها الاستشعار عن بعد ونظام التموضع الجغرافي “جي بي أس”، ومع اندلاع الحرب أشيع عن تخريب الدعم السريع لمنصة التحكم التي كانت متواجدة في مطار مروي.
ويرى خبراء عسكريون، إن دخول القمر الصناعي السوداني للخدمة يوفر للجيش مزايا عسكرية عديدة منها تحديد مواقع العدو واستهدافه بشكل دقيق عبر المدفعية والطيران وهو الأمر الذي يمكن أن يغير في معادلة الحرب في السودان.
المصدر: القدس العربي