في أجواء غير مسبوقة من العنف، يستعد البرازيليون لانتخاب رئيسهم في أكتوبر/تشرين الأول. ونادرا ما تتصدر استطلاعات الرأي شخصيتان تجسدان قيما متعارضة. يتعلق الأمر بالرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي أمضى فترة في السجن قبل أن تتم تبرئته، وينشد إنقاذ البرازيل من ديكتاتورية اليمين المتطرف. والرئيس المنتهية ولايته جايير ميسياس بولسونارو، الذي انتخب في 2018، ويهدد بعدم احترام نتائج صناديق الاقتراع في حال عاد “الحمر” و”الفاسدون” إلى السلطة.
معركة مباشرة: كل منهما ينسب نفسه إلى أصول شعبية وشكل أسطورته على امتداد عشرات السنوات. وبشخصيتيهما المتباينتين في المسار، وفي المقاربة الاقتصادية والسياسية والدولية، جذب الرجلان المواطن البرازيليون للمشاركة بشكل كبير في هذه الانتخابات، إذ ينوي 70 بالمئة من الناخبين التصويت لأحدهما.
ظلال الجيش: باتخاذه موقفا علنيا ضد لولا في عام 2018 والاستثمار بشكل كبير في حكومة بولسونارو بعد انتخابه، خرج الجيش البرازيلي من 25 عاما من الصمت، ويلمح إلى أنه سيكون الحكم في هذه الانتخابات.أيقونة اليسار على مستوى العالم والعامل في المعادن الذي أصبح رئيسا لقوة ناشئة، يثير لولا الإعجاب ليس في البرازيل فقط بل وخارجها. ولا يشبع المتحدث الساحر، “وحش” المنصات الجماهيرية، من مخاطبة الحشود وعناقها، وقد بصم نصف قرن من الحياة السياسية في البرازيل.
وُلد لولا في بيرنامبوك، وهي منطقة قاحلة وفقيرة في شمال شرق البرازيل، وهرب من البؤس بالهجرة إلى مصانع ساو باولو. اشتغل ملمعا للأحذية، ثم عاملا في مصنع للسيارات. وفقد أحد أصابع يده اليسرى خلال حادث عمل.
بعد أن كان نقابيا، أصبح لولا زعيما لليسار البرازيلي قبل أن يتولى الرئاسة في 2003، فأطلق برامج لمكافحة الجوع وأقر مساعدات مالية للأسر المحتاجة، ما ساعد 30 مليون برازيلي على التخلص من الفقر.
كما تبنت حكومته سياسة تمييز إيجابية لتعزيز وصول البرازيليون المنحدرين من أصل أفريقي إلى الجامعة. وفي موضوع البيئة، عملت حكومته على الحد من إزالة الغابات في منطقة الأمازون، لكنه تعرض لانتقادات من دعاة حماية البيئة والسكان الأصليين الذين عاتبوه على تشريع بناء السد الضخم لتوليد الطاقة الكهرومائية في بيلو مونتي في ولاية بارا.
لولا، المفاوض الماهر وصاحب التنازلات المستحيلة، ترك السلطة في نهاية عام 2010 في وقت بلغت فيه شعبيته 87٪. لكن، خلال ولايتيه المتواليتين (الحد الأقصى الذي يسمح به الدستور)، وجهت للعديد من وزرائه والمقربين منه تهم بالفساد، وأحيانا تمت إدانتهم. منذ 2016، أصبح هدفا للقاضي سيرجيو مورو، الذي سيعينه فيما بعد بولسونارو وزيرا للعدل، والمدعين العامين في عملية “لافا جاتو” التي اعتبرت وقتها إحدى أكبر قضايا مكافحة الفساد في البرازيل.
وبحسب القاضي مورو، كان لولا حينها رئيسا لشبكة فساد على نطاق واسع. وفي 7 أبريل/ نيسان 2018، وضع لولا في سجن كوريتيبا جنوب البلاد، وقضت المحكمة العليا بعدم أهليته للانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، في حين أعلن نفسه مرشحا لها. وبعد عام ونصف، وتحديدا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، تمت تبرئة المحارب الذي لا يتعب من قبل المحكمة العليا قبل أن يستعيد حقوقه المدنية وينطلق في حملة رئاسية سادسة.ش
أخبار السودان :