أخبار السودان :
طرفا الحرب ليسا اهلا للتأييد
اذا نظرنا الى الاحداث العصيبة والمؤلمة التي تمر بها بلادنا ، وجدنا الناس منقسمون هنا وهناك واخرون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ، لكن بشكل عام الناس معسكرين ، فمنهم الداعم بصورة مطلقة للجيش ، وينتظر حرق الدعم السريع والقضاء عليه، وليس هذا فحسب وانما يتجاوز اكثر فيقول حتي حواضنه الاجتماعية ومكوناته القبلية يلزم ان يطالها العقاب ، ولا شك ان هذا خطا فادح وظلم واضح ، ومن يقف هذا الموقف المتعنت ، ويدعو اليه يكون بلا شك مسؤولا عن مظلمات تقع وصولا إلى دماء تسفك والعياذ بالله.
المعسكر الثاني ناظر للدعم السريع باعتباره يخوض حربا على المجرمين ، ويسعي للقضاء على الفاسدين ، الذين اجرموا بحق الوطن والشعب ، ومايعيشه الناس الان احدي نتائج تمكنهم وقراراتهم الخاطئة ، ويري قسم من هذا المعسكر ان الدعم السريع اصطف الى جانب قطاع عريض من الشعب في مطلبه بالتحول المدني واستعادة الديموقراطية ، وانهم يؤيدونه في هذه الجزئية ، وهذا الموقف ايضا خطا ، وتترتب عليه محاذير شرعية وأخلاقية وقانونية ، فقد عرف القاصى والداني ان منسوبي الدعم السريع ارتكبوا المحظور ،واقترفوا الشرور ، اذ اعتدوا على ممتلكات الناس الخاصة والعامة ، نهبا وسلبا ، وتدميرا وحرقا ، وافسدوا في الارض ، واقترفوا الموبقات ، بانتهاكهم الحرمات ، واحتلالهم منازل المواطنين ، وطرد اهلها في بعض الحالات ، وصولا الى ضرب الناس واضطهادهم وسجنهم وتعذيبهم وحتي قتلهم ، في ابشع تصرفات ، واعظم تجاوزات ، يندى لها جبين الانسانية ، ولن يتوقف في استنكارها الا مكابر او جاهل او صاحب غرض ، او من ارتبطت مصلحته باستمرار هذا الوضع ، وهؤلاء اسوأ حالا واقبح مآلا والعياذ بالله.
ولا خلاف على ان العدل قيمة في حد ذاته ، ولايهم ماهو ميلى القلبي من اطراف الصراع لابني عليه موقفي منهم ، فبغضي وشنآني للاسلاميين ليس سبة ، لكن الجناية الكبرى والمخالفة العظمي ورفض المنطق القراني يكون عندما اغض الطرف عن جرائم الدعم السريع ، واتوقف عن ادانته بحجة ان خصومه يفعلون مثل هذه الفظائع واكبر منها ، فهذا منطق اعوج ، وتأييد للباطل، ودعم للمجرمين، وابتعاد عن صريح التوجيه القراني ، وفي المقابل لايدفعنا الرفض التام لاجرام الدعم السريع الى تأييد الجيش والاسلاميين وتبرير جرائمهم الثابتة ، فهذه ايضا معاندة للحق ، ورفض للصواب ، وانسياق وراء الباطل.
والموقف السليم هو الرفض القاطع والقوي للانتهاكات وادانة الجرائم ونسمي الاشياء بمسمياتها ، فالدعم السريع مجرم غير مؤهل اخلاقيا وسياسيا لممارسة اى دور في مستقبل البلد والجيش موبوء بالفساد يسيطر عليه مجرمون اقتضت مصالحهم الابقاء عليه مشوها بعيدا عن القيام بدوره والاطلاع بمهامه ، وهذا يجعل من القيادة غير مؤهلة لمواصلة عملها ويلزم تطهيره كمؤسسة من اللصوص والفاسدين في قيادته والمتفلتين المجرمين في صفوفه وصولا الى اخر تشكيل في القاعدة ، وبذا نفكك هذه المؤسسة السيئة ونعيدها مهنية قومية تتصدي لمسؤلياتها وتبتعد عن ممارسة اي دور سياسى في المستقبل ، وبذا نكون قد تخلصنا من طرفي الحرب ، ومن خلفهم الفاسدون المجرمون اصحاب الغرض من الإسلاميين الذين استأثروا بخيرات البلد وحرموا المواطن حقوقه المشروعة.
ان الموقف القيمي والأخلاقي والانساني يقتضي ضرورة الدعوة لرفع هذه المجارم وانتهاك الحرمات والذي لن يتحقق الا بايقاف هذه الحرب فورا والعمل على معالجة كل الاختلالات ، وايقاف الظلم المستمر الذي يلحق بالناس يوما بعد يوم دون ان يطرف جفن قط لقادة الحرب ومن يقف خلفهم ويحركهم ، وكأن هؤلاء الأبرياء الذين يدفعون فاتورة الحرب كأنهم طرف فيها.
سليمان منصور