تحت العنوان أعلاه، كتب غيفورغ ميرزايان، في “فزغلياد“، حول مأزق أوروبا بعد تبديل الولايات المتحدة أدوات فرض مصالحها في العالم.
وجاء في المقال: الصدمة والارتباك والحيرة- هذه ردة فعل وسائل الإعلام العالمية والمحللين السياسيين على خطاب رئيس الولايات المتحدة. فقد أعلن بايدن “نهاية حروب أمريكا الكبرى”، والتخلي عن زرع الديمقراطيات في البلدان الأخرى بمساعدة القاذفات.
الآن، بعد تخلي بايدن عن فرض الديمقراطية بالقوة، أصبح أمام أوروبا خيارات. بات بإمكان الاتحاد الأوروبي أن ينتعل أحذية أيديولوجية أخرى ويتحول إلى علاقات براغماتية مع تلك البلدان التي لا تناسبه سياساتها الداخلية تماما، مثل بيلاروس وروسيا. المشكلة هي أن انتعال أيديولوجية جديدة يتطلب إرادة ومرونة، وأولئك الذين يؤمنون بالليبرالية لا يمتلكونها. أو يمكن لأوروبا أن ترتدي العباءة التي تخلى عنها الأمريكيون وتنخرط في النشر القسري للديمقراطية بقواها الذاتية. المشكلة هي أن هذا يتطلب، في الواقع، قدرات، لا تملكها أوروبا التي ضعفت بكل معنى الكلمة.
أوروبا، بالطبع، قد لا تلتقط العباءة ولا تغير مسارها، لكنها إذا لم تفعل ستجد نفسها على هامش العمليات التاريخية، وحتى في عزلة عنها.
ومع ذلك، يمكن لأوروبا أن تتخذ خيارا آخر، نحو التكيف المبتذل مع السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة، وإدراك أن مغزاها لا يكمن في الانعزالية التامة، إنما في العولمة نفسها، أي في استخدام وسائل أكثر ذكاءً من التدخل العسكري.
بايدن يغير الأداة والمدخل إلى نشر الديمقراطية. التخلي عن التخويف لمصلحة الحافز الأكثر فاعلية في التاريخ، أي الإغراء. تعود الولايات المتحدة إلى المفهوم الكلاسيكي للقوة الناعمة. فهي ستعمل على “دمقرطة” الأنظمة ليس بالقنابل، وإنما بالتأثير الاقتصادي والأيديولوجي والثقافي. ونذكّر بأنه التأثير الذي سيطروا بواسطته على أوروبا الشرقية، وعدد من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، وجزء من أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا.
والسؤال الرئيس الآن هو ما إذا كان الأمريكيون، الذين اعتادوا على إرسال القاذفات، نسوا كيفية استخدام هذه القوة الناعمة.
المصدر: RT