أخبار السودان:
عندي كلمة أحب أقولها:: قبل سنوات كنت أسكن بالقرب من مكان العمل.. كنت استغل فرصة الصباح للمشي الى العمل.. واعتقد ان فكرة الكتابة كانت بدايتها لحظات التأمل الصباحية تلك.. كنت أرافق الكثير من الشخصيات الصباحية التي تسير الى بعض شأنها مثلي.. كانت هناك فتاة في مقتبل العمر.. تنتهز أي فرصة لانخفاض درجة الحرارة.. لتجدها تلبس (كوت) على حوافه (فرو).. الحقيقة ان الكوت جميل وأنيق.. لكنني كنت اشفق عليها.. فقماش الكوت ثقيل مما يجعلها في حالة دائمة من التعرق.. كنت أتأملها وأغالب فكرة أن أقول لها ان ما تلبسه جميل.. لكنه غير مناسب هنا.. ربما يناسب بيئات أخرى.. لكني كنت أتراجع في آخر لحظة.. يبدو انني سأقول لها هذه المرة.
عندي كلمة أحب أقولها:: تابعت في الايام السابقة الحملات الجندرية من الجهتين.. الهتافات النسوية التي تترجمت الى موكب وكذلك تابعت ردة فعل حملة الواي كروموسوم من الجهة الأخرى للشاطئ.. .بذات الحدة والانفعال.. وخلصت الى التساؤل التالي:
أين ذهب ذلك التراضي المجتمعي الذي عاشت به الانسانية منذ بدء الخليقة ؟؟
عندي كلمة أحب أقولها:: ما الذي حدث فامتلأت النفوس غلاً وحقداً.. وصار كل نوع يريد ان يستأثر بكوكب الأرض ! يريد ان يستمر في الحياة دون وجود الآخر !! رغم انهما يعلمان تمام العلم.. ان لا غنى لأحدهما عن الآخر ؟ ولا يمكن للحياة ان تستمر دون وجود الذكر والأنثى؟ هل من مجيب؟
هل هو خروج المرأة للعمل ؟ لا أظن.. النساء يعملن منذ فجر التاريخ.. حتى الرسومات على جدران المعابد تظهر النساء يزرعن ويحصدن.. يقمن بهذه الأعمال جنباً الى جنب مع الرجال.. حتى الأرياف تعمل النساء في الزراعة والاحتطاب وجلب الماء.. حتى يومنا هذا.. النساء يعتبرن احد أذرع الاقتصاد في كل العالم.. ولم يشكل ذلك مشكلة في وضع الأسرة.. ليه ؟ لأن الأدوار كانت موزعة بطريقة عرفيه جميلة.. البيت تتولى شؤونه المرأة بينما يتدبر الرجل امر ما يحدث خارجه.. هذا هو التوزيع الفطري للأدوار في رأيي.. اذ ربما يظهر من يخالفني الرأي.. اذن لماذا يصر البعض على ارتداء الكوت الذي لا يناسب بيئاتنا وينضح جسده بالعرق ويكابر بأن هذا هو المناسب ؟
عقليات النساء اذا استطعنا تشبيهها هي مثل شبكة الفورجي.. تستطيع ادارة أكثر من مشروع في ذات الوقت.. لذلك كانت هي الأم ومدبرة المنزل ومتابعة شؤون الأطفال.. كل هذا يحدث عن طيب خاطر.. وتفضلاً منها لا جبرا.. ولا تستطيع القوانين فرضه عليها.. كذلك الرجل يقوم بمتابعة كل الشؤون في الخارج.. .احضار الاشياء.. مدارس الأولاد.. الصرف المادي على كل المنزل.. والاعمال الشاقة..
كل ميسر لما خلق له.. ربما نجد بيوتا يتولى فيها الرجل الطبخ.. بعضها تتولى النساء الاعمال الخارجية.. المهم الرضا.. فالتراضي هو الذي يحكم الامر وتوزيع الأدوار .. لذلك نقول ان تقدير دور الآخر وافراد مساحة الاحترام له وتفهم احتياجاته .. هو الذي يسير بالمجتمع الى الأمام.. .لا شئ غير ذلك..
الفضيلة دائماً وسط بين رذيلتين.. الشجاعة وسط بين الجبن والتهور.. والكرم وسط بين البخل والاسراف.. والانصاف وسط بين الافراط والتفريط.. الافراط في الغاء دور الآخر لن ينفع.. لا يمكن بأي حال من الأحوال الغاء دور الاب.. ولا الغاء دور الرجل في حياة المرأة.. كذلك لا يمكن بأي حال من الاحوال التفريط في حق النساء في الحصول على الوصاية على الاطفال ومنح حق استخراج الوثائق الثبوتية لهن أسوة بالأباء.. كذلك توفير الحماية لكل من ترفع صوتها بالشكوى من عنف أسري أو منزلي.
هل يعني ذلك ان نساء السودان بلا مشاكل ؟ الحق ان هناك مشاكل عويصة في مجتمع النساء تنتظر الحل من قبل الطبقة المستنيرة.. لا تزال الكثير من النساء يرزحن تحت نير الأمية.. لا تزال وفيات النساء في الولادة في تزايد.. الختان وتوابعه.. والكثير من المشاكل والظروف المعقدة التي تعيشها النساء وتحتاج سنوات ضوئية لحلها.. لذلك لسنا في حوجة الى لبس (كوت فرو).. درجة الحرارة غير مناسبة أبداً له.. والتوب ينتظر منا الالتفات لما به من ثقوب .
***********
صحيفة السوداني