أخبار السودان:
فضيحة قطع الإنترنت للامتحانات**** عبر التاريخ السوداني ظلت امتحانات الشهادة السودانية من اقدس الممارسات العلمية، وظلت تحظى بسمعة من ذهب في تأمين وسرية الامتحانات وفي تصحيحها ومراجعتها وإعلان نتائجها، فما الذي يحدث؟ ما الذي استجد ليجعل الدولة تقرر قطع الإنترنت للسنة الثانية على التوالي عن المواطنين أثناء فترة امتحان الشهادة؟ هذا القطع المتكرر فضيحة بكل المقاييس ودليل على أن بلادنا وصلت مرحلة بعيدة جدا من عدم الأخلاقية في الشؤون الدراسية، هذا القطع وانتشار أخباره في الفضائيات والمواقع الإخبارية العالمية لفت أنظار العالم إلى أن هناك مشكلة في التعليم السوداني، وهذه أشياء سيكون لها انعكاس كارثي على سمعة جودة التعليم السوداني عالميا، كما أن قطع الإنترنت بحسابات العصر الحديث ممارسة متخلفة ضد روح العصر وضد منهج الحقوق والحريات هذا غير اثرها الاقتصادي المكلف.
فضيحة قطع الإنترنت للامتحانات*** الوصول إلى الإنترنت لم يعد ترفا ولا خدمة ترفيهية بل أصبح حقا أساسيا من حقوق الإنسان، الأمم المتحدة أعلنت حق الوصول إلى الإنترنت كأحد حقوق الإنسان عام 2016، واعتبرته أحد الأمور الضرورية لتحقيق اهداف التنمية المستدامة، وهو قرار يتماشى مع التطور التكنولوجي العالمي الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة، لذلك لا يوجد مبرر حقيقي لقطع الإنترنت عن السودان بأكمله نتيجة الخوف من تسرب امتحانات الشهادة السودانية، فالواجب ان تعمل الدولة على حماية امتحانات الشهادة السودانية وتامينها وليس قطع الإنترنت، والسؤال هنا هل ستتحول هذه الممارسة إلى عادة سنوية ام ان هناك معالجات تعمل عليها الدولة من أجل تفادي هذا القطع السنوي، وماهي هذه المعالجات؟ ولماذا لم تنفذ قبل امتحانات الشهادة الراهنة؟
فضيحة قطع الإنترنت للامتحانات*** حتى في أوقات الحرب لم يكن هناك تسريبا للامتحانات، ولكن الفوضى التي حدثت في السنة الماضية، وحالة السيولة السياسية والأمنية التي أحدثها احتقان البلاد بعد اطاحة الثورة بالمخلوع جعل الامور في السودان عامة مرتبكة، وساهمت في تعميق هذه الربكة قرارات حكومة المجلس العسكري السابقة وقرارات الحكومة الراهنة باللجوء إلى قطع الإنترنت من أجل إراحة جهاز الدولة وليس من أجل إراحة الجماهير. المجلس العسكري قطع الإنترنت من أجل أن يمنع الثورة عليه بعد الجريمة الكارثية بفض الاعتصام، وهو إجراء لم يفلح في قتل روح الثورة، وشهد ٣٠ يونيو خروج الملايين من كل حدب وصوب ضد ممارسات المجلس العسكري رغم انقطاع الإنترنت، وها هي الحكومة الانتقالية تقطع الإنترنت لمنع تسريب امتحان الشهادة السودانية، فهل هذا الإجراء سيمنع تسريب امتحان الشهادة ان كان هناك بالفعل من يريدون تسريب الامتحان؟ بالتأكيد لا.
فضيحة قطع الإنترنت للامتحانات*** لن يمنع قطع الإنترنت تسريب الامتحان، قد يمنع انتشار المادة المسربة على نطاق واسع بعد انكشافها، ولكنه لن يمنع وقوع التسريب نفسه، وفي نهاية الأمر اذا حدث التسريب ووصلت المادة المسربة إلى تلميذ واحد او الاف التلاميذ فالنتيجة واحدة وهي أن الامتحان قد انكشف وان فرصة العدالة قد انتفت وان الامتحان يجب أن يعاد، منع التسريب يتم عبر حماية اوراق الامتحان وتأمينها كما كان يحدث طيلة السنين المنصرمة من عمر السودان، وهذه مسؤلية وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية، فليجتهدوا في وضع معالجات لا تصادر حق المواطنين في الإنترنت.