أن تكون مناضلا من أجل وطنك وقائدا سياسيا، يعني أن تكون ناكرا لذاتك مضحيا بمصالحك الشخصية لا تبحث عن سلطة ولا مخصصات وإنما عن الإصلاح السياسي والاجتماعي الذي يدعم مسيرة بناء الدولة القوية المستقرة الموحدة والديمقراطية،وعليه حين تتحمل مسؤولية منصب يجب ألا تهتم كثيرا بأن تمحنك الدولة منزلا فارهافي أرقى الأحياء ولا سيارة فخمة من نوع اللانكروزر اوباما، ويجب ألا تطالب بمخصصات تجعلك تعيش مثل أثرياء النظام المخلوع من أموال الشعب،ولايجب أنتقارن نفسك بالآخرين الذين يستبيحون الدولة باسم المناصب، والمناضل الحقيقي لا يشعر بأن المخصصات التي منحت له لا تليق به ما دامت تضمن له مستوى مناسبا من الحياة، فليس هناك مخصصات تليق بالمناضلين وليسلعطائهم ثمن،وعليه كل من يعتقد أنه ناضل من أجل السودان ضد النظام المخلوع عليه أن يخدم هذا البلدبأقل تكلفة ممكنة وحقيقية. هنا تكمن متعة النضال.
حركات الكفاح المسلح التي وقعت اتفاقا مع الحكومة الانتقالية وعادت لتشارك فيها،مطلوب منها أن تتعامل مع الواقع السياسي بشكل مختلفوأن ترسخ لقيم الكفاحالحقيقية، وكنت أتوقع هذا منها ولكن كل مرة تثبت لنا أنها ما زالت تدور في فلك الثقافة السياسية التي أنتجها النظام المخلوع وهي التي تسيطر على عقول الغالبية من التنظيمات السياسية اليوم.
ورد في صحيفة الانتباهة خبر يقول،عطّلت مطالب امتيازية، أعضاء مجلس السيادة الجدد من الحركات، من أداء اليمين الدستورية، واستلام مهامهم إلاّ بمنحهم امتيازات خاصة تليق بهم،وقد رفضوا عدد 100 عربة آكسنت على الزيرو خصّصت لهم، ولمديري مكاتبهم، وموظفيهم وطالبوا بعدد 3 لاندكروزرات لهم، وتوسنات لمديري مكاتبهم، على أن يستقلّ بقية الموظفين الآكسنات، السؤال لماذا ربط أعضاء السيادي الجدد من الجبهة الثورية أداء القسم وبداية العمل بالامتيازات والسيارات،هل هم ناضلوا كل هذه السنين وفي النهاية يتوقف الأمر على امتيازات وسيارات.؟
السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا لماذا مائة سيارة وعدد الأعضاء الجدد ثلاثة فقط،وعلى من سيوزع هذا الرتل من السيارات فهذا عدد كبير حتى ولو التقسيم شمل المراسلة والغفير، ثم ما عيبها؟إنها سيارة جميلة وقيمة وتؤدي نفس دوراللاندكروزر.صحيح هي فخمة ولكن الفخامة الحقيقية تكمن في الشخص الذي يقودها، حقيقة هو أمر محبط أن يطلبمن يدعون الكفاح بسيارات فارهة لمجرد أنهم أصبحوا أعضاء مجلس سيادي،وأعتقد كان (يحردوها) أحسن بدلاً من رفضها بوضوح،طبعا فعلوا هذا ولسان حالهم يقول (مفيش حد أحسن من حد) أسوة بالأعضاء القدامى الذين هم أنفسهم تم نقدهم بشأن السيارات هذا، ولكن أعتقد مثل مالك عقار يمكن له أن يستغني عن سيارة الدولة بل ويجود عليها بمزيد من السيارات فنحن نعرف أنه رجل ثري جداً.
عموما القصة ما مخصصات وسيارات فارهة،فالمطلوب من حركات النضال هوأن تحقق معنى اسمها من خلال التمسك بقيم النضال الحقيقية ولا تنشغل بالمخصصات، ويجب عليها مراجعة نفسها حتى تتمكن من مواكبة متطلبات بناء الدولة السودانية الجديدة، فالطريق الذي خطته ثورة ديسمبر وهو طريق لن يسمح بمرور من لم يتخلصوا من ثقافة النظام المخلوع وأمراضه المزمنة التي يعاني منها كل الفاعلين السياسيين في الساحة السودانية بدون فرز وعلى من يريد الاستمرار الاستعداد ومعالجة نفسه وتحصينها.
جريدة الديمقراطي