أخبار السودان :
فرنسا تضيق بالتأييد الشعبي لغزة
كغيرها من الحكومات الغربية ازعجها التفاعل الشعبي الواسع في بلدها مع غزة انتصارا لها ، ورفضا للوحشية الإسرائيلية في عدوانها على الشعب الفلسطيني ، واعتراضا واسعا على الدعم الغربي المتواصل لإسرائيل وهي تمارس الجرائم المتواصلة متجاوزة كل القوانين والمواثيق والعهود ، وكان واضحا مدى الضيق الذي تشعر به الحكومة الفرنسية من تنامي التأييد لفلسطين بين مواطنيها والمقيمين على أرضها وتزايد حجم التظاهرات المستنكرة لجرائم إسرائيل.
ويقول المراقبون ان الحكومة الفرنسية منزعجة من اتساع قاعدة التضامن مع غزة لان زيادة عدد المتظاهرين يكشف عن حقيقة مايجري ويلفت نظر العديد من الناس داخل وخارج فرنسا إلى كذب الحكومات الداعمة للعدوان الإسرائيلي ومنها الحكومة الفرنسية.
وقال فرنسيون متضامنون مع غزة ومنتقدون لمواقف حكومتهم ان تصريحات الرئيس ماكرون التي ينتقد فيها سياسة إسرائيل الإجرامية في غزّة ليست سوى نفاق سياسي دعائي.
وكانت الحكومة قد انتقدت تحرّك الأكاديميين الفرنسيين الذين نظّموا في 12 مارس الحالي يوماً للتضامن الأكاديمي مع القطاع الأكاديمي في غزة وأهلها ، والتأكيد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار ومنع استمرار الحرب.
وأصرّت طالبة من “اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا” (UEJF) المعروف بتطرّفه الصهيوني، على تصوير وجوه المشاركين في الاحتجاج، فمنعها المنظّمون خوفاً من عرض هذه الصور لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي ،ويتعرّض المشاركون بعد نشر صورهم إلى حملات تهديد مبرمجة من قبل مجموعات إسرائيلية ناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه المجموعات تمارس التشهير ضد الناشطين والصحافيين والمسؤولين المنتخبين والمحامين الذين يعتبرون مؤيدين للفلسطينيين، من خلال نشر تفاصيلهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي لإثارة حملة مضايقات وتهديدات هاتفية ضدهم وضد أحبائهم.
ولم تمضِ ساعات على نشر الطالبة الإسرائيلية قصة عدم السماح لها بالتصوير والبقاء في ساحة الاعتصام، حتى توجّه رئيس الوزراء غابرييل أتال، شخصياً وبصحبة وزيرة التعليم العالي، سيلفي ريتيللو إلى معهد العلوم السياسية، وهناك دخل أتال بشكلٍ استفزازي ومن دون إذن مسبق إلى اجتماع استثنائي لمجلس إدارة المعهد ووبّخ المجتمعين بقوله: “إنّ السمكة تتعفّن دائماً من الرأس”، قبل أن يشنّ هجوماً على المنظّمين ويتهمهم بمعاداة السامية.
وقد عبّر رئيس المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية عن “اشمئزازه” لهذا التصرّف غير القانوني، عندما استخدم عبارة “ضيف غير متوقّع” للإعلان عن وصول رئيس الوزراء.
في حين قال البروفيسور جان فرانسوا بايار، وهو باحث في المركز الوطني للأبحاث العلمية، إنّه “خلال خمسين عاماً من تحليل الأوضاع الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، لم ألاحظ قط مثل هذا التدخّل الفظيع والشنيع من قبل السلطة السياسية في مجال المعرفة، إن الأنظمة الاستبدادية الحاصلة على براءة اختراع هي أكثر تهذيباً”.
لم ينحصر الهجوم الحكومي على الأكاديميين الفرنسيين الذين نظّموا يوم الدعم لغزة على تصرف رئيس الوزراء الذي وصف “بالسيّئ” بل وصل الأمر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعتبر في اليوم التالي خلال جلسة لمجلس الوزراء، أن ما قام به المؤيدون للفلسطينيين مع الطالبة الإسرائيلية “أمر لا يوصف وغير مقبول على الإطلاق”.
فيما قدّمت الحكومة الفرنسية تقريراً إلى المدعي العام يطالب بإجراء التحقيقات فيما وصفته “بالتعليقات ذات الطبيعة المعادية للسامية الموجّهة ضد أحد الطلاب”.
انها فرنسا التي تدعي الديموقراطية.
سليمان منصور