أخبار السودان:
ضغوط شعبية::: سلطت الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في القدس وغزة، مزيداً من الضغوط على السودان؛ آخر الدول المطبعة مع إسرائيل.
وخطوة التطبيع لا تحظى بإجماع سياسي في السودان، ووجدت رفضاً شعبياً واسعاً ، رغم مضي الحكومة الانتقالية قُدُمًا فيها.
وبلغ عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة حتى الأربعاء الماضي، 227 شهيداً ، بينهم 64 طفلاً و38 سيدة، بجانب أكثر من 1620 جريحاً ، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع.
ومنذ 13 أبريل الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء اعتداءات “وحشية” ترتكبها الشرطة الإسرائيلية ومستوطنون في القدس والمسجد الأقصى ومحيطه وحي “الشيخ جراح”، إثر مساع إسرائيلية لإخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
** ضغوط على الخرطوم
ومع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، تواجه السلطات الانتقالية في السودان مزيداً من الضغوط السياسية والشعبية بشأن الاستمرار في ملف التطبيع، بحسب متابعين.
وتظاهر المئات في العاصمة الخرطوم، الثلاثاء الماضي، تنديداً بالهجمات الإسرائيلية على غزة والقدس، ودعماً للشعب الفلسطيني، بدعوة من قوى شعبية مقاومة للتطبيع.
وطالب المتظاهرون بوقف الهجمات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، رافعين لافتات ترفض التطبيع.
وفي 17 مايو الجاري، دعا الحزب الشيوعي السوداني، حكومة بلاده بالإلغاء الفوري لكل خطوات التطبيع مع إسرائيل.
كما تطالب أحزاب أخرى مشاركة في الائتلاف الحاكم (قوى إعلان الحرية والتغيير) منها حزب البعث العربي الاشتراكي، بإيقاف التطبيع مع إسرائيل.
ودعا “البعث العربي”، في 13 مايو الجاري “إلى النزول للشوارع رفضاً للتطبيع مع إسرائيل، من الرباط إلى المنامة إلى أبو ظبي وانتهاء بالقاهرة وعمان وكل موقع عربي يقيم علاقة مع إسرائيل فوق الطاولة أو تحتها “.
وفي أبريل الماضي، صادق مجلسا السيادة والوزراء بالسودان، “بشكل نهائي” على مشروع يلغي قانون مقاطعة إسرائيل، القائم منذ عام 1958.
ويحظر قانون مقاطعة إسرائيل، “على أي شخص أن يعقد بالذات أو الوساطة (التفويض) اتفاقاً من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو مع هيئات أو أشخاص يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل أو يعملون لحسابها”.
وفي 23 أكتوبر 2020، أعلن السودان تطبيع علاقته مع إسرائيل، لكن قوى سياسية عديدة أعلنت رفضها القاطع للتطبيع، بينها أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم
ضغوط شعبية
** بين الدعم لفلسطين والتطبيع
ودافع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، مجدداً عن خيار التطبيع مع إسرائيل.
واعتبر البرهان، في مقابلة تلفزيونية مع قناة “فرانس 24″، الإثنين الماضي، أن التطبيع “ليست له علاقة بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم”.
وقال إن “قيام دولة فلسطينية هو الحل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”.
كما أعلنت الحكومة السودانية في 14 مايو الجاري، دعمها للشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، معلنة استعدادها لتقديم كل ما يلزم لوقفها.
جاء ذلك في اتصال هاتفي أجرته وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، مع نظيريها الفلسطيني رياض المالكي، والسعودي فيصل بن فرحان.
وأعربت المهدي، بحسب بيان للخارجية، “عن قلقها وقلق بلادها من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ووقوف السودان حكومةً وشعباً مع الشعب الفلسطيني أمام هذه الاعتداءات”.
ضغوط شعبية
** تباطؤ التطبيع
يقول المحلل السياسي السوداني عبد الله رزق، إنه بحسب تصريحات “البرهان”، فإنه ليس هناك علاقة بين موقف الحكومة من القضية الفلسطينية وحل الدولتين، من جهة، واتجاهها نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، من جهة أخرى.
لكن رزق، يشير، في حديثه لــ”اليوم التالي”، إلى أن “وتيرة المضي في اتجاه التطبيع تباطأت منذ وقت سابق للعدوان الصهيوني على غزة، بسبب النقد الواسع الذي وجدته الخطوة التطبيعية للحكومة السودانية من الداخل والخارج”.
ويضيف أن “تضامن الشعب السوداني وقواه السياسية مع شعب فلسطين ونضاله وتأييد حقوقه المشروعة، بجانب حركة التضامن في كل العالم من شأن كل ذلك أن يحاصر دعاة التطبيع ويجبرهم على التراجع التكتيكي، عن مواقفهم المعلنة، والكف عن الاندفاع غير المحسوب على طريق التطبيع.
ويوضح رزق، أن قرار التطبيع، الذي لم يصدر من إرادة داخلية، ولم يكن محل توافق وطني، ستبقى قِواه مُقيدة بالتزاماتها تجاه الإملاءات الخارجية، وفي مقدمتها التطبيع.
ويرى أن “اتباع سياسات الصندوق والبنك الدوليين، في ما يخص الاقتصاد.. يجعل التطبيع ونهج الاقتصاد الحر، وجهين لعملة واحدة، هي الاستسلام للإرادات الخارجية، والقطيعة مع الشعب وتطلعاته”.
ضغوط شعبية
** تطبيع تحت الضغط
يتفق عدد من المراقبين على أن التطبيع مع إسرائيل هو في الأساس ناتج عن ضغط أمريكي على السودان، وتم مقابل إزالة اسمه من “قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وهو ما يذهب إليه المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، في حديثه لــ”اليوم التالي”، قائلاً إن “خطوات التطبيع بين السودان وإسرائيل تمضي ببطء”.
وأضاف “لا أعتقد أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية يمكن أن يؤثر على التطبيع، باعتبار أن خطوة السودان جزء من صفقة إزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
يقول المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي السوداني، أمين إسماعيل مجذوب، “مشروع التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب جاء نتيجة لضغط وشروط لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وأضاف مجذوب، في حديثه لــ”اليوم التالي، “إذًا الظروف والوقائع التي تم فيها التطبيع ما زالت موجودة، وهي إرضاء الولايات المتحدة في المقام الأول، والمحافظة على إبعاد السودان من المقاطعة والعقوبات”.
ويلفت إلى أن هناك عوامل أخرى تجعل أمر التطبيع يسير بصورة “حسنة”، بالرغم مما يجري الآن في فلسطين من صراع ضد إسرائيل.
ويستطرد مجذوب، قائلاً على رأس هذه الأسباب، أن الحكومة الانتقالية في السودان ليس لها علاقة بما يدور في فلسطين والجماعات التي تقاوم إسرائيل.
وأردف “لأول مرة يكون هناك عدوان إسرائيلي على فلسطين ولا يكون السودان معلقاً أو مشاركاً بالاحتجاجات الواسعة في رفض واسع لهذا العدوان”.
ويشدد على أن التطبيع أصبح أمراً واقعاً مرتبطاً بكل “الجذَر”، الذي سيقدم للسودان في المستقبل حتى لا يتعرض لضغوط أو عقوبات أخرى.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 23 أكتوبر 2020، قرارا برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، حيث أدرجته واشنطن على هذه القائمة منذ 1993، لاستضافته آنذاك زعيم تنظيم “القاعدة”، أسامة بن لادن.
وفي اليوم نفسه، أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر الدين حينها، أن الحكومة الانتقالية وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي 14 ديسمبر 2020، أعلنت السفارة الأمريكية لدى الخرطوم بدء سريان قرار إلغاء تصنيف السودان “دولة راعية للإرهاب”.