أخبار السودان :
طوفان الاقصي يغير المعادلات
بعد سنوات طويلة من الجهد المستمر لطمس معالم مظلومية الشعب الفلسطيني وشغل الناس عنه ومحاولات جعل القضية نسيا منسيا ، والرهان على خمود صوت المقاومة ومجابهة الاحتلال جاء طوفان الاقصي ليقلب الموازين في العالم ويسقط رهانات العدو وداعميه ويصل إلى نتيجة تخالف ما اراده الأعداء ، فبدلا من نسيان القضية الفلسطينية وابعادها عن الواجهة وعدم استماع المجتمع في الغرب لصوت الفلسطينيين ولتبقي رواية إسرائيل هي المسيطرة على الرأي العام في الغرب ، اذا بالطلاب في الجامعات الغربية يتظاهرون ضد إسرائيل ويدعمون فلسطين ويرفعون شعار الدفاع عنها ، واذا بالعديد من العواصم والمدن الغربية الكبرى تخرج احتجاجا على الابادة في غزة وتستنكر دعم حكوماتها لإسرائيل في عمل يعتبر ايجابيا بكل المقاييس ، وقد أثبت طوفان الأقصى أنّ الجهاد المقاوم ضدّ الكيان الغاصب لا ينطلق من فراغٍٍ، بل من موقف الشريعة الإسلامية التي جَسَّدتها فتاوى المراجع في وجوب الدفاع عن الشعب الفلسطينيّ، ومن مواقف النجف الاشرف وقم ، وهي اليوم تمتلك عقيدةَ الدفاع بكُلِّ قوّةٍ وإصرار دون تراجع .
ومن حسنات طوفان الأقصى انه سلط الضوء على القضية الفلسطينية ، وحقّ تقرير المصير بعد أن كان في زوايا مظلمةٍ قبل هذه العملية المباركة – طوفان الأقصى – ، كما خطط العدوّ لذلك، وكانت حكراً على أنظمةٍ عميلةٍ انتجت كامب ديفيد ، واتفاقية أُوسلو ، ووادي عربة ؛ بينما عاد اليوم القرارُ بيد الشعب الفلسطينيّ والشعوب الإسلامية ، وتفعَّلتِ القضيةُ الفلسطينيةُ أكثر ، فأصبحت قضية الرأي العامّ العالميّ ، وتفجَّرت كبركانٍ حقيقيّ لدى الشعوب العالمية التي أعلنت في أكثر من مناسبةٍ، وفي أكثر من دولةٍ عن مناصرة الحقِّ الفلسطينيّ، وبهذا أصبحت الأنظمة والعصابات الغربية والعربية أمام نهضة الشعوب المسلمة ، بل الشعوب كلّها .
وبفضل طوفان الأقصى أصبح الشعب الفلسطيني في غَزَّة والضفة الغربية شعباً مقاوما ثائراً لا يقبل بأنصافِ الحلول، و قد أنهى مرحلة الإحباط والتراجع ، وبات الآن يمتلك المعنوية العالية ، والإصرار الكبير لنيل كامل حقوقه .
إنّ الانتصار الذي حققه طوفان الأقصى إنّما هو انتصارٌ لمحور المقاومة محلّياً ، وسوف يتصاعد دور المحور لرسم قواعدَ جديدةٍ عالمياً في إدارة النظام العالميّ، بما يجعل المحور الإسلاميّ المقاوم قادراً على رسم نظامٍ جديدٍ يحتلّ فيه المسلمون دورَهم القياديّ.
وبفعل طوفان الأقصى وصمود المقاومة فإنّ الحقيقة تفرض نفسها للقول إنّ غرب آسيا الآن تحت سيطرة الإرادة الإسلامية المقاومة، بما فيها من شعوبٍ وعقيدةٍ ومنافذَ ومؤثّرات وثروات .
سليمان منصور