أطلقت أجسام نقابية ومهنية وناشطون سودانيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تنادي بصرف مرتبات العاملين في الدولة، التي توقفت منذ اندلاع القتال في البلاد بين الجيش و«الدعم السريع» منتصف أبريل/نيسان الماضي.
ودعا مطلقو الحملة السلطات لصرف الاستحقاقات المالية المتمثلة في أجور العاملين ومرتبات المعاشيين التي لم تصرف منذ قرابة ثلاثة أشهر، مشيرين إلى فئات تعيش أوضاعا متردية وبالغة التعقيد بسبب الحرب وفقدان المدخرات وحركة النزوح الواسعة من العاصمة الخرطوم. يذكر أن مؤسسات الخدمة المدنية شلت في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات التي تشهد اشتباكات مسلحة مثل إقليم دارفور، وبفعل الحرب تحول جزء مقدر من العاملين بالخدمة المدنية إلى عاطلين عن العمل، وفر جزء مقدر منهم إلى مناطق آمنة، في حين دمرت ونهبت غالبية مباني مؤسسات الدولة الرئيسية في الخرطوم (الوزارات والبنوك).
كما أن عدم صرف الرواتب طال العاملين في عدد من الولايات المستقرة والتي لم تشهد أي اشتباكات مسلحة، ورغم الوعودات المتكررة من وزارة المالية، إلا أن المعاناة ما زالت مستمرة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي يضيف مزيدا من الأعباء على أرباب الأسر.
لجنة المعلمين السودانيين أعلنت في وقت سابق، عن تكوين غرفة طوارئ مشتركة تعمل من مدينة مدني في ولاية الجزيرة «تهدف إلى متابعة أوضاع منسوبيها وصرف استحقاقاتهم».
في حين وصفت لجنة المعلمين تصريحات وزير المالية جبريل إبراهيم، بتوجيه صرف المرتبات بـ«التسويفية ومحاولة لشراء الوقت» وأوضحت أنها «في انتظار توضيح المالية خاصة وأن المرتب حق أصيل لا يسقط بالتقادم». ورفضت قرارت تأجيل أو ةتأخير صرف الرواتب. وقالت في بيان: «نحن لسنا الحيطة القصيرة كما أننا لن نرضى أن تكون أسر العاملين في الدولة وخاصة المعلمين ضحايا لهذه الحرب اللعينة في كل الأحوال». وأردفت: «من لم يمت منهم بالرصاص مات جوعاً ومرضاً».
العاملون يواجهون خطر فقدان وظائفهم في القطاع الخاص
أواخر الشهر الماضي، أعلنت وزارة المالية الاتحادية في السودان عن إرسال خطاب لمحافظ بنك السودان المركزي وجه بموجبه بصرف مرتبات العاملين في الدولة لشهر إبريل/ نيسان الماضي عبر فروع البنك في الولايات التي ستقوم بسداد التحويلات الجارية للولايات، لكن خيبة أمل أصابت العاملين في الدولة، مع عدم الالتزام بالصرف حتى الآن.
أسامة، يعمل في وزارة التعليم العالي، قال لـ «القدس العربي»: «منذ اندلاع الحرب لم أصرف أي مرتب من الدولة، صرف المرتبات أولوية قصوى لدينا أبناء وإيجارات ومصاريف في الغلاء وارتفاع الأسعار».
وأضاف: «لا يمكن أن نعيش في ظل هذا الوضع، لا يعقل أن يكون عدم آمان وعدم مال، أرجو من الدولة الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين والمعاشيين دون تباطؤ».
أما لمياء عمر، معلمة في ولاية الخرطوم، فقالت:»أنا الآن نازحة في ولاية الجزيرة مع أبنائي الذين أعيلهم بعد وفاة والدتهم، لا أمتلك أي دخل ولم يصرف راتبي من الدولة، قمت ببيع مقتنياتي من الذهب لأوفر تكاليف مصاريفي، لكن الآن لم يتبق منها شيء ونحن على أبواب عيد الأضحى الذي يتطلب مزيداً من الأموال».
وفي الموازة، يواجه العاملون في القطاع الخاص خطر التشريد وفقدان وظائفهم، فقد أعلن عدد من الشركات والمصانع الضخمة في البلاد تسريح العمال، وانسحب ذلك على الشركات الصغيرة والأسواق، وهو الذي زاد من معاناة طيف واسع من السودانيين.
الخبير النقابي محجوب كناري، قال لـ«القدس العربي»: «الحرب فرضت واقعا في غاية الصعوبة في ظل ارتفاع أسعار السلع وتكاليف النزوح من إيجارات منازل ومصاريف معيشة، ويأتي ذلك في وقت لم تصرف فيه للعاملين بالدولة والمعاشيين مرتباتهم لشهري «إبريل/ نيسان ومايو/ أيار».
ووفقا له « لا يوجد منطق لعدم الصرف، لأن القوات النظامية تصرف مرتبات عناصرها سواء كانوا جيشا أو شرطة أو غيرهم». وقطع بأنه «لا توجد حرب في التاريخ السوداني أو المنطقة أو العالم أوقفت خلالها الدولة مرتبات العاملين».
وتوقع أن يدخل العاملون والمعاشيون في صدامات مع الدولة في ظل الأزمة المعيشية الطاحنة. كما حذر من «اتجاه شركات القطاع الخاص، لتصفية أعمالها وتشريد العاملين، ما سيزيد من معاناة الناس ويؤدي إلى تدهور الاقتصاد السوداني المتازم أصلا».
المصدر: القدس العربي