قسوة إسرائيلية في شهر الرحمة.. 2.2 مليون فلسطيني يواجهون شبح الجوع
في خطوة وصفتها المنظمات الإنسانية بأنها “عقاب جماعي” يخالف القانون الدولي الإنساني، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارًا بوقف إمدادات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ما تسبب في تفاقم الوضع الصحي والغذائي المتدهور أصلًا لسكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 شهرًا.
وفي هذا الصدد كشفت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية، أن هذا القرار الذي جاء مع بداية شهر رمضان، أدى إلى ارتفاع فوري في أسعار السلع الأساسية بغزة، إذ أفاد السكان بأن الأسعار تضاعفت بشكل مفاجئ، ما زاد من معاناة أكثر من 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع.
وضع صحي كارثي
على الرغم من مزاعم المسؤولين الإسرائيليين بأن غزة لديها مخزون غذائي يكفي لعدة أشهر، فإن الواقع على الأرض يختلف تمامًا، إذ أكدت المنظمات الإغاثية أن السكان ما زالوا في حالة ضعف شديد.
وبحسب ما نقلته “ذا جارديان” عن منظمة أوكسفام، فإن “قرار إسرائيل بمنع المساعدات عن أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة مع بداية رمضان هو عمل متهور من العقاب الجماعي، وهو أمر محظور صراحة بموجب القانون الإنساني الدولي”.
ونوّهت الصحيفة إلى أن محكمة العدل الدولية، التي تنظر في اتهام بالإبادة الجماعية ضد إسرائيل، أصدرت تعليمات لتل أبيب بتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة، كما أشارت المحكمة الجنائية الدولية عند إصدارها أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، العام الماضي، إلى وجود أسباب للاعتقاد بأن إسرائيل استخدمت “التجويع كوسيلة من وسائل الحرب”.
قطرة في المحيط
خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت، عبر نحو 600 شاحنة يوميًا إلى غزة، حاملة ما مجموعه 57.000 طن من الغذاء، ووفقًا لـ”ذا جارديان”، فإن هذا المستوى مماثل لتسليمات المساعدات قبل الحرب، لكن وكالات الإغاثة أكدت أن ذلك كان لسكان في حالة بدنية أفضل بكثير مما هم عليه الآن، وكانت لديهم أيضًا القدرة على إنتاج بعض غذائهم.
وأطلقت منظمة أوكسفام على المساعدات التي وصلت غزة، خلال الهدنة التي استمرت ستة أسابيع، وصف “قطرة في المحيط”، في إشارة إلى حجم الاحتياجات الهائلة مقارنة بما تم توفيره، خاصة مع تدمير أو تضرر نحو 70% من المباني في القطاع الساحلي.
معدلات مقلقة
كشفت ذا جارديان، نقلًا عن أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أواخر فبراير، أن 876.000 فلسطيني في غزة ما زالوا يعانون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، وأن 345.000 يواجهون انعدامًا كارثيًا للأمن الغذائي.
وحتى في الأسابيع الستة من الهدنة، أبقت إسرائيل سيطرة محكمة على ما كان مسموحًا به في شحنات المساعدات الإنسانية.
واشتكت وكالات الإغاثة من منع الكثير من المعدات الطبية بحجة أنها “ذات استخدام مزدوج”، كما تم منع ناقلات المياه، ما جعل الناس يعتمدون على الآبار، التي تعتبر غير كافية لاحتياجات السكان في أعقاب الصراع.
أزمة صحية متفاقمة
ورأى أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، خلال حديثه للصحيفة البريطانية، أن الوضع الصحي في قطاع غزة “كارثة”.
وأضاف أنه في مدينة غزة وحدها هناك 180.000 طن من النفايات الصلبة منعت السلطات الإسرائيلية إزالتها، ما أدى إلى فيضان مياه الصرف الصحي، مؤكدا أن “ذلك له آثار صحية خطيرة في الظروف الحالية في غزة”.
وبحسب الصحيفة، فإن هناك نحو 1.500 نقطة وصول للمياه تعمل في جميع أنحاء غزة، وتقول الأمم المتحدة إن إنتاج المياه وإمدادها نحو ربع مستويات ما قبل الحرب.
وتبقى القضايا الصحية مصدر قلق، مع تدمير نحو 80% من البنية التحتية الصحية في غزة بسبب الحرب، واستشهاد 1.000 من العاملين في المجال الطبي.
وقدرت منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يصل 14.000 فلسطيني في غزة بحاجة إلى إجلاء طبي، من بينهم 4.500 طفل.