حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، من «التطورات الخطيرة» التي يمكن أن تؤدي إلى «تفتيت» السودان، وامتداد الحرب المستعرة فيه إلى منطقة الساحل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر، داعياً مجلس الأمن إلى التحرك من أجل وقف النار خلال شهر رمضان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي» من الجهة الأخرى.
وكان كبير الموظفين الدوليين يتحدث خلال اجتماع عقده مجلس الأمن حول الوضع في السودان، وبالتزامن مع تقديم بريطانيا مشروع قرار يطالب بـ«الوقف الفوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان»، وسط مساع للتصويت عليه الجمعة.
وقال غوتيريش خلال الاجتماع إن الحرب التي بدأت قبل 11 شهراً في السودان «خلفت خسائر فادحة (…) ما يعرض وحدة البلاد للخطر»، محذراً من أن «هناك الآن خطراً جدياً يتمثل في احتمال إشعال الصراع مما يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الإقليمي بأبعاد دراماتيكية، بدءاً من منطقة الساحل إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر». وإذ تطرق إلى المعارك في ولايتي الخرطوم والجزيرة وأماكن أخرى، أضاف أن «إراقة الدماء أخيراً أجبرتنا على تعليق عملياتنا خارج المركز الإنساني الحيوي في ود مدني»، مشيراً إلى «مخاوف متزايدة من توسع الأعمال العدائية شرقاً».
زيت على النار
وعبر غوتيريش عن «قلق بالغ من الدعوات إلى تسليح المدنيين، ونشاطات الحشد الشعبي في مختلف الولايات»، بما في ذلك دارفور وجنوب كردفان، حيث «تدخل الجماعات المسلحة المعركة»، منبهاً إلى أن «كل هذه التطورات الخطيرة تصب الزيت على النار» بما يمكن أن يؤدي إلى «تفتيت البلاد بشكل أكثر خطورة، وتعميق التوترات بين الطوائف، والمزيد من العنف العرقي».
وناشد غوتيريش كل الأطراف في السودان «احترام قيم شهر رمضان من خلال احترام وقف الأعمال العدائية خلال شهر رمضان». ورأى أن «الوقت حان الآن لإلقاء السلاح»، مؤكداً أن «الأزمة الإنسانية في السودان تصل إلى أبعاد هائلة»، إذ «يحتاج نصف السكان إلى المساعدة المنقذة للحياة». وقال إن «الجوع يطارد السودان… نحو 18 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد». وذكر أنه وفقاً لإعلان جدة «يجب على السلطات السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وفوري إلى جميع السكان الضعفاء بغض النظر عن مكان وجودهم ومن يسيطر على المنطقة». وطالب بـ«استخدام كل الطرق، بما في ذلك الممرات البرية والجوية، لتحقيق أقصى قدر من الاستجابة للمساعدات وإنقاذ الأرواح».
وتحدث الأمين العام للمنظمة الدولية عن «الهجمات العشوائية التي شنتها (قوات الدعم السريع) والقوات المسلحة السودانية، وأدت إلى مقتل أو إصابة عدد كبير من المدنيين»، متطرقاً إلى «عمليات النهب والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب وتجنيد واحتجاز الأطفال»، فضلاً عن التقارير «المثيرة للقلق عن العنف الجنسي المنهجي المرتبط بالنزاع، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، فضلاً عن الاختطاف والاتجار بغرض الاستغلال الجنسي».
وقال غوتيريش: «تشكل منصة جدة منتدى حاسماً وواعداً للحوار»، كما «تظل المشاركة الأفريقية أمراً لا غنى عنه»، مؤكداً أن «الأمم المتحدة على استعداد لتكثيف مشاركتها مع شركائنا المتعددي الأطراف – ومنها الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وجامعة الدول العربية والدول الأعضاء الرئيسية – لاتخاذ إجراءات عاجلة نحو وقف دائم للأعمال العدائية وتوصل إلى اتفاق شامل ومتماسك ومتكامل». وعوّل على الجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة مع القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع»، وكذلك لتنسيق مبادرات الوساطة الدولية، داعياً مجلس الأمن إلى إظهار «دعمه القوي والواضح لذلك الجهد الحاسم».
المشروع البريطاني
وبموجب مشروع قرار وزعته بريطانيا، حاملة القلم في القضايا المتعلقة بالسودان في مجلس الأمن، يطالب النص بـ«الوقف الفوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان»، داعياً في الوقت ذاته أطراف النزاع إلى «السعي إلى إيجاد حل مستدام للنزاع من خلال الحوار». كما يدعو كل الأطراف إلى ضمان «تمكين توصيل المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر الجبهات، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وإعلان التزام حماية المدنيين في السودان»، طبقاً لما نص عليه «إعلان جدة» بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي» من الجهة الأخرى، برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في مايو (أيار) 2023.
وكذلك يشجع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى السودان رمطان لعمامرة على «استخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف والدول المجاورة، لاستكمال وتنسيق جهود السلام الإقليمية».
عبر الحدود والجبهات
ويعبر مشروع القرار في ديباجته عن «القلق البالغ من انتشار العنف والحالة الإنسانية الكارثية والمتدهورة، بما في ذلك مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد، لا سيما في دارفور». وإذ يشير إلى «التحديات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط التماس إلى دارفور»، يشجع السلطات السودانية على «مواصلة العمل في شراكة وثيقة مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمنظمات غير الحكومية الدولية لضمان وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى المحتاجين».
ويحض النص على «مواصلة وتعزيز تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لتسهيل إنهاء النزاع واستعادة عملية انتقال ديمقراطي شاملة ودائمة بقيادة مدنية». ويدعو الدول الأعضاء إلى «الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار، والعمل بدلاً من ذلك على دعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم» في السودان.
المصدر: الشرق الأوسط