علمانية الحلو المرفوضة::: انتشرت في الاسافير مسودة قيل انها لمقترح الحركة الشعبية شمال جناح الحلو في المفاوضات مع الحكومة الانتقالية، الاخبار أشارت إلى أن وفد الحكومة الانتقالية قال ان المسودة جيدة وأبدى عليها بعض الملاحظات، لا نعلم ماهي هذه الملاحظات ونتوقع أن يتسرب للوسائط رد الحكومة الانتقالية كما تسربت مسودة الحركة الشعبية، ولكننا نقول ان وفد الحكومة السودانية ان لم يعلق على ورود النص الصريح على العلمانية ورفضه بصورة واضحة فإنه قد يقود البلاد إلى مأزق مستقبلي.
علمانية الحلو المرفوضة::: شطط الحلو وجماعته ظهر في اصرارهم على إيراد مفردة العلمانية باستمرار في ثنايا المسودة وكأنهم يريدون أن يضمنوا تثبيتها في إطار الاتفاق بكل الطرق وعبر كل الأبواب، وهو إصرار غريب، فالسودان بلد غالبية سكانه لا تؤمن بالعلمانية ولا تريدها، فهل يغصبهم عليها الحلو ببندقيته؟! حاول الكيزان فرض دولتهم الدينية على شعب السودان فرفضها الشعب وسيرها في نهاية الأمر إلى مذبلة التاريخ، فهل يريد الحلو وجماعته والمنبطحين له تجريب الشعب السوداني مرة أخرى وارغامه على العلمانية بحد البندقية!! لن يكون مصيرها الا كما كان مصير الدولة الدينية الكيزانية إلى المذابل، فهذا الشعب لم يولد حتى اليوم من يفرض عليه هوية، أو يرغمه على اعتناق أفكاره، هو شعب حر لا يهمه في سبيل سيادته على قراره حركة شعبية او حكومة انتقالية.
علمانية الحلو المرفوضة::: فليعلم وفد الحكومة الانتقالية ان قبوله بهذه المسودة وفرض علمانية الحلو على الشعب وجعلها فوق الدستور هو خروج عن مهمة الحكومة الانتقالية ودورها وصلاحياتها، ان أراد الحلو العلمانية فليطبقها في جبال النوبة ان قبل بها سكانها، ولكنه لن يفرضها على بقية شعب السودان، لا يدعو السودانيون إلى التمييز على أساس ديني، ولا يدعون إلى سلب الآخرين اديانهم او ارغامهم على اعتناق دين اخر، وإنما يدعون إلى دولة عادلة بين الجميع، الحقوق والواجبات فيها على أساس المواطنة لا على أساس الدين أو الجنس او الاثنية، هذا ما نصت عليه جميع الاتفاقيات السابقة واللاحقة بين الفرقاء السياسيين بما فيها اتفاقية سلام ٢٠٠٥ التي شارك باسمها الحلو لسنين عددا نائبا للوالي احمد هارون في جنوب كردفان في عهد الإنقاذ، وهاهو اليوم يتحدث وكأنه اكبر المناضلين ضد الإنقاذ.
ان حمل الحلو السلاح فقد حمله غيره، ولكن المناضل الحقيقي ليس الذي يحمل السلاح، وإنما الذي يفتح صدره في وجه السلاح ويشهر هتافه مطالبا بالحقوق التي يؤمن بها، شباب وشابات الثورات السودانية هم اشجع من الحلو وحركته المختفين خلف سلاحهم وجبالهم، فهؤلاء واجهوا رصاص البشير والنميري بصدور عارية، لذلك انتزعوا حريتهم وقدموا في سبيلها دماء طاهرة ذكية، مثلهم فعل مانديلا وفعل مارتن لوثر كينغ وغاندي وجميع العظماء الذين آمنوا بالعمل المدني والنضال المدني فانتصروا به وحققوا ما ارادوا، ومثل هؤلاء كان ابطال الأحزاب السياسية السودانية قيادات وكوادر، الذين ملاوا الطرقات هتافا والسجون صمودا، وبيوت الاشباح جلدا، وانتصروا في نهاية الأمر على الجلادين وانتفضوا بالشعب وحققوا النصر المبين، هؤلاء هم المتحدثون باسم الشعب، ابناءه الذين يدافعون عنه في الطرقات والمنابر، وليس المتحصنين بالجبال، الذين يقتلون اهلهم جوعا ومرضا ورصاصا ويقولون بأنهم يتحدثون باسم الشعب، لا يعرفكم الشعب ولا يؤمن بما تؤمنون.
العلمانية والهوية عموما وقضاياها لا يجب أن تناقش في جلسات التفاوض الثنائية وإنما في المؤتمرات الدستورية، او تعرض على الجماهير قاطبة كاستفتاء عام، ليقرر الشعب فيها ما يريد، أما فرضها بهذه الطريقة التي تريدها جماعة الحلو والعلمانيين من المنبطحين الجدد فهو مرفوض ومستهجن، ولا هو من اختصاص الحكومة الانتقالية ولا من مهامها، الواضح اننا قد وقعنا في الفخ، فهذه الحكومة تتغول كل يوم على صلاحيات الحكم المنتخب وتصادر صوت الشعب وتتحدث وتوقع في الاتفاقيات الخطيرة نيابة عنه وهي لا تملك حتى مجلس تشريعي!! ما هذا!!
يتبع …