ملفات عديدة جعلت النظام المصري يقرر توسيع دوره في السودان، فما بين محاولة تأمين الحدود الجنوبية، وتأمين حليف في موقع السلطة في الخرطوم، إضافة إلى الاطمئنان لموقف الجارة الجنوبية من أزمة ملف سد النهضة الأثيوبي، بات النظام المصري متهما بدعم مجلس السيادة السوداني في مواجهة القوى المدنية.
ويسعى النظام المصري، إلى تقديم المساعدة إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان في ظل الأزمات السياسية التي يواجهها، باعتباره يؤمن أن خروج الجيش السوداني من معادلة السلطة في الخرطوم يعني تغيرا في المشهد الجنوبي، سيلقى بظلاله على الأمن في الجارة الجنوبية وبالتالي يؤثر عن الأمن الحدودي، إضافة إلى موقف النظام المصري من التغيير بشكل عام واعتباره نوعا من محاولات ضرب الدولة الوطنية.
وتحاول القاهرة وضع موطئ قدم لها في التسوية السودانية، بعد محاولات إبعادها قسرا من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي اللذان يقودان ملف التسوية، بدعم مجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
فقبل أسبوع، كشفت مصادر عن توجه فريق استشاري مصري إلى العاصمة الخرطوم، لتقديم المشورة إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في التعامل مع الملفات السياسية الداخلية الحرجة في الوقت الحالي.
الوفد الأمني حسب المصادر، ضم أعضاء في جهاز المخابرات العامة، الذي يدير ترتيبات القاهرة في الملف السوداني.
الوفد الأمني حسب المصادر، جاء بناء على اتفاق جرى، خلال زيارة البرهان الأخيرة للقاهرة في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، في زيارة هي الثانية للعاصمة المصرية، منذ نحو 6 أشهر فقط؛ حيث التقيا في آذار/مارس الماضي.
وجاءت زيارة البرهان للقاهرة، في طريق عودته من نيويورك، وإلقاء كلمة بلاده في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عبّر خلالها عن خيبة أمله جراء فشل الجهود الدولية في التوصل لاتفاق بين القوى المدنية والمكون العسكري.
وتشير دراسة نشرها «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية» إلى حاجة البرهان لتضامن عربي، يبدأ من القاهرة، ويسمح له بإيجاد مخرج للدولة السودانية من براثن الاضطرابات بعد إعلانه «عدم الانتظار إلى ما لا نهاية» حال التطويل دون إجراء انتخابات، خاصة مع طرح القضية أمام اجتماع الدورة العادية لجامعة الدول العربية المقرر عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بالجزائر.
ولفت «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية» إلى تطلع البرهان كذلك لـ«التعرف على الخبرات المصرية في مواجهة محاولات تغلغل (جماعة الإخوان) باعتبار أن الشيء ذاته يعاني منه السودان وقد يقف عائقاً أمام تنفيذ أي اتفاق».
وفي بيان ختامي للقاء السيسي والبرهان، عبّرت مصر عن إدراكها للظرف الدقيق الذي يمر به السودان حالياً، ومطالبة بضرورة العمل المشترك لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، كما وعدت باستمرار إرسال حزم المساعدات والدعم اللوجستي والإنساني للسودان.
وكثف النظام المصري من لقاءات بقوى لها علاقات تاريخية، فخلال الشهر الجاري، زاد وفد من حزب الأمة القومي السوداني، يقوده رئيس الحزب المُكلف، فضل الله برمة ناصر، العاصمة المصرية القاهرة.
وجاءت زيارة الوفد في ظل الحديث عن مساعي القاهرة، للوصول لتسوية بين القادة العسكريين، ومجموعة المجلس المركزي بتحالف قوى الحرية والتغيير، الذي يعد حزب الأمة القومي أحد أهم فصائله.
وفي سياق ملف أزمة سد النهضة الأثيوبي، قال السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية؛ إن مصر والسودان تقدمتا بطرح مشروع قرار خاص بسد النهضة لمناقشته خلال القمة العربية المقرر عقدها في الجزائر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وأضاف الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن الاجتماعات التحضيرية التي تسبق القمة ناقشت مقترحات ربما يتم طرحها في الاجتماع الوزاري المقرر انعقاده السبت.
وتضمن مشروع القرار المصري السوداني، إدانة الإجراءات الأحادية الأخيرة التي أعلنت عنها أديس أبابا، في آب/اغسطس الماضي، وهي إتمام المرحلة الثالثة من ملء خزان السد، وكذلك تشغيل توربين ثاني لتوليد الطاقة الكهربائية. كما يطالب المشروع بضرورة التزام إثيوبيا بمفاوضات جدية، بموجب قواعد القانون الدولي، بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي مُلزم، يؤمن مصالح كافة الأطراف المعنية ويمنع الإضرار بها.
وفي السياق عادت الاجتماعات الدورية للهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل في دورتها الـ62 بالعاصمة السودانية الخرطوم، بعد توقف دام لأربع سنوات.
وذكر بيان لوزارة الموارد المائية والري المصري، أن رئيس الجانب المصري في الهيئة الدكتور عارف عبد المبدي أكد في كلمته خلال الاجتماع احترام مصر لاتفاقية الانتفاع الكامل بمياه نهر النيل مع السودان الشقيق لعام 1959 والتي تعد دستورا لأعمال الهيئة، مشددا على أهمية تمسك الدولتين بما نصت عليه اتفاقية 1959 من ضرورة التنسيق في المواقف بين البلدين تجاه المشروعات التنموية المزمع إنشاؤها بدول حوض النيل خارج حدود الدولتين.
وأشار عبد المبدي إلى أهمية استمرار أعمال تطوير أنشطة الهيئة وبناء القدرات وتدعيم الجانب المؤسسي بما يخدم مصالح الدولتين، وكذلك أهمية تبادل الخبرات والتنسيق والتعاون مع مراكز الأبحاث والدراسات الدولية العاملة في مجال المياه العابرة للحدود.
رئيس الجانب السوداني في الهيئة المهندس مصطفى حسين، أكد أن الاجتماعات الدورية تأتي لإحياء أنشطة الهيئة فيما ينفع البلدين ويحقق تعزيز التعاون المشترك لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين، وعلى أهمية تفعيل العلاقات مع دول حوض النيل، وخاصة دولة جنوب السودان، وأهمية العمل على تنفيذ مشروعات على الأرض تسهم في معالجة مشاكل الفيضانات وإزالة الحشائش وتحسين الملاحة. ومنذ نيسان/ابريل 2021 تجمدت المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا، التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، ما دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يرضي جميع الأطراف.
المصدر: القدس العربي