طاهر عمر
هناك علاقة عكسية ما بين ظهور حمدوك على المشهد السياسي وصعود نجم سعد لجان المقاومة ولم يغب نجم سعد حمدوك إلا عندما لم يطرح ما ينبغي طرحه من فكر مواكب وقادر على جسر الهوة ما بين كساد الفكر بين النخب السودانية وما ينبغي ان يكون عليه حال الفكر كما هو عليه في المجتمعات التي عرفت الحداثة وفكر عقل الانوار وعليه كان ينبغي ان يكون مسرح حمدوك نشاط يفتح على مفهوم الدولة الحديثة التي لا تكون بغير فكر معاصر يستطيع أن يضبط العلاقة ما بين الفرد في صراعه الواعي مع المجتمع حيث تسوقه معادلة الحرية والعدالة.
حمدوك جاء عبر حاضنة كاسدة وكسادها قد تجسّد في إقتناعهم بمسألة الشركة في حكم الانتقالية مع لجنة البشير الامنية ولو إنتبه حمدوك لعرف بان قبول حاضنته بالشراكة مع العسكر ما هي إلا علامة واضحة على ان حاضنته خالية الوفاض من اي فكر يفضي الى إعادة ملامح الدولة التي تقود التحول الاجتماعي والتحول الديمقراطي وحينها كان على حمدوك طرح فكر مواكب على حاضنة سياسية تبحث على من ينقذها من جهلها وعدم مواكبتها للفكر وهنا تتغابى النخب السودانية ولا تريد أن تجابه نفسها بانها في مستوى فكر متدني مقارنة بمواكب البشرية أم أن مستوى الفكر المتدني يجعلها تجهل حالها الذي هي عليه أي بأن ما تقدمه من فكر ليس له علاقة بالحاضر ؟ .
لذلك في سيطرة تدني الفكر بين النخب ظهر المثقف التراجيدي الذي يطرح مشاريع هو ذات نفسه مقتنع على عدم مقدرته على تحقيقها كما رأينا أتباع النسخة الشيوعية السودانية وكيف ما زالت متمركزة في عدم ايمانها بفكرة الدولة من الاساس ورأينا كيف كانت نخب الحزب الشيوعية في خفة ولفة وفي زمن حكومة انتقالية كحكومة حمدوك ينشطون لاسقاطها أذن ما الفرق بينهم وبين تآمر البرهان مع عصابات الاجرام وإنفلات الامن وكذلك تآمر البرهان مع ناظر البجة لتحقيق إنقلابه. النخب الشيوعية السودانية في مسألة نشاطها لاسقاط انتقالية حمدوك قد قدمت خدمة مجانية للبرهان وحميدتي لانجاح إنقلابهم الفاشل والغريبة يقول الشيوعيون السودانيون أنهم يفهمون في السياسة ولو كان كذلك لما تحجروا في فكر قد تخطته فلسفة التاريخ الحديثة وهذا ما ينبغي ان يكون عليه خط الفكر في السودان في السنوات القادمة.
وبالمناسبة حاضنة حمدوك السياسية كانت تبحث عن من ينقذها من جهلها وللأسف إختيارها لحمدوك لم يكن موفق لأنه هو نفسه مشوش ومضطرب وقد قلنا ذلك في عدة مقالات بان حمدوك كاقتصادي قد صادف قلب الثورة ولكنه لم يصادف عقل الثورة الذي ينتج فكر معاصر يجعله في مصاف مفكري العالم اليوم . لذلك نجح حمدوك في إعادة السودان الى حضن المجتمع الدولي وفشل في أن يرفع الغطاء عن وجه الدولة لكي تستبين ملامح الدولة الحديثة التي تستطيع عبر وزارة المالية وسيطرتها على الثورة وعبر بنكها المركزي تستطيع تنفيذ سياساتها المالية وسياساتها النقدية التي تستطيع عبرها خلق الثروة وأهم من ذلك كان ينتظر حمدوك تقديم فكر سياسي نتاج معرفته بأهمية علم الاجتماع كبعد معرفي وهذا يساعد في خلق وفتح قنوات تساعد في إعادة توزيع الثروة وهذا أهم من خلق الثروة هي مسألة خلق فلسفة تعيد توزيع الثروة وتكون معاصرة وليست كما في ممالك الخليج واماراتها وسلطانتهم التي عفاتها النفس الانسانية كدول ريعية.
نحن نريد دولة حديثة لا يريدها لنا ملوك السعودية وسلاطين الخليج واماراتهم ولا حاكم مصر الذي يريد ان يؤسس لنظام حكم تسلطي في مصر كما يفعل السيسي كأغبى رئيس يمر على مصر وها هم أحرار العالم قد وقفوا مع الشعب السوداني في مسيرته باتجاه الحرية ولكن الغائب هو أن تطل شخصية تاريخية تستطيع أن تعبر بالسودان والشعب السوداني الى حيز الانسانية التاريخية والانسان التاريخي وهذا يتطلب مفارقة فكر أحزاب وحل الفكر الديني المسيطرة على المشهد الفكري في السودان وعجزت عن ان تستوعب ثقافة علمانية تؤسس لفكرة العيش المشترك .
وكذلك بسبب سيطرة نخب الحزب الشيوعي السوداني واصدقاءهم على صمام الفكر في السودان وقد داوموا على ضخ فكر فاسد ومتكلس في شرايين الفكر السوداني وأصروا على عبادة نصوص كانت نتاج فكر ماركس الذي غاب عنه وفشل ماركس في جسر ما بين التجريبية الانجليزية كفلسفة والفلسفة المثالية الألمانية حيث نجح عمانويل كانط في جسر الفلسفة التجريبة والمثالية الالمانية بعد إطلاعه على فلسفة ديفيد هيوم وهضمه لأفكار أدم اسمث في نظرية المشاعر الاخلاقية ومن هنا لم يستوعب الشيوعي السوداني بان مسألة إضطراد التاريخ والعقل في الهيغلية والماركسية لم ينتج غير فكر لاهوتي غائي ديني كما رأينا فكر أفق الحزب الشيوعي السوداني الذي لم يستوعب بعد بأن حل مشكلة الماركسية والهيغلية قد طرحه عمانويل كانط في أنثروبولوجيا كانط في مسألة أن الفرد بالضرورة اخلاقي وعقلاني وكذلك نجد في علم اجتماع منتسكيو ما يؤكد على اخلاقية وعقلانية الفرد .
ولهذا إن تسلّط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة وبفكره المتكلس الذي ليس له ادنى علاقة بما ينبغي يكون عليه مستقبل السودان سيكون بمثابة تكرار لعلاقة حمدوك بحاضنته الفاشلة وهنا تبدو عكسية العلاقة حيث كانت تنتظر حاضنة حمدوك من ينقذها من جهلها وهذا الذي لم يفعله حمدوك وكبى معهم في أرض المعركة والآن لجان المقاومة صاحبة مبادرة تستشرف المستقبل وتسلط الحزب الشيوعي على أفقها سوف يغطي آفاقها بجهل رواده عديمي الموهبة حيث تتضح علامات نواقص عبقريتهم في تعمدهم وتكلفهم الزائد في أنهم من ينقذ الوطن وهيهات لأن خلاص الوطن لم يكن يوم على درب الماركسية و الهيغلية السودانية و إصرارها على طردية العلاقة ما بين العقل و التاريخ.
أضف الى ذلك غياب المفكر النابه من بين صفوف الشيوعيين السودانيين حيث نجدهم ومنذ منتصف الستينيات من القرن المنصرم في حالة تماهي مع الخطاب الديني ونجد ذلك في محاولة الاستاذ عبدالخالق في محاولة بحث عن دور للدين في السياسة وهذا ما سار على خطه محمد ابراهيم نقد في الثمانينيات وهو حوار الدولة المدنية وقد اوصله الى علمانية محابية للأديان وهذا قمة التوفيق الكاذب الذي يخدم الترقيع في وقت نجد أن معارك الفكر سواء كانت أيام عبدالخالق أو أيام محمد ابراهيم نقد كانت معارك فكرية وفي جميع انحاء العالم تدور فيها رحى الثورة الخفية التي تتحدث عن المجتمعات الحديثة حيث تتضح فكرة الديمقراطية الليبرالية بانها أفق السياسة في زمن الحداثة ويعبر عنها الفكر السياسي نتاج فلسفة التاريخ الحديثة التي لا نجد لها أثر في فكر الشيوعيين السودانيين.
ولهذا نجد ان الشيوعيين السودانيين بنسختهم المتكلسة مصنفيين من قبل علماء الاجتماع بأنهم لا يختلفون عن أتباع التيارات الاسلامية والنازية والفاشية ولا تنتج نسختهم غير نظم شمولية ودليلنا على ذلك منذ ما يزيد على ثلاثة أرباع القرن لم يقدم الحزب الشيوعي غير ثلاثة أشخاص على رئاسته وهم عبدالخالق محجوب ومحمد ابراهيم نقد والخطيب فما الفرق بينهم وحزب الصادق المهدي وبأي حق يتحدثون عن الديمقراطية وهذا مستوى حزبهم في ممارستها ؟ .
ولهذا السبب نقول بأن تسلط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة ومحاولة تسربه من بين خلاياها وهو يتوق الى الحكم يعتبر مؤشر على تدني الوعي بين النخب السودانية وبالمناسبة محاولة الحزب الشيوعي لنشر أفكاره وعبرها يحاول نشر أفكاره التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الاساس يعتبر مؤشر على ان القيادة التي تقود هذا الحزب خرقاء وما زالت في ستسنيات القرن المنصرم ولا تشبهها إلا عقلية ثورة الشباب في فرنسا في عدم ايمانها بفكرة الدولة وعدم فهمها لظاهرة السلطة ولكن قادة ثورة الشباب قد عرفوا لاحقا بان أفكارهم في محاربة مفهوم الدولة وعدم فهمهم لظاهرة السلطة كانت واحدة من طيش الشباب فماذا يقول ديناصورات الحزب الشيوعي السوداني وهم يظنون بان طرح فكرهم لحكم السودان عبر برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تنافي وتجافي مفهوم الدولة الحديثة ولا تفهم مفهوم السلطة كمفهوم حديث وفقا لفلسفة التاريخ الحديثة.
لذلك نقول بان حالة ظرف السودان لا تستحمل الاستهبال السياسي الذي يقوم به قادة الحزب الشيوعي ومشروعهم السياسي الذي يريدون تطبيقه وهم في ثياب لجان المقاومة لا يدل على أن هذه القيادة للحزب الشيوعي قد بلغت درجة النضج والوعي الذي يجعلها تفهم بان المجتمعات الحديثة عندما تتحدث عن الديمقراطية تتحدث عن الفكر الليبرالي بعيدا عن اللف والدوران ومحاولة ارساء مفاهيم لا يتبعها إلا الشموليين كاتباع الحزب الشيوعي السوداني ولاسباب كثيرة منها غياب التفكير النقدي الذي ساهموا في غيابه بسبب سيطرتهم على صمام الوعي عبر أزمنة طويلة وفي غياب القارئ المدرب قد سيطروا على مسارب الوعي وبالتالي لم ينشروا غير الوعي الزائف فهم يتحدثون عن الديمقراطية و لا يقصدون بها الديمقراطية الليبرالية التي قد أصبحت روح المجتمعات الحديثة وقلب فكر الحداثة.
لهذا يعتبر حديثهم عن برنامج اسعافي ولن يحكمنا البنك الدولي وفكرة التعاونيات هي حيلة عديم الحيلة وهم يظنون عبرها تحقيق برنامجهم الذي يؤسس لفكرة تحطيم مفهوم الدولة و مفهوم السلطة كروح لظاهرة المجتمع البشري ومن هنا نقول لللشيوعيين السودانيين ان مستقبل السودان ليس له علاقة بأفكارهم البتة وعليكم ان تفهموا بأن السودان والمجتمع السوداني بعد ثورة ديسمبر أصبح وبصورة واضحة على اعتاب قطيعة مع أفكاركم لأن العالم قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني في منتصف اربعينيات القرن المنصرم قد فارق الأفكار التي تتخذونها أفق لا يمكن تجاوزه وبعدين عقدين من الزمان في منتصف الستيميات أيام كان الاستاذ عبدالخالق يبحث لدور للدين في السياسة السودانية ظهرت أفكار كلود لوفرت وكانت ترتكز على فن القراءة وفن الكتابة وقد فارق بها أفكار النسخة الشيوعية السودانية وقبله ادغار موران قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني فارق خط الشيوعية بشكلها وبريقها الذي يعمي كما وصفها ريجيس دوبريه وأضاف بانها نظرة تفاؤلية مريضة وعمياء وبعد أدغار موران كان دور كل كلود ليفي أشتروس وريموند ارون ودورهم في إسكات سارتر كأكبر مدافع عن الشيوعية كنظام شمولي ومعهم في خط موازي كان ألبرت كامي قد فارق خط سارتر كمدافع عن الشيوعية وفي منتصف الثمانينيات كانت فلسفة لوك فيري وهجومه على فلاسفة ما بعد الحداثة وكيف كانت أفكارهم تدور حول محاولة تحطيم فكرة الدولة والقفز على مفهوم السلطة كنتاج للظواهر الاجتماعية مثل ما يفعل الحزب الشيوعي السوداني اليوم ونحن ما زلنا حبيسي وهم الأصنام الذهنية لمفكري الشيوعية السودانية و قد رأيناها قد منحت الساحة السودانية صاحب أدب معارضة المعارضة وما زال يعيد نشر مقالات كتبت في منتصف الستينيات أيام كلود لوفرت ومنهجه في فن القراءة وحقيقة إعادة نشره لمقالات كتبت في منتصف الستينيات قد جعلته شخص يوصف بأنه كثير كثرة مبالغ فيها إلا أنها كثرة الثقيل الذي يوجد في كل مكان دون أن يضيف شئ غير ترديد غناءه إحتفاء بزيارة السائحيين والدبابين له حبايبي الحلوين أهلنا جوني وأنا ما قايل حلوين زي ديل بزوروني ثم يردفها بأغنية كلام الحب كل قلتوه بس كلامي أنا ما عرفتوه وكان حينها في صحبة الاسلاميين وقد كرموه وفي مقدمتهم خالد موسى دفع الله والسر السيد وغسان علي عثمان.
بالمناسبة جاء الوقت لكي تتخلص الساحة السودانية من أفكار الحزب الشيوعي السوداني وأول الفرص هي بان يعرف الجميع بان الحزب الشيوعي السوداني يريد أن يحقن حقنة السم في شريايين لجان المقاومة ويريد أن يعيدنا الى زمن قد فارقته مواكب البشرية ويريد الحزب الشيوعي السوداني ان يقيد الساحة الفكرية ويجعلها في مستوى الحزب الذي ما زال يواجه سؤال الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر؟ ما يجعلنا نقول ما نقول لان الساحة الآن قد خلت من المفكر ولم يبقى غير المتهافتين على السلطة كما يفعل الحزب الشيوعي السوداني محاولا التخفي في ثياب لجان المقاومة ونحن نقول لهم بانها محاولة خرقاء كمحاولتكم لاسقاط حكومة حمدوك الانتقالية وقد جعلكم فعلكم الطائش في صف واحد مع الفلول وناظر البجة ترك في انجاح إنقلاب البرهان الفاشل . ونقول لهم بأن الساحة السودانية الآن تحتاج لفكر ليس مسبوق بغير بعهد ما قال رينيه شال ذات يوم بأن اوروبا قد فارقت تاريخها القديم ولم تعد ذاكرتها تسفعها في مواجهة مستقبلها فقد توجب عليها أن تجابه بفكر ليس له تراث يعتمد عليه فكر جديد و هذا هو حال السودان الآن فانه يحتاج لفكر قطعا لن يخرج من صيدلية الحزب الشيوعي وأحزاب وحل الفكر الديني.
حمدوك جاء عبر حاضنة كاسدة وكسادها قد تجسّد في إقتناعهم بمسألة الشركة في حكم الانتقالية مع لجنة البشير الامنية ولو إنتبه حمدوك لعرف بان قبول حاضنته بالشراكة مع العسكر ما هي إلا علامة واضحة على ان حاضنته خالية الوفاض من اي فكر يفضي الى إعادة ملامح الدولة التي تقود التحول الاجتماعي والتحول الديمقراطي وحينها كان على حمدوك طرح فكر مواكب على حاضنة سياسية تبحث على من ينقذها من جهلها وعدم مواكبتها للفكر وهنا تتغابى النخب السودانية ولا تريد أن تجابه نفسها بانها في مستوى فكر متدني مقارنة بمواكب البشرية أم أن مستوى الفكر المتدني يجعلها تجهل حالها الذي هي عليه أي بأن ما تقدمه من فكر ليس له علاقة بالحاضر ؟ .
لذلك في سيطرة تدني الفكر بين النخب ظهر المثقف التراجيدي الذي يطرح مشاريع هو ذات نفسه مقتنع على عدم مقدرته على تحقيقها كما رأينا أتباع النسخة الشيوعية السودانية وكيف ما زالت متمركزة في عدم ايمانها بفكرة الدولة من الاساس ورأينا كيف كانت نخب الحزب الشيوعية في خفة ولفة وفي زمن حكومة انتقالية كحكومة حمدوك ينشطون لاسقاطها أذن ما الفرق بينهم وبين تآمر البرهان مع عصابات الاجرام وإنفلات الامن وكذلك تآمر البرهان مع ناظر البجة لتحقيق إنقلابه. النخب الشيوعية السودانية في مسألة نشاطها لاسقاط انتقالية حمدوك قد قدمت خدمة مجانية للبرهان وحميدتي لانجاح إنقلابهم الفاشل والغريبة يقول الشيوعيون السودانيون أنهم يفهمون في السياسة ولو كان كذلك لما تحجروا في فكر قد تخطته فلسفة التاريخ الحديثة وهذا ما ينبغي ان يكون عليه خط الفكر في السودان في السنوات القادمة.
وبالمناسبة حاضنة حمدوك السياسية كانت تبحث عن من ينقذها من جهلها وللأسف إختيارها لحمدوك لم يكن موفق لأنه هو نفسه مشوش ومضطرب وقد قلنا ذلك في عدة مقالات بان حمدوك كاقتصادي قد صادف قلب الثورة ولكنه لم يصادف عقل الثورة الذي ينتج فكر معاصر يجعله في مصاف مفكري العالم اليوم . لذلك نجح حمدوك في إعادة السودان الى حضن المجتمع الدولي وفشل في أن يرفع الغطاء عن وجه الدولة لكي تستبين ملامح الدولة الحديثة التي تستطيع عبر وزارة المالية وسيطرتها على الثورة وعبر بنكها المركزي تستطيع تنفيذ سياساتها المالية وسياساتها النقدية التي تستطيع عبرها خلق الثروة وأهم من ذلك كان ينتظر حمدوك تقديم فكر سياسي نتاج معرفته بأهمية علم الاجتماع كبعد معرفي وهذا يساعد في خلق وفتح قنوات تساعد في إعادة توزيع الثروة وهذا أهم من خلق الثروة هي مسألة خلق فلسفة تعيد توزيع الثروة وتكون معاصرة وليست كما في ممالك الخليج واماراتها وسلطانتهم التي عفاتها النفس الانسانية كدول ريعية.
نحن نريد دولة حديثة لا يريدها لنا ملوك السعودية وسلاطين الخليج واماراتهم ولا حاكم مصر الذي يريد ان يؤسس لنظام حكم تسلطي في مصر كما يفعل السيسي كأغبى رئيس يمر على مصر وها هم أحرار العالم قد وقفوا مع الشعب السوداني في مسيرته باتجاه الحرية ولكن الغائب هو أن تطل شخصية تاريخية تستطيع أن تعبر بالسودان والشعب السوداني الى حيز الانسانية التاريخية والانسان التاريخي وهذا يتطلب مفارقة فكر أحزاب وحل الفكر الديني المسيطرة على المشهد الفكري في السودان وعجزت عن ان تستوعب ثقافة علمانية تؤسس لفكرة العيش المشترك .
وكذلك بسبب سيطرة نخب الحزب الشيوعي السوداني واصدقاءهم على صمام الفكر في السودان وقد داوموا على ضخ فكر فاسد ومتكلس في شرايين الفكر السوداني وأصروا على عبادة نصوص كانت نتاج فكر ماركس الذي غاب عنه وفشل ماركس في جسر ما بين التجريبية الانجليزية كفلسفة والفلسفة المثالية الألمانية حيث نجح عمانويل كانط في جسر الفلسفة التجريبة والمثالية الالمانية بعد إطلاعه على فلسفة ديفيد هيوم وهضمه لأفكار أدم اسمث في نظرية المشاعر الاخلاقية ومن هنا لم يستوعب الشيوعي السوداني بان مسألة إضطراد التاريخ والعقل في الهيغلية والماركسية لم ينتج غير فكر لاهوتي غائي ديني كما رأينا فكر أفق الحزب الشيوعي السوداني الذي لم يستوعب بعد بأن حل مشكلة الماركسية والهيغلية قد طرحه عمانويل كانط في أنثروبولوجيا كانط في مسألة أن الفرد بالضرورة اخلاقي وعقلاني وكذلك نجد في علم اجتماع منتسكيو ما يؤكد على اخلاقية وعقلانية الفرد .
ولهذا إن تسلّط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة وبفكره المتكلس الذي ليس له ادنى علاقة بما ينبغي يكون عليه مستقبل السودان سيكون بمثابة تكرار لعلاقة حمدوك بحاضنته الفاشلة وهنا تبدو عكسية العلاقة حيث كانت تنتظر حاضنة حمدوك من ينقذها من جهلها وهذا الذي لم يفعله حمدوك وكبى معهم في أرض المعركة والآن لجان المقاومة صاحبة مبادرة تستشرف المستقبل وتسلط الحزب الشيوعي على أفقها سوف يغطي آفاقها بجهل رواده عديمي الموهبة حيث تتضح علامات نواقص عبقريتهم في تعمدهم وتكلفهم الزائد في أنهم من ينقذ الوطن وهيهات لأن خلاص الوطن لم يكن يوم على درب الماركسية و الهيغلية السودانية و إصرارها على طردية العلاقة ما بين العقل و التاريخ.
أضف الى ذلك غياب المفكر النابه من بين صفوف الشيوعيين السودانيين حيث نجدهم ومنذ منتصف الستينيات من القرن المنصرم في حالة تماهي مع الخطاب الديني ونجد ذلك في محاولة الاستاذ عبدالخالق في محاولة بحث عن دور للدين في السياسة وهذا ما سار على خطه محمد ابراهيم نقد في الثمانينيات وهو حوار الدولة المدنية وقد اوصله الى علمانية محابية للأديان وهذا قمة التوفيق الكاذب الذي يخدم الترقيع في وقت نجد أن معارك الفكر سواء كانت أيام عبدالخالق أو أيام محمد ابراهيم نقد كانت معارك فكرية وفي جميع انحاء العالم تدور فيها رحى الثورة الخفية التي تتحدث عن المجتمعات الحديثة حيث تتضح فكرة الديمقراطية الليبرالية بانها أفق السياسة في زمن الحداثة ويعبر عنها الفكر السياسي نتاج فلسفة التاريخ الحديثة التي لا نجد لها أثر في فكر الشيوعيين السودانيين.
ولهذا نجد ان الشيوعيين السودانيين بنسختهم المتكلسة مصنفيين من قبل علماء الاجتماع بأنهم لا يختلفون عن أتباع التيارات الاسلامية والنازية والفاشية ولا تنتج نسختهم غير نظم شمولية ودليلنا على ذلك منذ ما يزيد على ثلاثة أرباع القرن لم يقدم الحزب الشيوعي غير ثلاثة أشخاص على رئاسته وهم عبدالخالق محجوب ومحمد ابراهيم نقد والخطيب فما الفرق بينهم وحزب الصادق المهدي وبأي حق يتحدثون عن الديمقراطية وهذا مستوى حزبهم في ممارستها ؟ .
ولهذا السبب نقول بأن تسلط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة ومحاولة تسربه من بين خلاياها وهو يتوق الى الحكم يعتبر مؤشر على تدني الوعي بين النخب السودانية وبالمناسبة محاولة الحزب الشيوعي لنشر أفكاره وعبرها يحاول نشر أفكاره التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الاساس يعتبر مؤشر على ان القيادة التي تقود هذا الحزب خرقاء وما زالت في ستسنيات القرن المنصرم ولا تشبهها إلا عقلية ثورة الشباب في فرنسا في عدم ايمانها بفكرة الدولة وعدم فهمها لظاهرة السلطة ولكن قادة ثورة الشباب قد عرفوا لاحقا بان أفكارهم في محاربة مفهوم الدولة وعدم فهمهم لظاهرة السلطة كانت واحدة من طيش الشباب فماذا يقول ديناصورات الحزب الشيوعي السوداني وهم يظنون بان طرح فكرهم لحكم السودان عبر برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تنافي وتجافي مفهوم الدولة الحديثة ولا تفهم مفهوم السلطة كمفهوم حديث وفقا لفلسفة التاريخ الحديثة.
لذلك نقول بان حالة ظرف السودان لا تستحمل الاستهبال السياسي الذي يقوم به قادة الحزب الشيوعي ومشروعهم السياسي الذي يريدون تطبيقه وهم في ثياب لجان المقاومة لا يدل على أن هذه القيادة للحزب الشيوعي قد بلغت درجة النضج والوعي الذي يجعلها تفهم بان المجتمعات الحديثة عندما تتحدث عن الديمقراطية تتحدث عن الفكر الليبرالي بعيدا عن اللف والدوران ومحاولة ارساء مفاهيم لا يتبعها إلا الشموليين كاتباع الحزب الشيوعي السوداني ولاسباب كثيرة منها غياب التفكير النقدي الذي ساهموا في غيابه بسبب سيطرتهم على صمام الوعي عبر أزمنة طويلة وفي غياب القارئ المدرب قد سيطروا على مسارب الوعي وبالتالي لم ينشروا غير الوعي الزائف فهم يتحدثون عن الديمقراطية و لا يقصدون بها الديمقراطية الليبرالية التي قد أصبحت روح المجتمعات الحديثة وقلب فكر الحداثة.
لهذا يعتبر حديثهم عن برنامج اسعافي ولن يحكمنا البنك الدولي وفكرة التعاونيات هي حيلة عديم الحيلة وهم يظنون عبرها تحقيق برنامجهم الذي يؤسس لفكرة تحطيم مفهوم الدولة و مفهوم السلطة كروح لظاهرة المجتمع البشري ومن هنا نقول لللشيوعيين السودانيين ان مستقبل السودان ليس له علاقة بأفكارهم البتة وعليكم ان تفهموا بأن السودان والمجتمع السوداني بعد ثورة ديسمبر أصبح وبصورة واضحة على اعتاب قطيعة مع أفكاركم لأن العالم قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني في منتصف اربعينيات القرن المنصرم قد فارق الأفكار التي تتخذونها أفق لا يمكن تجاوزه وبعدين عقدين من الزمان في منتصف الستيميات أيام كان الاستاذ عبدالخالق يبحث لدور للدين في السياسة السودانية ظهرت أفكار كلود لوفرت وكانت ترتكز على فن القراءة وفن الكتابة وقد فارق بها أفكار النسخة الشيوعية السودانية وقبله ادغار موران قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني فارق خط الشيوعية بشكلها وبريقها الذي يعمي كما وصفها ريجيس دوبريه وأضاف بانها نظرة تفاؤلية مريضة وعمياء وبعد أدغار موران كان دور كل كلود ليفي أشتروس وريموند ارون ودورهم في إسكات سارتر كأكبر مدافع عن الشيوعية كنظام شمولي ومعهم في خط موازي كان ألبرت كامي قد فارق خط سارتر كمدافع عن الشيوعية وفي منتصف الثمانينيات كانت فلسفة لوك فيري وهجومه على فلاسفة ما بعد الحداثة وكيف كانت أفكارهم تدور حول محاولة تحطيم فكرة الدولة والقفز على مفهوم السلطة كنتاج للظواهر الاجتماعية مثل ما يفعل الحزب الشيوعي السوداني اليوم ونحن ما زلنا حبيسي وهم الأصنام الذهنية لمفكري الشيوعية السودانية و قد رأيناها قد منحت الساحة السودانية صاحب أدب معارضة المعارضة وما زال يعيد نشر مقالات كتبت في منتصف الستينيات أيام كلود لوفرت ومنهجه في فن القراءة وحقيقة إعادة نشره لمقالات كتبت في منتصف الستينيات قد جعلته شخص يوصف بأنه كثير كثرة مبالغ فيها إلا أنها كثرة الثقيل الذي يوجد في كل مكان دون أن يضيف شئ غير ترديد غناءه إحتفاء بزيارة السائحيين والدبابين له حبايبي الحلوين أهلنا جوني وأنا ما قايل حلوين زي ديل بزوروني ثم يردفها بأغنية كلام الحب كل قلتوه بس كلامي أنا ما عرفتوه وكان حينها في صحبة الاسلاميين وقد كرموه وفي مقدمتهم خالد موسى دفع الله والسر السيد وغسان علي عثمان.
بالمناسبة جاء الوقت لكي تتخلص الساحة السودانية من أفكار الحزب الشيوعي السوداني وأول الفرص هي بان يعرف الجميع بان الحزب الشيوعي السوداني يريد أن يحقن حقنة السم في شريايين لجان المقاومة ويريد أن يعيدنا الى زمن قد فارقته مواكب البشرية ويريد الحزب الشيوعي السوداني ان يقيد الساحة الفكرية ويجعلها في مستوى الحزب الذي ما زال يواجه سؤال الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر؟ ما يجعلنا نقول ما نقول لان الساحة الآن قد خلت من المفكر ولم يبقى غير المتهافتين على السلطة كما يفعل الحزب الشيوعي السوداني محاولا التخفي في ثياب لجان المقاومة ونحن نقول لهم بانها محاولة خرقاء كمحاولتكم لاسقاط حكومة حمدوك الانتقالية وقد جعلكم فعلكم الطائش في صف واحد مع الفلول وناظر البجة ترك في انجاح إنقلاب البرهان الفاشل . ونقول لهم بأن الساحة السودانية الآن تحتاج لفكر ليس مسبوق بغير بعهد ما قال رينيه شال ذات يوم بأن اوروبا قد فارقت تاريخها القديم ولم تعد ذاكرتها تسفعها في مواجهة مستقبلها فقد توجب عليها أن تجابه بفكر ليس له تراث يعتمد عليه فكر جديد و هذا هو حال السودان الآن فانه يحتاج لفكر قطعا لن يخرج من صيدلية الحزب الشيوعي وأحزاب وحل الفكر الديني.
المصدر الراكوبة
short_link:
Copied